ضمن الأنشطة التي يقدمها النادي الأدبي الثقافي بالرياض، يقيم النادي ولمدة ثلاثة أيام في الفترة المسائية بمقر النادي، دورة تدريبية مجانية في ( الرواية العالمية ) يقدمها الدكتور إبراهيم الخضير، وقد انطلقت فعاليات الدورة من مطلع هذا الأسبوع وتختم مساء اليوم، وتهدف الدورة إلى قراءة واقع الرواية عالميا من منظور نفسي وبعد اجتماعي، فيما تناول اليوم الثاني الأدب الآسيوي، أما مساء اليوم فسيكون عن الترجمة الروائية من اللغة العربية إلى لغات عالمية والترجمة إلى العربية. وقد تناول د. الخضير في أول أيام الدورة الرواية وعلم النفس، والعلاقة الوطيدة بين الرواية وعلم النفس الاجتماعي، مستعرضا ما قدمته مدارس علم النفس في حقول اجتماعية شتى يأتي في مقدمتها ( الإبداع الروائي من منظور نفسي). وقد استعرض المدرب خارطة الرواية العالمية عبر القرنين التاسع عشر والعشرين، مستحضراً الكثير من الوقفات الجوهرية حول العديد من تلك الروايات، ومستعرضاً الكثير من المنعطفات الإبداعية من بعد نفسي عند العديد من الروائيين المبدعين عالميا، وما تشكل بين أيديهم من روايات راجت عالميا في ظل ما كان يحيط بهم ويسكن أعماقهم النفسية، وما عاناه العديد من الروائيين العالميين من الاكتئاب، الذهول، العزلة، الاضطرابات النفسية، انفصام الشخصية . وقد استنطق المدرب أغوار روائية نفسية فتش من خلالها بأدواته في أعماق الذات الروائية، ومحللا العديد من الشخصيات الروائية، وخاصة تلك الشخصيات التي كان ينظر إليها المجتمع من قبيل المرض النفسي. كما تطرق د. الخضير إلى الجانب المدرسي في علم النفس، وفي مقدمة ذلك المدرسة الفرويدية، وما أحدثته هذه المدرسة من كشف وبحث في أعماق الروائي، بين الوعي واللا وعي، مشيرا إلى ما قدمته المدرسة النفسية في هذا المضمار وما صاحب ذلك عند صاحب مدرسة التحليل النفسي - فرويد - وتلاميذه من بعده مختتما اليوم الأول من الدورة بالحديث عن مسألة التأثير والتأثر للروائيين المعاصرين في المشهد العالمي . ( ثقافة اليوم ) كان لها عدد من التساؤلات مع د. الخضير، الذي أكد بأن علم النفس أو ما يسمى بالطب النفسي، تطور بشكل كبير فيما يتعلق بعلاقته بتحليل الإبداع الأدبي سواء الشعري أو السردي، مشيرا إلى أن الطب النفسي وصل إلى استخدام نظريات عن طريق الحاسب الآلي من خلال نصوص الكتاب، والكشف عن ذات المبدع من خلال نتاجه، وبالتالي الكشف عما قد يعانيه من صراعات نفسية أو أمراض من خلال تحليل نص الكاتب نفسيا. من جانب آخر وصف د. الخضير بأن مدارس علم النفس لا تزال قائمة، وذات منهج متنام عالميا، على نقيض ما جاءت به البرمجة اللغوية العصبية ( n.l.b ) مؤكدا على ما تعانيه من قصور وفقر في دراسة النفس البشرية بأدواتها التي تبنتها والتي وصفها د. إبراهيم بأنها لم تكن علما، لكونها لا تتجاوز أن تكون اجتهادات لأشخاص ليسوا بعلماء في مجالهم، مما جعل البرمجة اللغوية مهنة من لا مهنة له، الأمر الذي أقصاها عن العلمية والمنطقية، والبحث عن الأهداف التجارية مما جعلها تخبو وتنتهي إلى لا شيء. وقال د. إبراهيم: الموهبة لا يمكن تعليمها لكونها تولد مع الإنسان ، لكنها تصقل وتنمى عن طريق التعلم والمثاقفة وطلب المعرفة، مؤكدا على أن الإنسان لا يمكن أن يكون مبدعا ما لم يكن موهوبا، مشيرا إلى أن المبدع يبدع دونما هدف مرسوم في ذهنه مسبقا بشكل محدد، لكون المبدع ممارسا للإبداع من خلال ما يتشكل في اللا وعي لديه، فالطيب صالح – رحمه الله – بدأ يكتب رواية بوليسية لكنها انتهت إلى ( موسم الهجرة إلى الشمال) التي أصبحت من أفضل الروايات العالمية.