تواجه حكومات الدول العربية والإسلامية مسئوليات وتحديات جديدة بسبب الربيع العربي وإذا كانت الضغوط والأزمات الجديدة التي يتعرض لها الاقتصاد الدولي. هل القمة الاقتصادية بالرياض منطلق حقيقي للشروع في بناء المجال الاقتصادي العربي المشترك وخلق منطقة التجارة العربية الحرة أو السوق العربية المفتوحة ؟ بالرغم من الاتفاقيات الثنائية بين كل دولة عربية ودول الاتحاد الأوروبي ،لكن التقدم لن يحدث بدون خلق المجال الاقتصادي الذي يشجع على الاندماجات وخلق المؤسسات الكبرى وتحقيق وفورات مالية ضخمة ،ورغم الكم الهائل من الشركات العربية ذات الرأسمالية الضخمة والخبرات في الاستثمار ،إلا أنها في الواقع غير قادرة على تحقيق حلم السوق العربية المشتركة وكسر الحواجز لتدفق الاموال والسلع والأفراد. أوضح رئيس اتحاد الغرف التجارية العربية عدنان القصار أن السبب في الواقع العربي يرجع لمحدودية التبادل التجاري قياساً على مجمل التجارة الخارجية العربية، وهذا ينطبق أيضا على الاستثمارات العربية، بالطبع يشكل استقطاب دول الخليج للعمالة العربية ظاهرة تعاون مهمة على هذا الصعيد ولكنها في الوقت عينه لا تعكس تخطيطا معتمدا للتكامل الاقتصادي بل قوي السوق من طلب وعرض على الصعيد الإقليمي كما أن هذه الدول قد تصبح أكثر استقطاباً للعمالة غير العربية. الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تعني ارتباطاً به لكل دولة عربية على حدة بدلاً أن تكون هذه الشراكة قائمة على أساس وحدة اقتصادية عربية مقابل وحدة اقتصادية أوروبية، فيكون للدول العربية مجتمعة قوة تفاوضية أكبر تمكنها من إقامة علاقات أكثر توازناً مع الاتحاد الأوروبي أو غيره من التكتلات الاقتصادية.كما أن هيمنة الموارد الطبيعية عموماً على الاقتصادات العربية وفي مقدمتها النفط مع كل مالذلك من تأثيرات على البيئة الإنتاجية والتوجه نحو الأسواق الخارجية، السبب الأقوى هو استعجال الدول العربية أو معظمها إلى إقامة الشراكة مع تجمعات اقتصادية خارجية ومن أهمها الاتحاد الأوروبي، وهذا يؤثر على مسألة التكامل الاقتصادي العربي بحيث إن متطلبات هذه الشراكة تتعدى القضايا التجارية إلى قضايا سياسية وبيئية واستثمارية وغيرها مما يعقد أي مسار للتكامل الاقتصادي العربي، واقع الحال ان الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تعني ارتباطاً به لكل دولة عربية على حدة (أي ان أوروبا هي مركز الاستقطاب ) بدلا أن تكون هذه الشراكة قائمة على أساس وحدة اقتصادية عربية مقابل وحدة اقتصادية أوروبية، فيكون للدول العربية مجتمعة قوة تفاوضية أكبر تمكنها من إقامة علاقات أكثر توازناً مع الاتحاد الأوروبي أو غيره من التكتلات الاقتصادية. وأوضح عبد الله بن سعيد المبطي رئيس مجلس الغرف السعودية أن الدول الإسلامية تحتاج لمزيد من التعاون فيما بينها وبين بعضها ،كما يجب توافر العديد من الحوافز لتشجيع الدول العربية على الاستثمار فيما بينهم، أما عن أسباب أن السعودية أصبحت أكثر الدول الجاذبة للاستثمار الأجنبي في العالم العربي، يرجع لعدة أسباب من أهمها توافر المرافق والخدمات بأسعار مخفضة، توافر فرص التمويل الحكومي بتكاليف منخفضة، نحن من ضمن أفضل ثماني دول في سياسة سعر تحويل العملة، وأفضل سوق مالية في الشرق الأوسط في مؤشر سعر الصرف ،المملكة تعد الأقل في ضرائب الشركات في العالم وفقاً لتقرير IMD، ولا توجد على الشركات أي ضرائب أخرى غير ضرائب الأرباح على الشركات الأجنبية وقدرها 20 بالمائة كما نسمح بترحيل الخسائر لعدد غير محدد من الاستثمار ،نسعى لتوفير الطاقة بأسعار تقل عن جميع دول العالم ،توجد شبكة من البنوك المتطورة بتقنية وكفاءة عالمية، وأكد أن الاستثمار في السعودية يحقق للمشاريع المحلية أو