تدخل المملكة بكل قوة وثقل كبير وفق خطط منظمة محكمة في معترك صناعة الألمنيوم الاستراتيجية الهامة والتي أضحت أهميتها الاقتصادية تعادل أهمية البترول وذلك بكل منافسة وإقدام بعد أن سنحت الفرصة حالياً وآن الأوان بعد طول انتظار وتريث لعشرات السنين وذلك نظراً لصعوبة توافر المواد الخام لقيام صناعة الألمنيوم في السابق المتمثلة في خام البوكسايت والذي تنعم المملكة بثروات هائلة منه والذي قررت أخيراً استغلاله أفضل استغلال والاعتماد على وفوراته لبزوغ صناعة الألمنيوم المعدمة بالمملكة حيث تعتمد سوق الألمنيوم بالمملكة حالياً بصورة كلية على الاستيراد وهي تنمو بمعدل يراوح (350) ألف طن متري سنوياً في الوقت الذي يحظى فيه معدن الألمنيوم حاليا بأسواق عالمية مفتوحة ومتحررة ويشهد استهلاكه نمواً عالمياً كبيراً ومتوقع أن يتجاوز 35مليون طن خلال العام الجاري 2008م حيث ستستحوذ الصين بمفردها على استهلاك 40% من هذه الزيادة ويعادل استهلاك الصين 20% من مجمل الاستهلاك العالمي. وقد قررت المملكة اقتحام إنتاج الألمنيوم نتيجة توجهات القيادة الرشيدة نحو التوسع في تنفيذ المشاريع الصناعية الكبيرة المتنوعة التي تفضي إلى نقل وتوطين التقنية المتقدمة والمساهمة في النمو الصناعي بالمملكة وتنويع الاقتصاد السعودي وتشكيل روافد مالية جديدة للاقتصاد الوطني وإيجاد آفاق من الفرص الوظيفية من خلال فتح مجالات جديدة من الأنشطة الاقتصادية. وقد كانت المملكة تعتمد على وفورات شركة ألمنيوم البحرين "ألبا" وشركة الخليج لدرفلة الألمنيوم "جارمكو" البحرينيتين اللتين يملكهما عملاق البتروكيماويات السعودي "سابك" بنسبة 20% للأولى و30% للأخرى حيث تضطلع سابك بما لديها من خبرات تسويقية كبيرة في دعم المشروعين بشبكتها التسويقية الواسعة وتوفير المدخلات ذات العلاقة بأمور التسويق الإستراتيجية. إلا أن طموحات المملكة غدت أكبر بكثير من تلك الحدود حيث قررت ضرورة تبني إقامة صناعات الألمنيوم بالمملكة تمشياً مع الضرورة الملحة لتشييد عدد من المصاهر لتواكب هذا النمو الكبير في الطلب على المنتج خاصة وإن هذا التوجه الحكيم لن يؤثر سلباً على الخطط التوسعية لمصانع الألمنيوم القائمة حالياً بمنطقة الخليج ولن تشكل منافسة كبيرة نظراً للاحتياج العالمي المتنامي. وكان القرار الحاسم بإقدام شركة التعدين العربية السعودية معادن بالتحالف مع مجموعة الكان الكندية لإنشاء مشروع ألمونيوم من الصخر إلى المنتج النهائي بتكلفة رأسمالية تبلغ (26.25) مليار ريال لإنتاج 720ألف طن سنويا من مادة الألمنيوم بمواصفات عالمية في المدينة التعدينية برأس الزور بالمنطقة الشرقية شمال الجبيل الصناعية وذلك بالاعتماد على احتياطيات خام البوكسايت بالزبيرة والتي تكفي لأكثر من 30عاما ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في عام 2011م حيث سيوفر أكثر من 220وظيفة مباشرة بالإضافة إلى العديد من الوظائف غير المباشرة وسيتم تصدير أكثر من 70% من الألمنيوم المنتج إلى خارج المملكة. ويشتمل هذا المشروع الاستراتيجي الضخم على عمليات تصنيع أولية في موقع تمعدن الخام بالزبيرة وتتمثل في إنشاء المنجم ومرافق البنية التحتية وإقامة صناعات تحويلية في المدينة التعدينية برأس الزور تشتمل على مصفاة للالومينا بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.6مليون طن سنويا، ومصهر للألمونيوم بطاقة إنتاجية تبلغ 720ألف طن سنويا.