لا توجد شريحة من الناس كلها أتقياء ملائكة، ولا توجد شريحة أخرى كلها شياطين. أغلبية الناس طيبون ومحترمون، والسيئون أفراد، يتلبسهم الفكر الحزبي السياسي المصلحي، ويصبحون أداة لدعاة الفتنة وأبواقه وأهوائه. والذي يحدث أن الفكر الحزبي يضلل الطيبين ويشحن عواطفهم، ويؤثر عليهم بدعاياته، ويطرح شعارات تدغدغ أماني الناس الطيبين ويصور نفسه أنه المنقذ وأن الآخر وحش يود التهامهم. ما حدث في البحرين اختلط فيه الحزبي بالعاطفي بالأماني بالتضليل بالخيالات الطوباوية. وخطف دعاة الشر والفتنة صوت الطيبين. وبين كم المأساة والسوء يخرج أشخاص من تحت الرماد ليضيئوا شمعة الأمل والحق والنور. والذي يحدث أن الفكر الحزبي يضلل الطيبين ويشحن عواطفهم، ويؤثر عليهم بدعاياته، ويطرح شعارات تدغدغ أماني الناس الطيبين ويصور نفسه أنه المنقذ فقد روى أستاذ في جامعة البحرين، أنه حينما تعرضت الجامعة لغزو المتظاهرين الذين كانوا يودون تصفية حسابات مع آخرين، وحينما تواجه الجمعان، انبرت الدكتورة سون كريمي، وهي حسبما فهمت شيعية المذهب (من أصول إيرانية)، ودكتورة أخرى سنية، وتحدثتا إلى الجانبين، وأوجعت كل منهما مجموعتها بكلام قاس ولوام. حتى تمكنت الأستاذتان من تفريق المجموعتين وعودة الهدوء. ونجحت السيدتان الكريمتان في تجنب مواجهة قد تسفر عن قتلى وجرحى وحقنتا الدماء الزكية. نجحت السيدتان لأنهما ليستا محزبتين، وتحدثتا بكلام عاقل ومنطقي كان يخاطب عقول الشباب وليس عواطفهم، فنجحتا في الخير والسلام، مثلما نجح الإعلام الحزبي في نشر الشر وتأجيج العواطف واجترار مفردات قواميس الكره. إذا استمعت إلى قنوات الشحن الحزبي و«الشهود» !، فإن البحرين ليست موجودة الآن، والبحرينيون قد أبيدوا، بقصف المقاتلات، أو غرقوا في مياه الخليج ولم يتبق من البحرينيين سوى مذيع التلفزيون. وتحدث كثيرون عن جيوش تخوض حرباً أواراً ومعارك ضارية تحدث في شوارع البحرين ومدنها وقراها، بينما لم يرد حتى الآن سوى مقتل ثلاثة أشخاص وشرطيين فقط. هذا يعني أن الذي يخاطب العقول ينجح في نشر السلام والمحبة بين الناس، بينما الذي يخاطب العواطف ويضلل ينجح في نشر الفتنة وإشعال نيران الشر. وتحدثت السيدة الكاتبة والإعلامية البحرينية سوسن الشاعر إلى تلفزيون البحرين، عن الضوء الذي كان يشع في عالم الظلام، وقالت أن شهوداً ثقات تحدثوا إليها وقالوا أن أطباء وممرضين شيعة في مستشفى السليمانية أدوا واجبهم الإنساني نحو جميع المرضى دون تمييز ولم يتأثروا بالأحداث كما لم ينساقوا وراء أفراد من زملائهم «محزبين» مارسوا تمييزاً وتحزباً وأساءوا إلى مهنتهم وطائفتهم ودينهم. وقد أوردتهم هذه النماذج البحرينية الحقة الخيرة كي لا نقع في خطيئة التعميم وتلبيس الكل أخطاء آخرين. وكي تلمع البحرين اللؤلؤة في عتم الظلام. وتر البحرين..درة الخليج.. ولؤلؤة البحر.. كيف تتحولين، يا شمس دلمون، إلى مرجل كره. وكيف يتحول البحرينيون الرائعون المبدعون إلى حملة سكاكين، وقطيع يوجهه دعاة الفتن. [email protected]