المشتركة أو الأجنبية معدلات ربحية مرتفعة ،مع نسبة مخاطرة منخفضة، مؤكداً أن السعودية تسير بالسرعة والطريقة المقنعة لتحقيق أهدافها المتعلقة بجذب الاستثمارات العالمية والمحلية مما جعلها من أفضل عشر دول في التنافسية على مستوى العالم. يقول رئيس اتحاد غرف تجارة وصناعة الكويت علي ثنيان الغانم، إن تعاون الاقتصاد العربي يتمثل في التبادل الاقتصادي والسلع والمنتجات ويتطور بصورة كبيرة ولكن هناك مازال بعض المعوقات أهمها بعض القوانين والضرائب والجمارك تعيق الاستيراد من بعض الدول ،كما أن بعض الدول العربية لم تطور منتجاتها لتنافس الدول المتقدمة سواء من حيث السعر أو الجودة. أكد على أهمية وضع خطة واضحة للتنمية البشرية، لان مشكلة العالم العربي التعليم في المرحلة الابتدائية وبالأخص في دول ثورات الربيع العربي ،لذا علينا تكثيف المجهودات والاتجاه لتطوير التعليم في المرحلة الابتدائية، فالتنمية البشرية مشكلة التعليم في المرحلة الابتدائية وأطالب الحكومات العربية باتباع منهجية في تطوير التعليم وخاصة المرحلة الابتدائية وعندما نقارن التطوير في الدول المتقدمة ألمانيا والولايات المتحدة واليابان بالدول العربية، نجد أن التطوير في التعليم هو الذي ساهم في التقدم والازدهار بالإضافة لعدم وجود شبكة بنية تحتية إقليمية مترابطة مع بعضها البعض مما يسهل ويشجع التبادل الاقتصادي والتجاري. وأهم المعوقات السياسية عدم وجود مؤسسات راعية لخطوات الاندماج الاقتصادي بحيث تتخطى صلاحياتها ماهو قائم من آليات وتخطى بالعلم السياسي المطلوب ،ولكي تصبح الدول العربية والإسلامية منظومة واحدة سياسيا واقتصاديا، عليها ان تأخذ من التجربة الأوروبية في الاندماج، وهو قيام القيادات السياسية لدى الدول الأوروبية بدعم عملية الاندماج فيما بينها وإنشاء المؤسسات التي ترعاها عملياً ،علماً بأن الشعوب الاوروبية لا تتمتع بصلات القربى التي تتمتع بها الشعوب الإسلامية ومنها اللغة الواحدة والدين الواحد . وقال رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية أحمد الوكيل « نحن نستبشر خيراً بالقمة الاقتصادية العربية القادمة والتي تعقد في مدينة الرياض يومي 21 ،22 يناير2013 ، ونستقبل آفاقاً جديدة في عصر عربي جديد وبإرادة صلبة لبناء مؤسسي من أجل شراكة قوية مع القطاع الخاص، بحيث ينتهي بآليات تكتسب قوة وقدرة على مواجهة الأزمات ، وأدوات لإزالة العقبات لنمضي قدماً دون أي تردد في مسيرة التنمية و التكامل الاقتصادي العربي» . وأضاف أن التحولات السياسية الجديدة في المنطقة العربية يمكن أن ينظر لها من منظورين: أحدهما متشائم والآخر متفائل ، فالمنظور المتشائم يرى أن تلك التحولات من شأنها أن تقود إلى فوضى اقتصادية في المراحل الأولى والتي تؤدي إلى زيادة مخاطر الاستثمار ومن ثم رفع تكلفة نتيجة لزيادة معامل المخاطرة عند حسابات الجدوى الاقتصادية للمشروعات، وهذا يجعل المنطقة غير جاذبة بشكل كبير للاستثمارات المولدة للدخول والخالقة للوظائف فضلا عن انسحاب بعض من الاستثمارات القائمة تاركة المجال للاستثمارات ذات الطابع قصير الأجل والتي لا تكون بالضرورة أكثرها منفعة اقتصادية للمنطقة. أما المنظور المتفائل فيرى أن تلك التحولات السياسية من شأنها يولد مناخاً أكثر حرية وديمقراطية سياسية تترجم إلى قدر أكبر من الحرية الاقتصادية ودرجة أعلى من الحوكمة والشفافية والتي تعد شرطاً ضرورياً لاجتذاب المزيد من الاستثمارات وتحويل المنطقة برمتها إلى منطقة جاذبة للمشروعات ،إلا أن الحسم بين المنظورين يتوقف على الدور الذي ستلعبه الحكومات في تلك المرحلة الانتقالية حيث يكون السيناريو المتفائل ..