تعاني بعض الأسر الفقيرة في محافظة القطيف من السكن في بيوت "الصفيح" حيث تتكون هذه البيوت من اجزاء من الحديد والخشب التي لا تقي من البرد أو الحر، كما يعاني سكانها من تجمعات المياه في منازلهم، ومعاناتهم الشديدة من توفر الخدمات. وعلى الرغم من تلقي الأسر الفقيرة المساعدات من قبل الجمعيات الخيرية في محافظة القطيف، اضافة للضمان الاجتماعي، الا ان مأساة سكنهم التي حلت في بعض المناطق ماتزال مستمرة. ويؤكد قاطن الصفيح محمد علي ( 80عاماً) ل"الرياض" ان المساعدات التي تأتيه من الجمعيات الخيرية ليست كافية ان قورنت بحجم المعانات الواقعية المتمثلة في اساسيات العيش الطبيعي، في "النواقص لا تتوقف". من جانبها تؤكد جمعيات خيرية في محافظة القطيف عدم وجود بيوت من صفيح في مناطقها، ويقول رئيس جمعية القطيف الخيرية عباس الشماسي: "ضمن المساحة التي تغطيها الجمعية لا توجد بيوت للصفيح"، مستدركاً "تتركز بيوت الصفيح في جزيرة تاروت والعوامية"، إذ تفقد الأسر هناك أبسط مقومات العيش الكريم، كما ان المرض يهدد حياة الأطفال، إذ تنتقل لهم عن طريق التلوث الموجود داخل الصفيح، ورغم التأكيدات على مساعدة الأسر، التي ساقتها جمعيتي تاروت والعوامية، غير ان النواقص ماتزال كبيرة جداً. ويقول رئيس جمعية العوامية الخيرية حسن السبيتي: "من المستحيل ان لا تمنح المحتاجين مساعدات ومسألة انتشال الأسر من وضعهم خارج عن مقدرة الجمعية، فهي محدودة من ناحية الميزانية، وصرف قسم كبير من ميزانيتنا يضر بمساعدة باقي الفقراء". الحرمان والتلوث والحسرة رغم ما يشعر به محمد علي من وحدة يعايشها في بيت الصفيح الذي يقطنه منذ أمد بعيد في بلدة العوامية، الا انه ينظر للحياة في شكل متفائل، ثم يقول: "صحيح ان عيشتي هنا ناجمة عن الفقر المدقع، إلا اني لا أملك أي خيار آخر يخرجني من وضعي، ولذا ليس أمامي غير التفاؤل". ويذهب محمد للعمل (سوق الحراج في القطيف) بشكل يومي ليبيع ما تيسر له من قطع بالية ربما يجد فيها أحد الأطفال شيئاً نافعاً. وعن تجارته يقول: "اشتري السلعة بريال، أو ريالين". ويقول: "لا يحميني من البرد أو الصيف أي شيء.. يوجد مكيف لكنه لا يعمل جيداً، وحتى لو عمل فإن الخشب والحديد الذي يتكون منه بيتي يسرب الهواء البارد وفي أيام الحر الشديد أوشك على الاختناق مع أن التكييف يعمل". والكوخ الذي يرغب محمد بتسميته بدلا من بيت صفيح لاتستطيع الجلوس فيه لساعات عدة، ويقول: "حين تمطر الدنيا يغرق الماء بيتي من الداخل، ما يعكر نومي"، مضيفاً: ان الفئرات والحشرات لا تكف عن الخروج ليلا. ويضيف: "تتكون برك المياه لتسبب روائح التخمر الكريهة"، وفي شكل متذمر يقول: "لم اعد احتمل الحياة التي قضيتها منذ زمن بعيد"، ويصر على عمله رغم الضعف الذي يضعه تحت خط الفقر المدقع، يقول: "لم أفكر في التسول لانه يسحق كرامة الإنسان". مشكلات الشتاء ويضطر فقراء بيوت الصفيح لوضع السواتر الترابية امام الأبواب المهترئة لئلا تدخل لهم مياه الأمطار، فمعظم بيوت الصفيح أقل من مستوى سطح الأرض، ما يؤدي لدخول المياه بكثرة لداخل المياه، وتقطن أم عبدالله ( 55عاماً) في بيت صفيح في جزيرة تاروت لعمل حفر تتجمع فيها المياه بيد أن المعانات لا تنتهي، فالمياه تدخل من نواح عدة ومن الصعب السيطرة عليها ويشاركها المواطن حسن علي ( 40عاماً) القاطن بالصفيح ايضاً الحديث ويضيف شارحاً معاناته مع الأمطار "تشتد مع استمرار هطول المطر لعدة ايام، فالمياه القادمة من الغيوم لا ترحمنا، والمياه الطافحة من المجاري تسبب الروائح"، ملخصاً المعاناة "لا تأتي المياه من طريق الأرض، بل تتسرب من أعلى السقوف الحديدية". وحول فترة الصيف يقول: "في الصيف تكون المعاناة أكثر شدة، فحرارة الشمس تتضاعف مع الصفيح"، مضيفاً: "لا تستطيع زوجتي دخول المطبخ في فترة الصيف، ما يضطرنا للعمل في الخارج". وضع غير آمن ومن ناحية السلامة لا يخفى الدفاع المدني في محافظة القطيف مخاوفه من الوضع غير الآمن في تلك البيوت، ويصف مطلعون على بيوت الصفيح التسليك الكهربائي ب(البدائي جداً) ما يرفع نسبة احتمال حصول ماس كهربائي، وبخاصة حين تمطر الدنيا. كما يخشى محمد علي على حياته في بيت الصفيح بقوله: "تأتي المياه من كل مكان، وأمل ان تنتهي معاناتي"، ورغم معرفته بحجم الاضرار الناجمة عن أي تماس كهربائي غير انه لا يستطيع وضع احتياطات وان كانت شكلية، ويقول متسائلاً: "كيف أضع احتياطاتي وأنا لا أملك دفع أجر من سيقوم بتركيبها"، مشيراً إلى أن بعض الشبان من غير المختصين هم الذين يسلكون له الكهرباء. ولا تنتهي مأساة قاطني بيوت الصفيح مع انتهاء المطر، فبعد انتهاء الشتاء عليهم الاستعداد لموجات الرطوبة العالية التي تضاعف من حجم حرارة الصيف، وفي هذا الصدد تقول أم عبدالله "لا أستطيع الحياة في شكل طبيعي في الصيف، فحتى الطعام لا أكله، وأفضل النوم في الظهر"، ولا استطيع النوم بسبب الحر، بيد أني ادوخ من الرطوبة".