بالإضافة إلى ميناء كبير لتصدير المنتجات يتكون من ثلاثة مرافئ وخدمات لاستقبال السفن العملاقة وسيتم توفير الطاقة والبخار والمياه المحلاة لهذا المشروع عن طريق إنشاء محطة كبيرة لتوليد الكهرباء تبلغ طاقتها الإنتاجية 1.400ميغاواط وما زاد عن حاجة المشروع سيتم إضافته إلى الشبكة المحلية. وسترتبط منشآت التعدين مع منشآت الصناعات التحويلية بواسطة خط سكة حديد الشمال - الجنوب التي ينفذها حاليا صندوق الاستثمارات العامة. وسوف يشكل هذا المشروع دعماً قوياً وزخماً هائلاً لتطور صناعات الألمنيوم في العالم وخاصة في الخليج الذي تتزعمه حالياً شركة "ألبا" البحرينية والتي تصنف كأكبر مصهر للألمنيوم في العالم خارج شرق أوروبا بعد أن نجحت مؤخراً بتدشين خط الصهر الخامس في مصنعها بتكلفة 7.1مليارات دولار حيث ساهم في رفع إجمالي طاقة الشركة لتبلغ 850ألف طن سنويا حيث يمثل إنتاجها حوالي 5في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي وتسوق منتجاتها بنسبة 65% في الأسواق الخليجية والنسبة المتبقية للأسواق العالمية للشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا بعد أن كانت توجه نسبة كبيرة جداً من إنتاجها للأسواق الأوروبية قبل أن يفرض الاتحاد الأوروبي الضرائب على واردات منتجات الألمونيوم وبالأخص الواردة من مصانع الخليج العربي. في الوقت الذي تخطط فيه الشركة لتشييد خط صهر سادس بطاقة إنتاجية تبلغ 350ألف طن متري سنوياً لتصعد بذلك طاقتها الإنتاجية الحالية بزيادة نسبتها 45% حيث تستهدف الوصول بإنتاجها إلى 1.2مليون طن سنوياً وتقدر استثمارات المشروع السادس أيضاً ب 1.7مليار دولار. وأكدت "ألبا" بأن إنتاجيتها المتصاعدة تعزز من مقدرة الشركة التنافسية من حيث السعر والجودة في مختلف أسواق الألمنيوم على النطاق الدولي والتي تشهد في الوقت الراهن منافسة كبيرة حيث دعت هذه المنافسة الكثير من التكتلات الاقتصادية إلى فرض رسوم حماية على الواردات المماثلة ورغم ذلك فان هذه الإجراءات ولاسيما من دول الاتحاد الأوروبي لن تؤثر على مبيعات الشركة حيث تتراوح مبيعاتها في أوروبا بين 14و 15ألف طن سنويا فيما تستوعب دول الخليج وفي مقدمتها السعودية حوالي 120ألف طن ونحو 300ألف طن في الأسواق المحلية البحرينية فيما يتم تصدير الباقي إلى أسواق دول الشرق الأقصى ومنها اليابان وتايوان وماليزيا وكوريا إلى جانب الأسواق الأمريكية. فيما تشير التوقعات إلى أن المنطقة الخليجية ستصبح مركزاً عالمياً لصناعة الألمنيوم خلال السنوات العشر المقبلة مع النمو المتزايد لحجم الطلب العالمي والارتفاع الكبير الذي تشهده كلفة الإنتاج في مناطق خارج الإقليم الخليجي بسبب ارتفاع