من البوابة الشرقية لها دخلت المملكة العربية السعودية صناعة السيارات بتاريخ 12 / 12 / 2012م ، وذلك بتدشين أول مركبة نقل مصنوعة محليًا ، والتي قد تحدث ثورة في مجال صناعة السيارات على المستوى العالمي ، وتعد هذه الخطوة بمثابة دعوة لجذب الاستثمارات الأجنبية نظرًا لما تتمتع به المملكة من موقع جغرافي يساعد في عمليات التوزيع ، وتمتعها أيضًا بتوفر المواد الأساسية .. ولكن هذه الخطوة المتميزة قد تتعرض للتعثر بسبب اصطدامها بقرارات وزارة العمل الأخيرة، وضعف الخبرة والمهنية لدى الكثير من الشباب السعودي. المراحل الأولى وأكد رجل الأعمال ناصر بن سعيد الهاجري أن «صناعة السيارات في المملكة تعتبر فكرة رائدة ولابد من تشجيع القائمين عليها، وأن المراحل الأولى لمشاريع صناعة محركات السيارات تسير بخطى ثابتة مما ينبئ ببزوغ فجرٍ جديد ومطمئن لمستقبل المملكة في صناعة السيارات». وذكر الهاجري أن «جميع المواد الأساسية لصناعة السيارات متوفرة محليًا»، وقال : «تتمتع المملكة بثروة معدنية ضخمة من الألمنيوم والحديد والبلاستيك ، خصوصًا في المنطقة الشرقية وهذا مما لا شك فيه من الأمور المشجعة لإقامة مصانع خاصة بتجميع السيارات ، كما أننا أيضًا نعيش هذه الأيام تدشين أول خط إنتاج للألمنيوم في المملكة في منطقة رأس الخير بالمنطقة الشرقية، والذي سيتم فيه تجهيز هياكل الألمنيوم الخاصة بالسيارات وسيساعد بشكل كبير في سرعة الإنتاجية وتوفير تكلفة النقل، وأعتقد أن إنتاجية المصانع المصنِّعة للألمنيوم ستغطي طلبات السوق الداخلي والخارجي، كما أن وجود المواد الأساسية كمواد البولي يوريثن والمستخدمة في صناعة مقاعد السيارات ، مواد المطاط الصناعي لصناعة الإطارات ، ومواد البولي كاربونيت لصناعة أنوار السيارات ، وتوفر الصناعات الثقيلة والتحويلية من أهم العوامل الرئيسية التي تساعد على جذب الشركات العالمية نحو الاستثمار في المنطقة مما ينعكس بشكل مباشر نهوض الحركة الاقتصادية وانتعاشها ، ويساعد أيضًا في إيجاد وظائف وطنية جديدة وبأعداد كبيرة . وطالب الهاجري جميع الجهات ذات العلاقة بتشجيع الشباب في الالتحاق بمصانع السيارات والاستفادة من تجارب الدول الأم المصنعة لتطوير الصناعة المحلية وجعل تلك المصانع بداية الطريق لصناعات أخرى بمواصفات عالية». نجاح مشاريع صناعة السيارات محليًا مرهون بما تقدمه وزارة العمل والصناعة والتجارة من تسهيل في الإجراءات المرتبطة بتلك المشاريع من تراخيص وتوفير استخراج تأشيرات العمالة أو توفير عمالة محلية مدربة . تذليل الصعوبات وأوضح الكاتب الاقتصادي خالد البواردي أنه غير متفائل بنجاح طبيعة العمل في صناعة السيارات في المملكة وأنها تحتاج إلى مساهمة واضحة من الوزارات ذات الشأن لتذليل الصعوبات التي تواجه مثل هذه المشاريع حيث قال : «نجاح مشاريع صناعة السيارات محليًا مرهون بما تقدمه وزارة العمل والصناعة والتجارة من تسهيل في الإجراءات المرتبطة بتلك المشاريع من تراخيص وتوفير استخراج تأشيرات العمالة أو توفير عمالة محلية مدربة، ولكن في حال تخلي تلك الجهات عن تقديم التسهيلات فستكون بداية متعثرة في صناعة السيارات بالمملكة، وربما سيكون مصيرها الفشل ، كما أنه يجب على وزارة العمل أن تدعم مثل هذه المشاريع ولا يجب أن تؤخذ هذه المشاريع النوعية بجريرة المتسترين ، ووزارة العمل اليوم هي من أشد المعوقات لأي استثمار في البلد وبدون تعاون منهم سيكون دخول الاستثمارات النوعية للبلد من الصعوبة ، ويفترض أن المشاريع النوعية التي تخدم الوطن لابد أن تتعامل معها وزارة العمل بشكل خاص». أسعار السيارات وتوقع البواردي أن أسعار السيارات التي سيتم إنتاجها في المصانع المحلية ستكون أقل بنسبة 10% من أسعار السيارات المستوردة نظرًا لعدم وجود تكلفة شحن ورسوم الجمارك ، وقال: «أظن أن وجود إنتاج محلي لن يشكل نزولا كبيرا في سوق السيارات بالمملكة وإنما قد يتسبب في نزول بسيط في هامش الربح ، وأعتقد أيضًا أن الجودة لن تكون على المستوى المأمول ، لأن التجربة جديدة على مستوى المملكة ووزارة العمل تطالب بزيادة سعودة الوظائف فبالتالي سيكون للشاب السعودي نصيب كبير من الوظائف في تلك المصانع ، وشبابنا تنقصهم الخبرة في مجال صناعة السيارات ، وأنا غير متفائل بنجاح طبيعة العمل بالنسبة لتوظيف الشاب السعودي لأن خطوط الانتاج لا تصلح ، ولأنه من الصعب أن تحصل على جودة في إنتاجية الشاب السعودي ، كما أن نسبة كبيرة من