عن مركز دراسات الوحدة العربية صدر كتاب «الشرق الأوسط المتغيّر: نظرة جديدة إلى الديناميكيات العربية». وهو يعالج موضوع التغيير وآلياته في منطقة الشرق الأوسط، في محاولةٍ لفهم المنطقة من خلال إلقاء نظرة شاملة على السياسات والمجتمعات. وفي هذا الصدد، يرى المساهمون في بحوث الكتاب أن النظرة والتحليل السائدين في ما يتعلق بالشرق الأوسط يتجاهلان سُنّةَ الحركية، على اعتبار أن هذه المنطقة لا تتغيّر (؟!)، وفي هذا دليل واضح على انتهاج تفكير محافظ موروث في عملية التحليل الاجتماعي. بالمقابل يرى الباحثون أن أي تحليل لعناصر الثبات والاستمرارية، لكي يقدم لنا فهماً ملائماً لأوضاع المنطقة، يجب أن يتصل، لإجراء التوازن المطلوب، بتحديد عناصر التغيير فيها وتحليلها. وهذه العناصر موجودة بالفعل، وهي تُساهم في تشكيل مصير الشرق الأوسط. وقد ميزت العملية المفهومية المستخدمة في الكتاب، بين صنفين من التغيير: المباغت الذي يأتي من دون مقدمات، كما «الانفجار الكبير»، والهادئ الثابت الذي لا يكاد يلحظ وجوده، وإن كان يتطور تدريجاً في عملية تراكمية. إلا أن عملية التغيير المستمر ليست تراكمية فحسب، بل إنها قد تولّد بسهولة كثيراً من الأحداث الكبرى. لهذين السببين، يركز الكتاب على إظهار أثر التغيير الحثيث والبطيء. وبالتالي، فإن مؤشرات التغيير، سواء كانت كبيرة مباغتة، أو تراكمية بطيئة، تظهر أن الاستمرار/ الركود الظاهر في الساحة السياسية العربية قد يكون محصوراً بقمة الهرم السياسي. ولكن على العكس من ذلك، فإن قاعدة «الهرم»، أو المجتمع المدني والمشهد الإقليمي، حبلى بالتغيير. هذه المفارقة بين القاعدة المجتمعية ورأس الهرم السياسي، لا يمكن أن تستمر إلى ما لانهاية، وانهيارها قد يكون حافزاً إلى المزيد من التغيير. وعن المركز نفسه صدر كتاب «رياح التغيير في الوطن العربي: حلقات نقاشية عن مصر - المغرب - سورية». يضمّ الكتاب الوقائع الكاملة لثلاث حلقات نقاشية، عقدها مركز دراسات الوحدة العربية، حول أوضاع الثورة والحراك الاجتماعي في تونس ومصر والمغرب وسورية. تناولت الحلقة الأولى ثورة ناجزة هي الثورة المصرية (مع إشارات إلى الثورة الأم: التونسية)؛ وتناولت الحلقة الثانية الإصلاحات الدستورية في المغرب؛ فيما تناولت الحلقة الثالثة أحداث التظاهرات الشعبية العارمة في سورية وآفاق الوضع في أرجائها. وموضوعات هذه الحلقات الثلاث على مقدار كبير من الأهمية لجهة تبايُنها؛ وليس مأتى الأهمية والتباين من أن تونس ومصر شهدتا ثورتين ناجحتين (على الأقل لجهة إسقاط النظام في كلا البلدين)، وهو ما لم يحصل في المغرب، ولم ينطبق على سورية، بل مأتاها من أن هذه الحالات الثلاث حالات تمثيلية لما يمكن أن تنتهي إليه معركة التغيير الديموقراطي في الوطن العربي بأيدي أبنائه، لا بأيدي الأجانب و «مساعدتهم»: حالة الثورة التي تغيّر معادلة السلطة وعلاقاتها في شكل حاسم مستفيدةً من ميزان قوةٍ داخلي لمصلحتها (= تونس، مصر)؛ وحالة تغيير يقع من طريق توافقٍ بين النظام والمعارضة (=المغرب)؛ ثم حالة تغييرٍ يصطدم بفقدانه ميزان القوى الداخلي المناسب، ويصطدم بامتناع ميلاد توافقٍ بين النظام والمعارضة (= سورية). وقد لا تخرج الانتفاضات القائمة أو المقبلة، عن هذه المشاهد الثلاثة إن استبعدنا مشهد التدخل الأجنبي.