سعر الطاقة وندرة توافرها مما يجعل من دول الخليج مركزاً عالمياً لصناعة الألمنيوم. وتنتج "ألبا" سوائل الألمنيوم وتقوم ببيعه إلى شركات التصنيع المحلية، أما السبائك المسطحة والمدرفلة فتستخدم في العديد من الصناعات ومنها إنتاج مواد تستخدم في إطارات السيارات، في حين تستخدم لفات الألمنيوم في صناعة الصفائح والرقائق المنبسطة إضافة إلى تصنيع الألمنيوم المستخدم في الصناعات المعتمدة على الضخ للخروج بمنتجات تستعمل في صناعة العديد من المنتجات الهندسية مثل الأبواب والنوافذ وغيرها. وقد ساهمت كل من شركتي "ألبا" و"جارمكو" في تنويع منتجات سابك من المعادن إلى جانب منتجات الحديد والصلب. فيما تشهد السوق منافسة شرسة في مجال إنتاج الألمنيوم من قبل الشركة الأمريكية للألمنيوم (ALCON) وشركة الألمنيوم الكندية (ALCAN)، إلا أن الشركتين البحرينيتين المدعومتين من سابك تتعاملان مع هذه المنافسة بطريقة بناءة وبكل احترافية لمواجهة مسألة حرب الأسعار مما حدا بالشركتين لتصعيد طاقتيهما الإنتاجية مع تعزيز وتحسين خدماتهما وجودة منتجاتهما لتواكب المواصفات العالمية والطلب المتزايد على هذه المنتجات في شتى أنحاء العالم. وتشتري شركة "جارمكو" المواد الخام من شركة "ألبا" وتقوم بإنتاج نحو 138ألف طن متري من الألمنيوم المسحوب على البارد وصفائح الألمنيوم بخلطات مختلفة. وتستخدم هذه المنتجات في سلسلة من التطبيقات المختلفة المقاسات. أما الاستخدامات الأخرى فهي دوائر الألمنيوم التي تستخدم في سلسلة من الخلطات ومجموعة من السبائك المعدنية بما في ذلك رقائق الألمنيوم. ويعتبر الألمنيوم مادة معدنية خفيفة الوزن فضية اللون تميل إلى البياض وتمثل حوالي (7%) من القشرة الأرضية ويستخرج الألمنيوم من خام البوكسايت الموجود بصورة طبيعية مع الأوكسجين ويمسى (ألومينا). ويستخدم الألمنيوم في صناعة العديد من المنتجات المستخدمة في المجالات الصناعية ومنها مثلاً علب المشروبات الغازية التي تعتبر من أكثر المنتجات التي يدخل في صناعتها الألمنيوم تليها حاويات الطعام ورقائق القصدير. وتدرس شركة "ألبا" في الوقت الراهن سبل استيرادها للفحم الحجري من الجزائر في أول خطوة من نوعها بين أطراف بحرينية وجزائرية في مجال الشراكة في الإنتاج والاستثمار. ولا تزال الفكرة قيد الدراسة والبحث خاصة وأن الشركات الجزائرية المصنعة متحمسة لهذا التعاون، خصوصا أن صناعة الفحم الحجري كانت صناعة رائدة في الجزائر لكنها توقفت في السنوات الأخيرة وهذا التعاون بين البحرين والجزائر فرصة مواتية لإعادة التصنيع. وتعد شركة "ألبا" صاحبة هذا الاقتراح كونها تستهلك كميات كبيرة من الفحم الحجري في صناعة الألمنيوم. وتعتمد صيغة التعاون بشكل أساسي على مواصفات ونوعية وكميات الفحم الحجري التي ستنتجها الشركات الجزائرية. وتظل فكرة استيراد الفحم من الخارج مطروحة على أكثر من دولة وينتظر تقديم تصورات كل بلد على حدة في الفترة المقبلة فيما تستورد "ألبا" 840ألف طن سنوياً من الصين بشكل أساسي ومن الكويت وسورية وعدد من الدول الصغيرة.