يحتاج حكومات قوية ذات توجه اقتصادي واضح المعالم مكتسبة للمصداقية نابذة للتردد لها سياسات متناسقة ومتوافقة مع بعضها البعض خالقة لحلم اقتصادي قابل للتحقيق مؤسس على القدرة على توجيه طاقات الشعوب المنفعلة مع التغيير وتوحيد جهودها بدلاً من الانسياق وراء التيارات لإرضاء جميع الأطراف بشكل يفقد تلك الحومات قدراتها والهدف من وجودها أصلاً. المهندس باسم فراج عضو اتحاد مجلس الغرف التجارية الأردنية ، أوضح أن الدول الإسلامية يمكن أن تنجح رغم التحديات بالتكامل الاقتصادي فيما بينهم ،ويعتمد على التحولات الاقتصادية الداخلية من تحرير للاقتصاد الوطني وبروز طبقة رجال الاعمال وتصاعد الطبقة الوسطي ،وهي تحولات تضغط باتجاه الاصلاحيات السياسية وتوسيع الرقعة الاقتصادية العربية المشتركة التي ترى فيها طبقة رجال الأعمال فوائد متبادلة. وأضاف أن التحولات الاقتصادية والسياسية القائمة والمرتقبة داخلياً وخارجياً قد تساعد في ترسيخ القناعة لدى السلطات الوطنية بأن التقارب الاقتصادي العربي الفعلي يخدم بقاءها بالسلطة ،علما أن المضي في هذا الاتجاه سيتطلب إقامة مؤسسات إقليمية فاعلة ترعاه دون أية هيمنة سياسية من قبل بعض الدول على الأخرى ولا يخفى على أحد أن التشرذم السياسي العربي مع كل مضامينه بالنسبة للعمل العربي المشترك ،هذا التشرذم هو سبب عدم إقامة مؤسسات عربية معنية فعلاً بالتخطيط لإقامة تكامل اقتصادي بين الدول العربية. الدكتور عوف الكفرواي أستاذ الاقتصاد الإسلامي بكلية التجارة جامعة الإسكندرية أشار إلى أن جميع الدول التي مرت بأزمات اقتصادية نتيجة للربيع العربي عليها وضع خطة اقتصادية تتماشى مع الأوضاع السياسية الحالية وأرى أن الاتجاه للأسواق الإفريقية والعربية يعد حلا حقيقيا ،أما التجربة الماليزية رغم أنه يصعب تطبيقها على الدول العربية ..إلا أنه يمكن الاستفادة منها، فعقب الأزمة الآسيوية تبنت ماليزيا حزمة من السياسات الاستثمارية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي الأسرع، حيث سعت إلى استعادة ثقة المسثمرين وإعادة هيكلة الاقتصاد ،والترويج الصحيح للشركات الماليزية داخلياً والترويج للاقتصاد الماليزي عالمياً. وعملت الحكومة الماليزية على وضع قانون حماية من أجل الصناعات المنافسة للواردات ،وكان الهدف من إحلال الواردات في ماليزيا هو هدف الاقتصادات النامية الاخرى نفسه متمثلا في خفض الواردات من السلع الاستهلاكية وزيادة عمليات تصنيع المواد الاولية من أجل خلق فرص عمالة في قطاع الصناعة، فالحكومة لم تشجع القطاعات الفردية وكانت المعدلات الفعلية للحماية منخفضة جداً وبلغت 7 بالمائة مقارنة بمعدلات اقتصادات دول اخرى ذات مستويات دخول متمثلة تراوحت مابين 25-92 بالمائة في الفترة مابين 1960-1980 صاحب احلال الواردات توسع في الطلب المحلي راجع بصورة عملية إلى نمو الناتج الصناعي الماليزي. وفي إطار السياسة التجارية بدأت الحكومة بتشجيع الصادرات من المواد الأولية بصورة أكثر فاعلية، ووظفت جهود تنشيط الصادرات لاكمال نظام إحلال الواردات المتواضع الموروث من الستينات وشملت حوافز التصدير في السياسة الاقتصادية الجديدة والتخفيضات على الدخول الخاضعة للضريبة المرتبطة بأداء التصدير والمكون المحلي للمدخلات والإعفاءات الضريبية على التكاليف المرتبطة بتنشيط الصادرات والإسراع في خفض قيمة العملة للشركات التي تصدر أكثر من 20 بالمائة من ناتجها. وقد شجعت سياسة الإئتمان الصادرات من خلال الضمانات واعادة الخصم التلقائي لتمويل الصادرات عند معدلات فائدة منخفضة ، ولقد كانت مناطق التصنيع الصادرات ومناطق التجارة الحرة ومستوعات التصنيع المرخص لها والتي تسمح باستيراد المواد الاولية المعفاة من الرسوم الجمركية من اجل تجميعها أو معالجتها بغرض التصدير من الأمور المهمة للتشكيلة الناجحة من سياسات الصادرات وإحلال الواردات.