لا يزال الغموض يلفّ حصيلة العملية التي شنّتها القوات الجزائرية لتحرير الرهائن الذين كانت تحتجزهم مجموعة إسلامية مسلحة في مصنع للغاز في عين امناس، الا ان التصريحات الاولى لوزير الاتصال الخميس تحدثت عن تحرير «عدد كبير» من الرهائن وسقوط «بعض القتلى». وقال وزير الاتصال الجزائري محمد السعيد في تصريح تلاه عبر التليفزيون الحكومي مساء الخميس غن العملية سمحت بتحرير عددٍ كبير من الرهائن الجزائريين والأجانب (...) والقضاء على عددٍ كبير من الإرهابيين الذين حاولوا الفرار»، معربًا عن الاسف لسقوط «بعض القتلى». واضاف «ليس لدينا الحصيلة النهائية والعملية متواصلة لتحرير باقي الرهائن». واكد السعيد ان الحكومة ستعلن الحصيلة النهائية «فور الحصول عليها». ومساء الخميس أعلن مصدر محلي لوكالة الانباء الجزائرية ان العملية العسكرية انتهت، قبل ان تعود الوكالة وتؤكد مرة اخرى ان الجيش ما زال يحاصر بعض الخاطفين مع الرهائن في موقع مصنع الغاز. واكد الوزير ان السلطات الجزائرية «تمسّكت بالحل السلمي إلى غاية صباح الخميس». واضاف: «أمام تعنّت الخاطفين المسلحين قامت القوات البرية بمحاصرة الموقع واطلقت نيرانًا تحذيرية». وتابع: «أمام إصرار الخاطفين الواضح على محاولة مغادرة الجزائر مع الرهائن الأجانب نحو دولة مجاورة لاستخدامهم كورقة ضغط وابتزاز قامت القوات البرية بمهاجمتهم». وبينما أكدت الجزائر عبر وكالة الانباء الجزائرية تحرير 600 من مواطنيها و4 أجانب في العملية أعلن الخاطفون عن مقتل 34 رهينة بينهم غربيون. وأعلنت المجموعة المسلحة أن قائدها «أبو البراء» قتل في هجوم الجيش مع عدد من الخاطفين. وكان أبو البراء هو مَن كشف أن عدد الرهائن الاجانب «في حدود 41» وينتمون إلى عشر دول هي النروج وفرنسا والولاياتالمتحدة وبريطانيا ورومانيا وكولومبيا وتايلاند والفلبين وايرلندا واليابان وألمانيا. وأعلنت اليابان امس ان ثلاث رهائن يابانيين باتوا «في أمان»، في حين لا يزال 17 آخرون في عداد المفقودين. كما اعلنت السلطات الايرلندية الخميس نجاة مواطن أيرلند كان بين الرهائن وهو ستيفن ماكفاول عمره 36 سنة ويتحدر من اقليم ايرلندا الشمالية البريطاني. واوضح المتحدث باسم الحكومة يوشيهيدي سوغا للصحافيين ان الشركة اليابانية جاي جي سي التي تعمل في الموقع ابلغت وزارة الخارجية بهذه المعلومة، دون ان يوضح ان كان الثلاثة المحررون من بين الاربعة الذين اعلنت عنهم الجزائر. وكشف موقع صحيفة الشروق الجمعة عن هوية اول قتيل جزائري في العملية ويتعلق الامر بحارس بوابة مصنع الغاز واسمه محمد الامين لحمر. ونقلت الصحيفة عن زملاء محمد الامين انه قتل برصاصة في الرأس اطلقها المهاجمون عندما رفض فتح البوابة لمرور الحافلة التي كانت تقل الخاطفين ورهائنهم الاجانب الى داخل الموقع. ويعمل في موقع الغاز القريب من الحدود الليبية (1600 كلم جنوب شرق الجزائر) 700 عامل أغلبهم جزائريون لصالح شركات «بي بي» البريطانية والنروجية ستايت اويل والشركة الجزائرية سوناطراك. ووصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الوضع بأنه « خطير جدًا وغامض جدًا ومتقلب جدًا». ودعا كاميرون البريطانيين إلى «الاستعداد لإمكانية تلقي أنباء سيئة». وكان المتحدث باسم كاميرون أعرب عن اسفه لعدم قيام السلطات الجزائرية بإبلاغه مسبقًا بالعملية التي شنّتها قواتها المسلحة الخميس لتحرير مئات الجزائريين والأجانب المحتجزين. كما اكد مسؤول امريكي لفرانس برس ان الولاياتالمتحدة لم يتم إعلامها مُسبقًا بعزم السلطات الجزائرية شنّ عملية لمحاولة تحرير الرهائن. وقال: «لم نكن على علم مسبقًا بالتدخّل الجاري»، مضيفًا ان المسؤولين الامريكيين «شجّعوا بقوة» السلطات الجزائرية على وضع سلامة الرهائن كأولوية. ومن جهته قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان أزمة الرهائن الذين اختطفتهم مجموعة مسلحة في الجزائر «تطوّرت كما يبدو بشكل مأساوي». واشارت الصحافة الفرنسية امس الى «حزم» الجزائر في تعاطيها مع قضية احتجاز رهائن في موقع إنتاج الغاز في «عين امناس» معتبرة ان هذه القضية تشير الى «تدويل» النزاع مع الارهاب في الساحل. وفي اليابان.. قال كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية امس الجمعة ان رئيس الوزراء شينزو أبي ألغي جزءًا من رحلته في جنوب شرق آسيا - وهي الاولى له خارج البلاد منذ ان تولى منصبه - وانه يدرس العودة الي اليابان مبكرًا بسبب ازمة الرهائن في الجزائر. وقال يوشيهيدي سوجا: العمل الذي قامت به القوات الجزائرية أمر يؤسف له، مضيفًا ان الجزائر لم تبلغ اليابان بالعملية قبل حدوثها. وأكد سوجا نجاة ثلاثة موظفين يابانيين يعملون لشركة «جيه.جي.سي» الهندسية اليابانية في منشأة الغاز الجزائرية لكنه قال ان مصير 14 آخرين لم يُعرف حتى الآن. وكانت كتيبة «الموقعون بالدم» قد اقتحمت مجمع الغاز في عين أميناس (1600 كلم جنوب شرق الجزائر) الذي يعمل فيه سبعمائة شخص أغلبهم جزائريون، وتديره شركات «بي بي» البريطانية و»ستات أويل» النرويجية و»سوناطراك» الجزائرية، وأخذت العمال رهائن، مطالبة بإيقاف العملية العسكرية الفرنسية في مالي شرطًا لإطلاق سراحهم. وقال المتحدث باسم «الموقعون بالدم» من داخل مكان الاحتجاز لوكالة نواكشوط للأنباء إن الكتيبة حاولت نقل بعض الرهائن إلى مكان آمن عبر سيارات الشركة التي يعملون بها، لكن الطيران الجزائري قصف وينتمي الخاطفون لمجموعة تطلق على نفسها اسم «كتيبة الملثمين» يقودها خالد أبو العباس الملقب بمختار بلمختار والمعروف بالأعور، والمرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.