عام جديد يبدأ وآخر مضى ..عام جديد يبدأ ونحن محملون بآثار الماضي وكأن أعوامنا عام متصل بلا حدود فلا حدث هاماً يوقفنا أمامه ويمتد أثره من الماضي إلى القادم..ثقافتنا كعهدنا بها تدور في دائرة الرسميات والمهرجانات المكررة والخلافات العميقة والصراعات الخفية حول قضايا لا تسقط بالتقادم. لم يعد للثقافة الجادة والمؤثرة موقعها في حياتنا.. نكتب من أجل أن نقول: نحن هنا ..ونقيم الأمسيات والمهرجانات كل عام بكل تفاصيلها التي انطلقت بها ولا ملامح للتغيير ..نحمل الثقافة ميراثات التخلف والتهور ونضع المثقف في دائرة الاتهامات المتكررة والمؤلمة.. يتراجع الكتاب إلى الخلف وتمحى آثار وجوده من أماكن حفلت به ففي العراق تجرف طواغيت التخلف شارع المتنبي من الكتب وهو الذي انطلقت شهرته من وجود الكتب في مكتباته وعلى أرصفته..وفي مصر يجرف شارع دانيال وتلقى كتب المكتبات في العراء ممزقة..أماكن كثيرة أخرى في أرجاء العالم العربي تنظّف من بصمات الكتب. الربيع العربي يخيم بغباره السياسي على الواقع فتتخلف الثقافة ففي مصر وتونس وسوريا واليمن والعراق والسودان وغيرها ..صمت ثقافي رغم صراخ المثقفين ..معارض الكتب تقام على استحياء لمجرد تأكيد الوجود والخجل من التهام بمعاداة الثقافة. المسرح يندثر إلا قليلاً فلم نعد نسمع عن مسرح ملفت أو حدث ما سوى مهرجانات لا فاعلية بها ولا هدف لها. الخليج العربي يحاول أن يسد فراغاً ثقافياً عربياً فينجح أحياناً وتقف العثرات في طريق ذلك أحياناً أخرى..ولكن الملفت أن الآثار دخلت دائرة الاهتمام في المملكة وبعض دول الخليج. أسعار الكتب تخرق المألوف ونعتقد أن لا أحد سيضحي بقوته أو قوت ابنائه من أجل الكتاب أو الفيلم أو بطاقة مدفوعة لمشاهدة مسرحية. الخليج العربي يحاول أن يسد فراغاً ثقافياً عربياً فينجح أحيانا وتقف العثرات في طريق ذلك أحيانا أخرى..ولكن الملفت أن الآثار دخلت دائرة الاهتمام في المملكة وبعض دول الخليج ..وأن الجوائز المحفزة بدأت تنتشر وأسماء عديدة بدأت تنتشر عربياً في دوائر الإبداع من رواية وقصة وشعر والملفت بروز السينما كفاعلية ثقافية تقام لها المهرجانات والجوائز. ولم يكن العالم بمنأى عن التراجع والاعتداء على الثقافة. في الصين استمر اعتقال المثقف الصيني ليو شياوبو الحائز على جائزة نوبل للسلام 2010 ، ، كما شهدت الساحة الأمريكية جدلاً كبيراً بعد حجب جائزة البوليتزر للرواية هذا العام . فى فرنسا أعلنت إحدى أشهر المكتبات فى فرنسا «ديل دوكا» عن إغلاق أبوابها نهاية نوفمبر الحالى، وذلك لتعرضها لأزمة مالية . كما شهدت الساحة الألمانية حدثاً مثيراً للجدل بعد إحالة السلطات الألمانية لموظف بوزارة الثقافة إلى المحاكمة بتهمة سرقة أكثر من 5000 كتاب علمي نادر تقدر قيمتها بنحو 7 ملايين يورو من عدد من المكتبات بمختلف ولايات البلاد . الأحداث كثيرة ولكن يبقى الأمل قائماً في القادم.