خدمة ال(واتس آب) على الهواتف الذكية جاءت لتقضي على ما تبقت من علاقات اجتماعية بين الناس وهي العلاقات التي كانت تعرضت للزعزعة من البلاك بيري والرسائل النصية قبل أن تقضي عليها الخدمة الهاتفية الجديدة التي حصرت العلاقات الاجتماعية في ضغطة زر. العالم يتطور تقنيا لدرجة أن الكرة الأرضية بحجمها الكبير تحولت إلى قرية كونية صغيرة مرئية لدى الكل، لكن النقلة خلقت آثارا سلبية في غاية الخطورة انعكست بصورة واضحة على بعض القيم المتعارف عليها، وباتت الصورة أوضح في عالمنا العربي التي تعرضت بفضل تلك النقلة التقنية الهائلة إلى زعزعة كبيرة في بعض تقاليدها الأصيلة. «عكاظ» استطلعت عددا من مستخدمي الهواتف الذكية وخدمة الواتس آب، وانعكاس ذلك على التواصل المباشر بين الأقارب فضلا عن انشغال الجميع بالخدمة حتى أثناء قيادة السيارات ما يعرضهم إلى مخاطر عظيمة. هايل محمد القحطاني قال إنه بدأ التعامل مع الواتس منذ 4 أشهر. وأضاف: «بدأت أتواصل مع مجتمعي منذ أربعة أشهر تقريبا، بعد إدخالي برنامج الواتس آب وتكوين قروب العائلة والأصدقاء، وأصبحنا في عالم واحد من التواصل وتناقل الأخبار السريعة، بعد أن كنت أكتفي بالمكالمات الهاتفية أو الزيارات في نهاية الأسبوع، ومع الوقت أصبحنا نتواصل في الدقيقة والثانية عبر رسائل الواتس آب». سلاح ذو حدين يتفق القحطاني مع الرأي القائل أن (الواتس آب) قضى على ما بقي من علاقات اجتماعية بين الأقارب والأصدقاء، فغابت اللقاءات المباشرة بينهم إضافة إلى أنه يتسبب في الكثير من الحوادث المرورية وهو ما يحدث، حيث تتحرك السيارات في الطرقات يمينا ويسارا بسبب انشغال قائديها بالواتس آب والجوال واستقبال الرسائل والرد عليها.ووصف وائل سعيد حمد خدمة الواتس آب بأنها طريقة حديثة وسريعة للتواصل السريع بين الأصدقاء والأقارب، ولكنه سلاح ذو حدين في جوانب انتشار الشائعات والمقاطع المخلة بالآداب، وهو أمر خطير خصوصا على صغار السن والفتيات الذين يتداولون المقاطع بسهولة مخيفة. وأضاف وائل: «أستخدم البرنامج للتواصل مع أصدقائي وإخواني الذين يتواجدون في مجموعة واحدة تحمل اسم العائلة، وأحرص كثيرا على عدم الانسياق خلف الشائعات المغرضة، ولا أعيرها أي اهتمام، فالواتس آب وسيلة سريعة لترويج الشائعات والسلوكيات الغريبة التي تقضي على أفكار الشباب وتؤثر عليهم». كلام في الإشارات فيصل شاكر حمد يرى أن الواتس آب وسيلة مهمة في التواصل بين الأصدقاء والأقارب لكنه في نفس الوقت أثر سلبا على العلاقات الاجتماعية المباشرة، حتى في الزيارات العائلية تجد الجميع منشغلون بالاطلاع على الواتس آب وتراهم منكبين عليه، وهو ما يحدث أيضا في الشوارع والمطاعم وداخل السيارات وفي الإشارات المرورية التي تتعطل بسبب الواتس آب ولا ترى سوى الابتسامات العريضة والتمعن في الرسائل الواردة والرد عليها، ما يؤدي إلى تعطل الحركة في بعض الأحيان. ويقول فيصل: «هذا ما حدث معي شخصيا حينما كنت خلف سيارة بها مجموعة من الشباب ننتظر أمام إحدى الإشارات، وحين أضاءت خضراء ظلت سيارة الشباب متوقفة، ولا تسمع غير الأبواق والملاسنات، هذه مشكلة حقيقية قد تخرج قائدي المركبات عن طورهم وكم من حادث مروري تسبب فيه الواتس آب». خالد الزهراني موظف في إحدى الشركات يرى أن تقنية الرسائل عن طريق الواتس آب أصبحت متاحة للجميع صغارا وكبارا، والأطفال سبقوا الكبار في التواصل، ثم مضيفا: «لم أدرك الركب إلا خلال أشهر وسبقني في بذلك الأبناء والأصدقاء، فوجدت نفسي مضطرا لإدخال الواتس آب والدخول في قروب العائلة والتفاعل معهم، ولا أخفيك أن التواصل مع الأقارب لم يعد كما في السابق وتقلصت اللقاءات والزيارت في إشارة إلى انعدام التواصل المباشر والاكتفاء بالرسائل المباشرة والسريعة عن طريق الواتس آب». عزلة اجتماعية من جهته، قال استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد: «إن التواصل بين الأفراد أصبح سهلا وبشكل متواصل وسريع وتداخلت العلاقات مع بعضها البعض، أصبح التواصل بالواتس آب أقرب وأسرع ويتم الاطلاع على أحداث ومناسبات الأسر بشكل سريع، غير أن له عيوبا، حيث انتهى دور اللقاء الاجتماعي المباشر وأصبح محدودا إلى جانب تفاقم حالات العزلة الاجتماعية وضعف الثقة بالنفس أو الرهاب الاجتماعي». ويعزو الحامد تزايد أعداد مخالفي استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة إلى اهتمام بعض السائقين في ظل توفر الأجهزة الذكية بقراءة رسائل الجوال والأخبار والتغريدات، مما يقلل تركيزهم على الطريق الذي عادة ما يحمل المفاجآت. 67 ألف مخالفة الناطق الإعلامي في مرور محافظة جدة المقدم زيد الحمزي كشف عن أن عدد مخالفات استخدام الجوال من السائقين أثناء القيادة بلغ 67.555 مخالفة خلال عام، منها 39.738 مخالفة للسعوديين، و 27.817 مخالفة لغير السعوديين، مشيرا إلى أن التحدث بالجوال أثناء القيادة يتسبب بالعديد من الحوادث المرورية ويكون قائد المركبة غافلا عن خط سيره وتحركه يمين ويسار وتكون المركبة غير مستقرة ما يحدث المفاجآت ويعطل الحركة بسبب انشغاله. وبين الحمزي أن هناك دوريات سرية لضبط مستخدمي الجوال أثناء القيادة للمحافظة على سلامة السائق والمشاة.