وأنت تقرأ هذا المقال هناك بشر شماليون ترتجف أجسادُهم وتصطكّ أسنانُهم من شدة البرد، فدرجات الحرارة في المناطق الشمالية تزداد انخفاضاً. والفلكيون يتحدثون عن أجواء شديدة البرودة مع قدوم المربعانية، والسؤال الذي يطرح نفسه -كما في كل عام- من لفقراء الشمال الذين يسكن بعضهم في بيوت من الصفيح وآخرون في بيوت قد يكون الصفيح أفضل منها فهي لا تقي من البرد ولا تحمي من المطر والأغلبية في قرى لا توجد فيها حتى الجمعيات الخيرية؟! هنا المشكلة، فهم ليسوا في المدن الكبرى بحيث يراهم التجار والمسؤولون فيعطفون عليهم، وجمعياتهم - إن وجدت- تعاني قلة الإمكانيات والداعمين . ومع هذه المعاناة الكبيرة فاحتياج هؤلاء البشر لا يكلف الكثير! بطانيات! آلات تدفئة! ملابس تقيهم وتقي أولادهم من البرد القاتل! هذا كل ما يحتاجونه! إذن ما المشكلة؟ هنا المشكلة، فهم ليسوا في المدن الكبرى بحيث يراهم التجار والمسؤولون فيعطفون عليهم، وجمعياتهم - إن وجدت- تعاني قلة الإمكانيات والداعمين، وإن وصل رجالها إلى أهل الخير في المدن البعيدة جاءهم الجواب (لقد سبقتكم الجمعيات الأخرى وأخذت ما عندنا!)، أما المؤسسات الداعمة فهي تطالبهم بالحضور لعرض ما عندهم، وليس هذا لوحده بل تطالبهم بإجادة طرق العرض والإبداع فيه، ولا يكفي هذا أيضاً بل لابد من حظ ولسان قوي وجرأة، حتى تظن أنهم يطلبون لأنفسهم! رغم أن الاحتياج الشمالي في الشتاء يكفي عن كل شرائح العرض، ولو ذهب أهل الخير بأنفسهم لرأوا ما يرعبهم ويجعلهم يرددون كما ردد سابقوهم: معقول هذا في السعودية؟! طبعاً ما كتب أعلاه لا يعفي الشماليين من المسؤولية، فالمسؤولية عليهم - كرجال أعمال ورجال قطاع خيري ومسؤولين- كبيرة وخطيرة، فعليهم أن يبادروا ويتلمسوا أحوال محتاجيهم وينقلوا الصورة بكل أمانه فهؤلاء في ذمتهم وسوف يحاسبون عنهم. ولكن وجهة نظري أن الشق أكبر من الرقعة الشمالية ولذلك لابد من تكاتف الجهود والنظر لهذه القضية كقضية وطنية عاجلة. وأنا أعد هذا المقال حدثني أحد الأخوة عن عائلة شمالية عدد أفرادها يصل إلى 19 ما بين نساء وأطفال، ودخلها الشهري -1000 ( بالسالب) وهو قيمة إيجار ما يمكن أن يسمى البيت الذي يسكنونه، يقول سعينا - بمساعدة رجال الأعمال- في بناء بيت يؤويهم وبدأنا وكدنا ننتهي ولكن المبلغ لم يكتمل، الآن توقفنا ونبحث لهم عن دفايات وبطانيات فهم يشتكون من البرد! هذا مثال وإلا فمثل هذه المعاناة متوافرة في أكثر من عائلة ومكان، ولذلك فعلى كل قادر أن يجعلها أولويته في الأيام القادمة ولا ننتظر حتى يموت الأطفال من البرد كما حدث في أعوام سابقة.