تسود عالمنا الاقتصادي اليوم فلسفة قوية مضمونها أن التكتلات والشركات الكبيرة تستطيع مواجهة المنافسة وافتراس المنافسين الصغار، لذا في عصرنا المليء بالتحديات الكثيرة والمعقدة في ظل العولمة الاقتصادية نرى ضرورة قيام كيانات كبيرة تضيف ميزات تنافسية تساعد شركاتنا الصغيرة والمتوسطة الحجم، بل والكبيرة منها على مواكبة التغيرات العالمية لتضيف قيمة تنافسية لاقتصادنا الوطني، وذلك من خلال أنظمة تحمينا من الاحتكار وتشجع على مؤازرة شركاتنا الوطنية. وما نشهده اليوم من تغيرات اقتصادية محلية وعالمية تتطلب المزيد من التفاعل الايجابي الذي يزيد اقتصادنا قوةً وثباتاً لبناء منافسة مستدامة. من هذا المنطلق يعد الاندماج بين الشركات الوطنية حاجة ملحة لقيام تآزر يزيدها قوة تساعد على تنمية حصتها في الأسواق بين الشركات المنافسة. يجب ان يكون الاندماج بين شركات التأمين في المملكة رؤية إستراتيجية تهدف لتحسين الأداء التنافسي لهذه الشركات من خلال التكامل بين شركتين أو اكثر لتكوين شركة كبيرة تتآزر فيها قدراتها المتكاملة لبناء قدرات تنافسية أكبر مما هي عليه قبل اندماجها. واليوم يدرج في السوق المالية السعودية 33 شركة تأمين صغيرة ومتوسطة وكبيرة الحجم من حيث الاستثمار الرأس مالي، حيث أدرج منها 32 شركة بعد انهيار السوق المالية. ومعظم هذه الشركات لم تحقق أرباحاً حتى الآن لأسباب كثيرة منها عدم الحصول على التراخيص اللازمة لممارسة أعمالها وضعف التسويق وعدم كفاءة إدارتها التنفيذية وصغر حجمها وقلة السيولة، لذا أرى أهمية للاندماج بينها قبل تفاقم الخسائر وتجميدها في سوق الأسهم السعودية كما حدث لشركات أنعام الدولية وبيشة الزراعية والمعجل وعذيب. ويجب ان يكون الاندماج بين شركات التأمين في المملكة رؤية إستراتيجية تهدف لتحسين الأداء التنافسي لهذه الشركات من خلال التكامل بين شركتين أو اكثر لتكوين شركة كبيرة تتآزر فيها قدراتها المتكاملة لبناء قدرات تنافسية أكبر مما هي عليه قبل اندماجها. القوة التآزرية من خلال الاندماج تساعد الشركات على النجاح والبقاء والاستمرار في السوق، لكنها قد لا تنجح عندما لا تتوافر الظروف المناسبة للاندماج. وتعد رسالة التأسيس للشركة الأساس لنجاح الاندماج بينها وبين شركات أخرى لأن تجانس الرسالة المؤسسية تزيد نسبة نجاح الاندماج بينها. تناسق الثقافة المؤسسية للشركتين المندمجتين في ثقافة مؤسسية واحدة يعتبر خاصية أساسية لنجاح الاندماج بينهما، لذلك يجب أن تتقارب هذه الثقافة لدعم الاندماج. ومن الأهمية أن يكون الاندماج هادفاً يحقق المكاسب للشركتين المندمجتين ويضيف قوة أكبر مما كانت عليه الشركات قبل اندماجها. وللهيئة الإدارية دور أساسي في تسهيل الاندماج وتفعيل خطة الاندماج التي تحقق الأهداف المأمولة منه. تشير الدراسات في الدول الصناعية المتقدمة إلى مساهمة إدارة الشركات المندمجة في فشل الاندماج بينها بسبب الصراعات حول أهدافها وسياساتها وطريقة إدارتها وكيفية صناعة القرار والثقافة المهيمنة على الكيان الجديد بعد الاندماج. وسأكمل الحديث عن ضرورة الاندماج بين شركات التأمين في العدد القادم إن شاء الله. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]