العاطلين إنتاجيتهم ضعيفة والتزامهم بالعمل ضعيف أيضًا ، ومصانع السيارات تحتاج إلى تدريب موظفيها المهنيين عدة أشهر وكذلك خبرة لعدة سنوات ، وهذا الشيء لا يملكه شبابنا ، لذلك أعتقد أن سعودة الوظائف في مصانع السيارات ستكون أفضل في الأعمال المكتبية». قطع الغيار وذكر البواردي أن إنشاء مصانع السيارات في المملكة سيخلق صناعات أخرى مثل صناعة قطع الغيار ، وسيتم الاعتماد على صناعة المواد محليًا ، وقال أيضًا : من الصعب حاليًا أن تتم صناعة السيارات بالكامل في المملكة لأن الخبرة تعطي الجودة وهذا ما ينقص المصانع المنشأة في المنطقة . صناعة السيارات ومن جانبه قال هاني العفالق رئيس لجنة السيارات بالغرفة التجارية في المنطقة الشرقية ان مشروع صناعة السيارات بالمملكة بلا شك يعد خطوة كبيرة في مجال الصناعات مع اعتقاده أن تلك التجربة جاءت متأخرة . وقال : «الميكنة في صناعة السيارات تعتمد على ميكنة عالية جداً ، وتتطلب دقة عالية في التصنيع وهذا ما سيتم الاهتمام به وأخذه بعين الاعتبار في صناعة السيارات بالمملكة لكي تتميز بالجودة العالية المطلوبة ، كما أن استقطاب الصناعات يحتاج إلى ريادة والدولة متمثلة بوزارة التجارة وهيئة المدن تقدم العديد من التسهيلات للتنامي وانتعاش صناعة السيارات . وبين العفالق أن سوق السيارات في المملكة في حاجة كبيرة إلى الشاحنات المتوسطة ، وقال : المستهدف إنتاجه خلال الفترة الزمنية القادمة حتى عام 2017م حوالي 25 ألف شاحنة متوسطة ، وهذا الحجم الاستثماري ليس بالكبير بالنسبة لما يطلبه السوق ، ولكنه يعد خطوة قوية وثابتة بالنسبة لتجربة جديدة في هذا المجال ، وهي أيضًا دعوة للآخرين من المستثمرين المؤثرين في دخول السوق السعودي ولما نملك من مناطق صناعية ، مع العلم أننا لا زلنا في الخطوة الأولى ونحتاج إلى خطوات للوصول نحو الهدف الذي يحقق لنا سمعة عالمية متميزة في مجال صناعة السيارات ، لذلك نحن متأملون أن يكون تدشين مصنع سيارات ايسوزو بالمملكة باكورة في صناعة السيارات والأعمال التكميلية لكي تكون المنطقة الشرقية عاصمة لصناعة السيارات في الخليج العربي». فرصة للشباب وفيما يخص الأيدي العاملة والعقبات التي تواجهها مشاريع صناعة السيارات بهذا الخصوص قال العفالق : المتيقن بأنه إذا تهيأت الفرصة للشاب السعودي في هذا المجال فسيكون على قدر المسؤولية مع وجود الحضانة الجيدة والمؤهلة عندها ستتحقق المهنية ، وسيكون مجال السيارات فرصة لكل شاب بأن يطور نفسه بنفسه مما ينعكس ذلك على جودة الإنتاجية . وعن تأثر سوق السيارات في المملكة من ناحية الأسعار أفاد العفالق بأن العدد الذي سيتم إنتاجه بسيط ولن يكون له تأثير في أسعار السيارات ، ولكنه سيقلص تكاليف الشحن ورسوم الاستيراد ، وسيساعد على تقليل تأثير ثبات العملات ، وحتى إذا استهلك السوق 25 ألفا من إنتاج المصانع المحلية فسيظل هناك طلب مستمر لأن السوق الخليجي متنام ، كما أن المصانع المحلية ستراعي الطبيعة الخليجية وهذه الخاصية ستميزها عن غيرها من الصناعات. ورعى وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة يوم أمس الأول حفل افتتاح أول مشروع لصناعة السيارات ، وتدشين أول مركبة نقل وذلك بالتعاون مع شركة إيسوزو العالمية الذي تم الاتفاق معها مسبقا بتخصيص أول مشروع صناعي في المنطقة على أرض مساحتها 120 ألف م2 في المدينة الصناعية الثانية في الدمام لإقامة مصنع متكامل لإنتاج سيارات وشاحنات النقل الخفيف والمتوسط. ومن المتوقع أن تبلغ طاقة إنتاج المشروع الصناعي 25.000 شاحنة سنوياً بحلول عام 2017م. وسيعمل المصنع على توفير 800 فرصة عمل، وسيصل حجم صادراته إلى 40 بالمائة من إجمالي إنتاجه. ويمثل المشروع نقلة نوعية وعملاقة للصناعة في المملكة العربية السعودية، وهو من أهم المشاريع في المدن الصناعية التي سعت إلى توطين تقنيات عالمية في الصناعة، وخصوصاً توطين صناعة السيارات من خلال إحدى أكبر الشركات اليابانية العالمية المتخصصة، كما أنها من المشاريع التي لها قيمة مضافة ستعود على القطاع الصناعي في المملكة بفتح مجالات التوظيف وفرص الاستثمار في الصناعات المكملة، وسيفتح المشروع باب تصدير السيارات اليابانية لأول مرة في تاريخ المملكة، كما سيدعم المشروع المصانع القائمة التي تنتج قطع غيار أو مواد تدخل في صناعة السيارات والشاحنات، وهناك مواد سيتم طرحها مستقبلا كفرصة استثمارية لتتكامل منظومة إنتاج السيارات بالسعودية.