حذّر اقتصاديون من تسارع وتيرة اندماج الشركات، مشيرين إلى أن له سلبيات، خصوصاً في ما يتعلق باحتكار السلع ورفع أسعارها، مشيرين في حديثهم إلى «الحياة» إلى أن الاندماج يحمي الشركات من الإغلاق. وقال رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية الدكتور محمد شمس: «هناك نوعان من الاندماج، يتلخص الأول في اندماج الشركة مع شركة أخرى على أساس الإدارة والأرباح وتكون شركة مشتركة، فيما يتمثل النوع الثاني في الاستحواذ من خلال تملك شركة لأخرى، حتى إن معالم الشركة المشتراة تختفي بحيث تصبح جزءاً من الشركة الأم». وأوضح أن أضرار الاندماج والاستحواذ تتلخص في تسريح العمالة أو خفضها، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع البطالة في البلاد. وحذّر شمس من أن زيادة معدلات الاندماج والاستحواذ تخفض المنافسة في السوق، وهو ما يتسبب في ارتفاع أسعار المنتجات والسلع والخدمات، إذ يقود هذا النظام إلى الاحتكار. غير أنه استدرك يقول: «لا بد للشركة التي تجد نفسها في وضع ضعيف من أن تندمج مع أخرى». واعتبر أن «الوقت الآن مناسب لاندماج الشركات، فالاندماج يكون أكثر من الاستحواذ، فالأول لا يكلف الشركتين المندمجتين الكثير ويعطيهما قوة اقتصادية». من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة إبراهيم فيلالي: «كلما تم الاندماج بين منشأتين أو أكثر من المفترض أن تنخفض التكاليف، وهذه فائدة للمنشأة نفسها». وأوضح أن «المشكلة تكمن إذا ظهرت قوة احتكارية، وهذه تنتج من كثرة الاندماج التي تضر بالمستهلك، وهنا تبدأ الاحتكارات برفع الأسعار، وتتحكم الشركات في الكميات، وتجعل السوق تحت إرادتها»، معتبراً أن الوقت الحالي مناسب للاندماج. أما رئيس دار الدراسات الاقتصادية في الرياض الدكتور عبدالعزيز داغستاني، فأوضح أنه «يجب أن نفرق بين الاندماج والاستحواذ، ومجال الاستحواذ والاندماج في الصناعات الغذائية واسع، ونحن نتوقع أن نشهد اندماجات واستحواذات أخرى في هذا القطاع». وأشار إلى أن «القطاعات الأخرى قد لا يكون فيها مبرر للاندماج مثل البتروكيماويات والأسمنت، وأعتقد بأن أكثر قطاع مرشح لحدوث اندماجات في المستقبل هو قطاع التأمين: «الآن لدينا عدد كبير من شركات التأمين، ولكنها تعاني من ضعف الإدارة، وبعضها لديه شراكات استراتيجية مع شركات في الخارج، وبالتالي استطاع أن يبني نوعاً من الخبرة، وهذا ينعكس على الأداء في السوق، ومثل هذه الشركات تكون مؤهلة لتستحوذ على شركات ضعيفة». وذكر أن انعكاس الاندماج على الاقتصاد يكون إيجابياً، لأنه في حال الاستحواذ أو الاندماج يكون الكيان الجديد أقوى، ويصبح قادراً على الاستفادة من ميزات الحجم الكبير للكيان الجديد، وبالتالي هذا ينعكس على ربحية الوحدة الإنتاجية الجديدة، وعلى حسن استثمار واستغلال الموارد ورأس المال. وأشار إلى أن الوقت مناسب حالياً للاندماج في بعض القطاعات غير الغذائية، مثل قطاع التأمين فهو لم يشهد اندماجات واستحواذات. وعن طرح بعض المحللين لاندماجات بين شركات الأسمنت، قال: «اعتقد أنها فكرة غير مجدية حالياً، لأن شركات الأسمنت محدودة، ثم إنها تستفيد من موقعها الجفرافي، لذا فإن اندماجها لا يعطيها أي ميزة اقتصادية».