البحرين وريثة حضارة دلمون العريقة، أرض الخلود، حيث تشرق الشمس وتتعانق الأساطير، عادت امس بإنعاش التاريخ الحديث، لتعانق البطولة الرمز التي سبقت ومهّدت للوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي وصاغت الحلم واقعًا قبل 43 عامًا، عادت من جديد البطولة إلى جذورها، وإلى مهد انطلاقتها. في أجواء احتفالية يختلط فيها التاريخ بالجغرافيا، والفلوكلور والتقاليد والتراث، بآخر معطيات الحضارة والعمران. ** حضور ملكي كريم من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى يترجم الاهتمام الرسمي الشعبي والتاريخي للبحرين بهذه البطولة التي انطلقت من أرضها عام 1970 دورات الخليج بالنسخة الأولى، في ولادة عملاقة لبطولة شاءت إرادة شعوب وحكام الخليج أن تولد لتبقى، وأن تستمر وتزدهر، وأن تصبح عبر انتظامها، وتصاعد الاهتمام بها،أكثر من مجرد بطولة . ■■ هذه المرة الرابعة للبحرين التي تنظم فيها البطولة، فماذا يخبئ لها التاريخ هذه المرة، بعد مركز ثانٍ في المرة الأولي، وظهور خجول ومتواضع في المرة الثانية عام 1986 بمركز خامس قبل أخير، ثم تكرر الأمر ذاته بصورة أكثر درامية في المرة الثالثة عام 1998، وهل يقبل الجمهور البحريني للمرة الرابعة كأس التنظيم المثالي التي اعتاد عليها؟!
■■ أؤكد ما قلته من قبل إنه لم يعُد هناك فارق بين كبير وصغير أو قوي وضعيف في كأس الخليج وأن تصنيف الفيفا لم يعُد معيارًا لتحديد مستويات المنتخبات المشاركة، وأكرر ما قلته عن أن القرعة جاءت عادلة من وجهة نظري، وستبقى عادلة في كل مرة كما أرى، لأن المستوى تقارب كثيرًا بين الدول المشاركة في البطولة، وحتى المنتخب اليمني الشقيق الأضعف نسبيًا، فليس مضمونًا الفوز عليه، وسبق له أن أحرج او تعادل مع العديد من المنتخبات الأخرى.. وربما يكون مفاجأة في البحرين. ■■ ولكني أتراجع عما قلته عقب إجراء القرعة عن أن أبرز العناصر التي ستتحكّم في المنافسات، هي اوضاع المنتخبات الثلاثة المشاركة في الدور النهائي لتصفيات آسيا المونديالية، طبقًا لنتائجها في الجولة السادسة في التصفيات، ورغم خسارة عمان أمام اليابان وفوز قطر على لبنان والعراق على الاردن، فإن تلك النتائج لن تؤثر كثيرًا على معنويات ونفسيات هذه المنتخبات الثلاثة القوية، بل ستتأثر فقط بالحالة البدنية والفنية لها. ■■ ولا أتجاهل تحفز المنتخب الأحمر المضيف لانتزاع لقبه الأول بعد انتظار طويل جدًا، وربما سيطول أكثر إذا لم يتحقق هذه المرة، ولا أنكر أن هناك منتخبات لها باع كبير مثل المنتخب السعودي الباحث عن حفظ لماء وجهه أمام جمهوره ومحبّيه داخل السعودية وخارجها، وكذلك مدربه الشهير رايكارد الذي لم تكن محصّلته بقدر شهرته وما يستلمه شهريًا من راتب عالمي، ولا أتناسى المنتخب الاماراتي وقائده الموهوب مهدي علي في خلطته الشابة التي تنبئ بإنطلاقة مارد، وأخيرًا لا يمكن أن نتجاهل حامل اللقب، المنتخب الأزرق الكويتي العملاق التاريخي لكأس الخليج بعشرة ألقاب تؤكد أنه المتخصص ومالك الأسرار والطرق الفنية لحل شفرة البطولة مهما كانت حالته.