إننا نعيش مرحلة تاريخية تشهد بدايات لتغيرات جذرية بالعالم كله، وتلك الحالة ليست استثناء من التاريخ، فالعالم يشهد مثل تلك المرحلة على فترات تطول أو تقصر بحسب عوامل عديدة، وتعني تلك التغيرية الكبرى، تعبيرا عن نتاج تفاعل طويل ومعقد بين مكونات المجتمعات الإنسانية، بحيث تدرك الغالبية أن شروط «العقد الاجتماعي» لم تعد مناسبة، وأن على المجتمع أن يعيد صياغة بنود العقد، وتختلف آليات التغير من مجتمع لآخر بحسب الظروف الخاصة بكل مجتمع وخصائص مكوناته الاجتماعية والثقافية، أقصاها الثورات الشعبية مثل، مصر وتونس، وقد يشتد الأمر لتصل لثورة مسلحة مثل، الوضع بليبيا حاليا، وببعض المجتمعات يتم التغير بتوافق عام ينتج عن إدراك مشترك بين الشعب والسلطة لحتمية التغير، لتبادر السلطة بإحداث تغيرات جذرية تلبي مطالب قطاعات شعبية واسعة، وما يميز المرحلة الحالية، أن العالم العربي هو مركز التغير، وأن تأثير ما يحدث يصل بشكل سريع جدا إلى العالم كله، فنجد تحركات ببعض الولاياتالأمريكية تستلهم الثورة المصرية، ويصل التأثير ليخترق حدود الصين، كما تتميز بصعوبة التحليل السياسي والحضاري، المؤكد طبقا للأحداث التي بدأت باليمن، مرورا بتونس ومصر، وصولا للبحرين، أن خريطة الأوضاع الاجتماعية والسياسية قد تغيرت تماما لكن الخريطة الجديدة لم تكتمل خطوطها الأساسية بعدأي قدرة الشخص على تكوين صورة واضحة عن الأحداث، فالتحليل الدقيق يعتمد على وفرة المعلومات ودقتها، لكن التغيرات من حولنا تتم بسرعة هائلة، وتفتقد الصورة الكثير من التفاصيل، فربما علينا أن نبعد قليلا عن الصخب ونفكر بهدوء كي ندرك المحطة المحتملة التي يمكن أن تصلها البلاد العربية، ومن المؤكد طبقا للأحداث التي بدأت باليمن، مرورا بتونس ومصر، وصولا للبحرين، أن خريطة الأوضاع الاجتماعية والسياسية قد تغيرت تماما لكن الخريطة الجديدة لم تكتمل خطوطها الأساسية بعد، داخليا التغير يسير باتجاه ليبرالية مدنية أوسع مصحوبة بعدالة اقتصادية ترفع من المستوى الاقتصادي للشرائح الدنيا، وخارجيا تتغير شروط العلاقات الإقليمية لمصلحة القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لكن الشروط الجديدة لن تستقر قبل استقرار الأوضاع الداخلية ووضوح عمق التغيرات الجديدة ومساحات المشاركة السياسية للقوى المجتمعية المختلفة، وبالتأكيد لن تكون التغيرات سواء تمت بثورات عارمة أو بتوافق مجتمعي واسع، بمصلحة إسرائيل التي تدرك جيدا هذه الحقيقة وبدأت بالفعل في زيادة التحصين وتعميق علاقتها بالغرب، هذا التحليل البسيط يعتمد على دروس التاريخ، لكننا نشهد كتابة صفحات جديدة للتاريخ ونشارك فيها، ولن نستطيع البعد عن الصخب كثيرا، فمن أهم الظواهر الإنسانية التي تؤكدها المرحلة الحالية، هي التضامن الإنساني الواسع بين الجميع، العرب في كل مكان يحزنون على الضحايا، ويسعدون بالنجاح، ويتمسكون بالأمل الواحد، بحياة إنسانية كريمة تقوم على الحرية والعدل. حماك الله يا وطني «بحبك» [email protected]