حبانا الله بنعمة النفط، تتفجر من باطن أراضي المملكة، لتوفر لدول العالم كافة، الطاقة التي يحتاجها، لتسيير أعماله ومشاريعه، وتجلب لنا الخير والوفير، فلله الحمد والمنّة، ولكن ماذا نفعل إذا أصيب هذا النفط بمكروه، لا قدر الله، وتراجعت أسعاره، أو قل إنتاجه، أو تعرض لكارثة طبيعية، هددت كمياته المستخرجة من تحت الأرض، أو المخزنة هنا أو هناك، أو رأت الدول التي هي في حاجة إليه «اليوم»، أنها تستطيع أن تستغني عنه في «غداً»؟. تتذكرون معي طفرة النفط الأولى في سبعينات القرن الماضي، وتدفق خلالها الذهب الأسود بكميات تجارية، والطفرة الثانية في 2005 و2006، عندما وصل سعر البرميل 148 دولارا، وبين الطفرتين، حدثت تذبذبات وتراجعات للنفط، أسوأها في 2007 عندما هوت الأسعار إلى ما يقرب من 40 دولاراً للبرميل، في أعقاب الأزمة العالمية، ونجا المخزون السعودي في اليابان قبل أيام، من كارثة كانت ستلحق به جراء الزلزال الذي ضرب شمال البلاد. ولا أبالغ، إذا أكدت أن المملكة تستطيع، أن تحافظ على مكانتها ومركزها، كمصدر أول لتوفير الطاقة في العالم، سواء كانت نفطاً أو غيره، ولا يتم هذا إلا عبر مشاركة الغرب في أبحاثه وتجاربه، التي بدأها قبل عقود مضت..لا أدعي أنني أول من أطلق هذه النوعية من الأسئلة، أو أنني أول من يحذر من تقلبات الزمان، ومفاجآته غير السارة، ولكنني أكرر وأعيد ما دعا إليه المحللون الاقتصاديون، في وقت سابق، وأطلب بسرعة تدارك الأمر، والعمل على وضع حلول احتياطية، نلجأ إليها في مثل هذه المواقف. وتعلمون كما أعلم، أن النفط سلعة، قابلة للتأثر بما تتأثر به السلع التجارية الأخرى، فهو عرضة لارتفاع الأسعار، وعرضة لانخفاضها، كما أنها عرضة للنفاد من باطن الأرض، ومن هنا، علينا أن نستعد لهذا الأمر، ونحتاط له، بطرق علمية مدروسة. ولا أبالغ، إذا أكدت أن المملكة تستطيع، أن تحافظ على مكانتها ومركزها، كمصدر أول لتوفير الطاقة في العالم، سواء كانت نفطاً أو غيره، ولا يتم هذا إلا عبر مشاركة الغرب في أبحاثه وتجاربه، التي بدأها قبل عقود مضت، وخصص لها ما يقرب من 800 مليار دولار، لإيجاد بدائل أخرى للطاقة، وسخر علمه ووقته جهوده، لتطويع الطبيعة لخدمته، حتى يستغني عن النفط، متى سنحت له الظروف. وعلينا أن نعترف أن الغرب نجح إلى حد ما في تجاربه، وعلينا أيضا أن نتوقع المزيد من النجاح القريب، في الوقت نفسه، يجب أن نستثمر ما حبانا الله به، من موارد طبيعية، تؤهلنا أن نكون في مقدمة الدول المصدرة للطاقة، ولا يفوتني أن أشيد هنا بأبحاث الطاقة البديلة بجامعتي الملك عبد الله للعلوم والتقنية والملك فهد للبترول والمعادن، ولكن آمل أن نسرع وتيرتها، حتى نلحق بأبحاث الغرب، وأن نستثمر مقدراتنا، ولعل أهمها على الإطلاق، صحراء الربع الخالي، وما تحظى به من شمس ساطعة قوية، تنتظر من يستثمرها أحسن استثمار. [email protected]