فاجأ الروائي الدكتور ابراهيم الخضير المختص في الطب النفسي الحضور حين وجه انتقاده إلى الناقد محمد العباس الذي كان قد قدّم قراءة في روايته ،ووصف الخضير العباس بأنه لا يمتلك القدرة العلمية على التناول العلمي للحقائق النفسية والتفريق بينها، وأضاف «من المؤسف أن لدينا استسهالا لعلم النفس وحديثا بصورة خاطئة، وهناك من يقرأ كتابين ويشعر أن من الممكن أن يحلل رواية نفسية». ولم يكتف الخضير في ورقته التي قرأها مساء أمس الأول في جمعية الثقافة والفنون بالدمام بنقد العباس بل انتقد ايضا الكاتب الروائي تركي الحمد لاستسهاله هو أيضا الحديث عن الحالات النفسية وقال ان «لديه أخطاء فادحة». وأضاف أنه ذكر ذلك للحمد فاعترف به وقال انه لم يكن يتصوّر أن الأمور بهذا الشكل، وأكد أن كولن ويلسون حين كتب روايته «الحالم» رجع لكتب كثيرة ولمتخصصين كثيرين لكي يكتب هذه الرواية بشكل جيد. وتطرّق الخضيّر في ورقته التي قدّم لها الكاتب حسين الجنبي إلى الرواية النفسية وعرض أهم ما تناولته روايته «عودة الأيام الأولى» التي كان بطلها طبيبا نفسيا أيضاً، وذكر ظروف كتابتها، وأشار إلى استفادته من تخصصه «الطب النفسي» في كتابتها، وانتقد إهمال الثقافة والأدب عموما ناهيك عن الأدباء والمبدعين بخلاف الدعم الذي يلاقيه الأديب في الغرب وما يلاقيه المسرح من حفاوة، بل حتى في بعض الدول العربية، حيث قارن بين ما ينفق على الثقافة في مصر حيث ذكر أن ميزانية الثقافة تبلغ مليار جنيه في مقابل خمسين مليون ريال تنفق على جميع الأندية وجمعيات الثقافة في المملكة. وتحدّث الخضير عن الطفرة الروائية في السعودية مستشهدا برأي معجب الزهراني الذي يرى أن الكثير منها لا يتم الاحتفاظ به بعد قراءته بل يرمى في النفايات بحسب قوله، وقال الخضير ان الكثير من هذه الروايات يتم الاعتناء به والمبالغة في قيمته من قبل الإعلام ما يكشف عن الحال السيئة لصحافتنا القائمة على العلاقات والتي يهمل فيها الجيد الذي لا يمتلك العلاقات. وضرب الخضير مثلاً على ذلك بما لاقته رجاء الصانع من حفاوة مبالغ فيها بلغت إلى حد تركيز وسائل الإعلام العالمية عليها دون الالتفات إلى كتاب أكثر خبرة منها وعدّت من كبار الشخصيات التي ترافق عمرو موسى مع الوفد العربي حينها. ولفت الخضير إلى صلة علم النفس بالأدب وأشار إلى ندوة نظمها مع عدد من الأدباء والمختصين من لبنان ومصر في بيروت تناولت علاقة الأمراض النفسية بالإبداع وبالمبدع حيث تناولوا السؤال : هل الإبداع يقود إلى المرض النفسي أم أن المرض النفسي هو الذي يجعل الإنسان مبدعاً، مشيرا إلى أن هناك الكثير من المبدعين الذين عانوا من أمراض عقلية ونفسية، وبعضهم يساعده مرضه على خلط العوالم ويعزز من حالته الإبداعية، وبعضهم يقل إبداعه إذا ما تم علاجه. وضرب الخضير أمثلة لأدباء لديهم أمراض نفسية كهمنجواي الذي ختم حياته بالانتحار، وفرجينيا وولف وبلزاك، وقال ان أكثر من 70 شخصية من كبار الشخصيات في العالم لديها أمراض نفسية، وفي المملكة كان الشاعر حمد الحجي مريضا نفسيا يرقد في مصحة شهار في الطائف ويعاني من مرض الفصام، داعيا إلى ضرورة دعم هذا النوع من المبدعين في السعودية. وفي جانب من المداخلات تساءل الكاتب محمد المرزوق عن مدى إصابة الأطباء النفسيين أنفسهم بالأمراض النفسية فأجاب الخضير ان مقولة انهم معرضون أكثر من غيرهم هي مقولة شائعة لكنها غير مثبتة علميا ولم تجر عليها دراسات والثابت انهم معرضون كغيرهم للإصابة بالأمراض النفسية، لكنه تحدث عن فرويد وقال ان لديه مشكلة نفسية إلا أن من قام بعمل اختبار لتحليل حالته النفسية رفض الكشف عن نتيجة اختباره ولكن ما كتب عنه يثبت أن سلوكه لم يكن سويا بالرغم من أنه إنسان استثنائي ومن الشخصيات القليلة المؤثرة عالمياً.