كرست نتائج الانتخابات النيابية في الأردن الانقسام الوطني حيال جدية انجاز عملية الإصلاح السياسية والاقتصادية، مخالفة - بذلك - ما طمحت إليه السلطات الرسمية من تجاوز لحركة الاحتجاج المستمرة منذ نحو عامين. وعلى غير ما اشتهت السلطات الأردنية، باتت نتائج الاقتراع "الأكثر إثارة للجدل" في تاريخ الانتخابات الأردنية بعد عودة الهيئة المستقلة للانتخابات، المشكلة حديثا، إلى اعتماد النتائج الأولية لعملية الفرز في تحديد أعضاء المجلس النيابي الجديد. "الهيئة" لم تجد مخرجا من مأزق "المقعد 27"، الذي أثار موجة سخط على مجريات الانتخابات الأردنية، إلا بالإعلان أمس الاثنين، وبعد خمسة أيام على فرز أصوات الناخبين، أن "النتائج الأولية لعملية الاقتراع ستعتمد كنتائج نهائية للانتخابات النيابية". وشكل "المقعد 27"، المخصص للدائرة العامة (القوائم)، نقطة إشغال للأوساط الشعبية والحقوقية والرسمية على حد سواء، وهو المقعد الذي احتفل بالفوز به المرشحون عبلة أبو علبة، زعيمة قائمة القوى اليسارية والقومية، وحازم قشوع، الوزير الأسبق وزعيم قائمة المواطنة. قشوع وأبو علبة قضيا خمسة أيام بين الاحتفال بالفوز ومماحكة السلطات ومراجعتها حول نتيجة الاقتراع لهما، فيما قررت الهيئة المستقلة للانتخاب، في مؤتمر صحافي ظهر أمس، إعلان قشوع نائبا وخسارة أبو علبة للانتخابات، التي كانت قد أعلنت رسميا فائزة بها في وقت سابق. وبدأت قصة "المقعد 27" بعد إعلان الهيئة صبيحة الخميس الماضي فوز قشوع بالنيابية، فيما استطاعت أبو علبة الحصول على صورة توثق نتيجة عملية فرز الأصوات للقائمة العامة، استطاع مراقب لجهة حكومية التقاطها بآلة تصوير ادخلها إلى قاعة الفرز خلسة، وزودها بها، ما دفع الهيئة إلى التراجع عن نجاح الوزير الأسبق قشوع وإعلان أبو علبة فائزة، الأمر الذي استدعى تدخل الأجهزة الرسمية، ليعلن فوز قشوع مجددا، ومن ثم أبو علبة، لتتكرر العملية عدة مرات خلال الأيام الماضية، ويعلن فوز الوزير الأسبق أمس بشكل نهائي. وقال رئيس الهيئة د.عبد الإله الخطيب، خلال المؤتمر الصحافي أمس، إن "حداثة النظام الانتخابي أسفرت عن تأخر إعلان نتائج الاقتراع، والارتباك الحاصل". بيد أن تبريرات الهيئة، وإعلانها الأخير، لم تقنع أبو علبة، التي لوحت باللجوء إلى القضاء لإنصافها، وفق تصريح ل "اليوم"، معتبرة أن ما حدث "لم تشهد دولة مثيلا له". وفي المقابل، وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان نقدا لاذعا لمجريات عملية الاقتراع والفرز، مطالبة العاهل الأردني، بوصفه رئيسا للسلطات الثلاث بالتدخل ووقف ما وصفته ب "المهزلة". وطالب رئيس المنظمة المحامي عبد الكريم الشريدة، خلال مؤتمر صحافي، ب "حل مجلس النواب وإعادة الانتخابات، وتكليف القضاء بالإشراف على العملية الانتخابية"، داعيا إلى التثبت من شرعية المجلس الجديد عبر "استفتاء شعبي".