( بيان بأسماء الوزراء الجدد وقائمة أخرى بأمراء المناطق الذين سيتم تكليفهم بأمر ملكي ) ، هذه إحدى الرسائل التي أتلقاها مع آلاف السعوديين على برنامج "الواتس أب" - الذي أضحى المكان المفضل لمستنقع الشائعات - ، وتعتبر نسبة الشائعات السياسية ضئيلة إذا ماقارنتها بالإشاعات النسائية التي تبدأ بالمعلومات الصحية المغلوطة من أسباب السرطان ووصفات التنحيف ولا تنتهي بالفتاوى المكذوبة والمقولات المختلقة ، مما اضطر كثيراً من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية لإصدار بيانات النفي المتلاحقة وليس آخرها نفي الشيخ بدر الراجحي سداد ديون المواطنين من تركة والده المتوفى . المجتمع يعيش حالة إدمانية مع ثورة التواصل الاجتماعي ، وصرنا في حالة من حالات الهوس التواصلي صرنا من خلالها نشحن هواتفنا من كهرباء أوقاتنا ، وهذه الأجهزة الذكية حولتنا إلى ريبوتات غبية ، نجتمع مع أسرنا فيزيائياً ونغيب ذهنياً وروحياً لأن عقولنا ذابت بين ثنايا هواتفنا !. لقد تغيرت حواس العصر ، فصرنا نتحدث بأناملنا ونبتسم بعيوننا والألسن أحيلت على التقاعد المبكر ، وصارت مجالس "الواتس أب" هي المجالس العصرية والاستراحات الذكية في هذا الزمن . برنامج "الواتس أب" سهل ممتنع يعمل على جميع أنظمة التشغيل والمنصات المختلفة استطاع أن يكون "المستعمر الجديد" لثقافتنا الاجتماعية ، صرنا بعده "كائنات واتس أبيه" تلهث خلف الغرائب أينما كانت ، حتى إننا لم نعد ندقق كثيراً بما تحمله هذه الغرائب من مخالفات شرعية وتعديات على خصوصيات الآخرين وكرامتهم ، فباسم "ثقافة المرح" نتبادل كل ماهو مسلٍ دون كنترول ، وعلامة الجودة لمضمون الرسالة يطبعه المعجب بجانبك عندما يقول :"أرسله لي" ، ونرسل الرسالة بزهو السبق دون التفكير بالإثم المتعدي الذي سيتضاعف مع كل رسالة معادة . وفي دراسة بسيطة لي أجريتها على عينة عشوائية لمتصفحي تويتر وجدت أن متوسط عدد القروبات بالواتس أب التي يشترك فيها الفرد بين أربع وخمس قروبات لم يحسب فيها المجموعات التي قامت بإضافتك رغماً عنك ، وطبعاً تختلف اللغة حسب كل مجموعة فالحديث مع الأصدقاء ليس كالحديث مع المجموعة العائلية . والمقاطع التي توفق في دخول اهتمام "الواتس أب" تحظى بمشاهدات فلكية ، وانتشار أي قضية في هذا البرنامج يحولها إلى قضية رأي عام تجبر باقي الوسائل بالتعاطي معها رغماً عنها ، فنحن أمام مطبخ خطير من مطابخ صناعة الرأي العام وإن كانت درجة الاحترام الجمعي له منخفضة . إننا بحاجة لتطوير في مستوى الوعي والذوق عند إرسال أو استقبال هذه الرسائل التي جعلتنا نتفاعل مع أمور كثيرة من حولنا ، وألاّ نتعامل بغباء مع برامجنا الذكية .