التعصب الرياضي أصبح ظاهرة تهدد الرياضة بشكل واسع، فهو من أهم القضايا التي تواجه الرياضة العالمية حيث إنه مصطلح عالمي يعني الإفراط والمبالغة في حب لاعب أوفريق معين في لعبة معينة بصورة تتغلب فيها العاطفة على العقل، ولا تكاد تخلو دولة في العالم من معاناته وتداعياته التي حولت مباريات كرة القدم من كونها لعبة شعبية محببة إلى ساحة تنافس وعراك منبوذة، وقد وصل الأمر بالمشجعين أحياناً إلى التعدي على الطرف الآخر بالضرب أو التعدي على ممتلكاتهم، وأحياناً عندما يزداد الأمر يصل إلى وقوع ضحايا سواء مصابين أو قتلى من خلال القتل العمد المباشر. وفي المملكة لا يختلف الأمر كثيراً حيث وصل التعصب الرياضي إلى أقصى الحدود خلال السنوات الأخيرة، وتجاوز الجمهور العادي ليصل إلى النخب الرياضية، ففي المباريات يأخذ الحماس المشجعين ويخرج بهم عن أطوارهم، حيث تتعدد مظاهر التعبير عن الفرحة بالفوز أو الضيق من الخسارة ويجهل الكثيرون أن الرياضة الحديثة باتت تمثل جزءً من حضارات الأمم وفنونها واقتصادياتها، وأن كل ذلك يمثل انعكاساً للثقافة التي تتمتع بها تلك المجتمعات الرياضية، وأن هذه المعطيات لا يمكن لها أن تحقق النجاح الكامل في ظل تنامي التعصب الأعمى والتشجيع اللا حضاري. ولم يأت حتى اليوم الذي نرى فيه الهلالي يشجع النصر في المحافل الخارجية، ونرى الأندية تدعم المنتخب، والصحافة هي صحافة وطن لا صحافة أندية، ونرى الحكام مبدعين والمنتديات تهتم بأنديتها ولا تسخر من الأندية الأخرى والمدرجات تمتلئ عند تمثيل فريق للوطن، كل ذلك يذهب مع روح التعصب الكروي الذي يملأ الساحات. ويشير العديد من الخبراء إلى أن هناك عوامل سلبية قائمة وكثيرة تشجع على انتشار التعصب الرياضي في المجتمعات، ومنها التصريحات الغير مسؤولة للمسؤولين الرياضيين، وتصريحات اللاعبين البعيدة عن إطار الروح الرياضية، التأثر السريع بالإعلام غير الهادف من خلال أعمدة الكتّاب المتعصبين، والتي تحمل طابع التعصب سواء كان ذلك من بعض محرري الصحف أو مرتادي المنتديات الرياضية ومقدمي البرامج خاصة في القنوات الفضائية وغيرها، على حسب ميول كل شخص للجهة التي يشجعها. كما يؤكد العديد من المختصين أن انتشار التعصب يرجع إلى قلة الوعي الرياضي لدى المشجعين وعدم الإلمام الكافي بالمعاني الحقيقية للتنافس الرياضي الشريف وحب الذات (الأنانية) والتي لا تقبل استقبال النقد أو الاستماع لوجهات نظر الآخرين، وتقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وهي مصلحة الوطن. ولعلاج هذه الظاهرة ينصح علماء النفس بضرورة ترسيخ مفهوم (رياضة الوطن أولا) في نفوس الرياضيين من خلال الندوات الرياضية واللافتات أثناء المباريات، وإبعاد كل من يحاول بقاء التعصب من الصحف الرياضية حتى تبقى صحفاتنا خالية من كتاب الميول، كما أكدوا على أن الزيارات المتبادلة بين الأندية إدارات ولاعبين وأعضاء وخصوصاً الأندية الجماهيرية يمكنها أن تغير الصورة الذهنية للمشجعين بشأن الخلافات بين النوادي ويمكن أيضاً إقامة لقاءات ودية بن الأندية الكبيرة يكون عنوانها نبذ التعصب الرياضي وتخصيص دخل هذه المباريات لدور الأيتام ومراقبة مواقع الأندية الإلكترونية. كما يجب أيضاً نشر الوعي دائماً بين المشجعين، وضرورة أن تكون المساهمة في دعم ناديهم بالتبرع المالي والتشجيع الحضاري ورسم صورة ثقافية عالية عن السلوك الرياضي المتحضر في المجتمع والبعد عن تشويه هذه الصورة.