يمكن رؤية الأعلام الكتالونية ترفرف في أنحاء قرية ارينيس دي مونت الصغيرة وهي تستعد للتصويت في الانتخابات الإقليمية المقررة غدًا الاحد والتي يسيطر عليها قضية إمكانية قيام المنطقة الواقعة في شمال شرق البلاد بإعلان استقلالها عن إسبانيا. وقال جوسيب مانيل خيمينيس عمدة القرية لوكالة الأنباء الالمانية في مقابلة هاتفية: "كتالونيا بحاجة لأن تصبح مستقلة بعد ثلاثة قرون من الاحتلال الإسباني". وتفتخر القرية البالغ تعداد سكانها 8500 نسمة بتنظيمها اول استفتاء غير رسمي على استقلال كتالونيا متحدية به رفض الحكومة الإسبانية لذلك في سبتمبر 2009. وأيّد 96 بالمائة من الناخبين بالقرية أن تصبح المنطقة البالغ تعداد سكانها 7.6 مليون نسمة دولة أوروبية جديدة. وتلت عملية التصويت في ذلك الاستفتاء عمليات تصويت مماثلة في نحو 550 بلدية كتالونية وساندت اغلبية كبيرة من الناخبين الاستقلال وإن كانت نسبة المشاركين منخفضة. صداع في رأس ماريانو ومهّدت الاستفتاءات غير الرسمية الطريق أمام نمو الحركة المطالبة بالاستقلال والتي أصبحت تمثل صداعًا في رأس ماريانو راخوي رئيس وزراء إسبانيا. ودعا ارتور ماس رئيس حكومة إقليم كتالونيا إلى إجراء انتخابات مبكرة غدًا الأحد في محاولة لحشد الدعم اللازم لإجراء استفتاء في الإقليم خلال فترة أربع سنوات حول إمكانية حصول الكتالونيين على "دولتهم المستقلة" بحلول عام 2020. استطلاعات الرأي وأظهرت استطلاعات الرأي أن حزب التقارب والاتحاد لن يتمكّن من الحصول على الأغلبية المطلقة التي يسعى لتحقيقها ولكن من المتوقع ان تحصل العديد من الأحزاب الانفصالية على أغلبية في البرلمان الإقليمي وهي نتيجة ستسمح لماس بالاستمرار في تنفيذ مشروعه الانفصالي. ويتفادى حزب التقارب والاتحاد استخدام كلمة "استقلال" حتى لا يفقد الناخبين الوطنيين المعتدلين الذين لا يرغبون في الوصول بالحكم الذاتي القائم إلى درجة الانفصال التام عن أسبانيا. ويقول خيمينيس الذي ينتمي لحزب "ترشيح الوحدة الشعبية" الانفصالي اليساري: "هنا في ارينيس دي مونت نتحدث بكل وضوح عن الاستقلال". ويؤكد خيمينيس على ان كتالونيا كانت "أمة" لها قوانينها ومؤسساتها وأعرافها حتى جاء الغزو الإسباني في عام 1714. وفي الوقت الحاضر، يتمتع إقليما كتالونيا والباسك او ما يطلق عليهما" المجتمعات التاريخية"، ولكل إقليم منهما لغته وخصائصه الثقافية ، بقدر من الحكم الذاتي يفوق ما يحظى به باقي مناطق إسبانيا السبع عشرة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي. الأزمة الاقتصادية وتتمتع كتالونيا بوجود جهاز شرطة خاص بها كما أن لها سفاراتها الخاصة بالخارج وهي تدعم بشدة استخدام اللغة الكتالونية بجانب اللغة الإسبانية. وفي الوقت الذي عزز فيه استسلام جماعة ايتا الانفصالية المسلحة في إقليم الباسك في عام 2011 نشوء حركة استقلال غير عنيفة، شجّعت الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت إسبانيا الانفصاليين في كتالونيا المسالمة. وعلى الرغم من أن كتالونيا كانت تُعرف فيما مضى بأنها مركز القوة الاقتصادية في إسبانيا فإن كتالونيا بدأت الآن في الانهيار تحت وطأة الديون حتى أنها اضطرت للتقدّم بطلب الحصول على معونة إنقاذ مالية مقدارها 5 مليارات يورو ( 6.5 مليار دولار) من مدريد. ويرى ماس أنه كان في مقدور كتالونيا معالجة الأزمة الاقتصادية بصورة افضل لو لم يتم اجبارها على تحويل جزء من عائدات ضرائبها لمناطق إسبانيا الأكثر فقرًا. وينفث خيمينيس غضبه قائلا: "إن إسبانيا تنهب عائدات ضرائب كتالونيا لتسدّ الفجوات في ميزانيتها ولتفوز بالثروة وتعامل كتالونيا على أنها مستعمرة". وعكست استطلاعات الرأي تنامي التأييد للاستقلال حيث ارتفعت نسبة الكتالونيين المؤيدين له من نحو 25 بالمائة في فترة التسعينيات من القرن الماضي إلى أكثر من 50 بالمائة. وقد شارك مئات الآلاف في مسيرة مؤيدة للاستقلال في برشلونة في سبتمبر الماضي. بيد ان المعارضين يقولون إن الاستقلال سيضر كتالونيا بحرمانها من السوق الإسبانية وبإجبارها على انشاء عددٍ من المؤسسات التي هي عاجزة الآن عن دفع رواتبها كوزارة الخزانة والجيش. وفوق كل هذا فإن الاستقلال سيجعل - ولو بصورة مبدئية - كتالونيا خارج إطار الاتحاد الاوروبي. وهذه المشكلة يجري دراستها جيدًا في اسكوتلندا التي من المقرر ان تجري الاستفتاء الخاص بها حول الاستقلال عن انجلترا في عام 2014. الدستور الإسباني وقال وزير الخارجية الإسباني خوزيه مانيول جارثيا مارجايو: "لم أر دولة أوروبية واحدة مستعدة لقبول إعلان أحادي من جانب كتالونيا للاستقلال عن إسبانيا". وتقول حكومة مدريد إن الدستور الإسباني لا يسمح للمناطق بإجراء استفتاءات وإنها ستسعى لمنع إجراء الاستفتاء في المحكمة الدستورية الإسبانية. ويقول خيمينيس: "إن بريطانيا تسمح لإسكتلندا بإجراء استفتاء حول حق تقرير المصير ولكن إسبانيا لن تسمح ابدًا لذلك بأن يحدث في كتالونيا. وإنها تفضل ان تسجن زعماءنا. وبمثل هذا الموقف فإنه بات من المضمون أن موجة تأييد الاستقلال لا يمكن إيقافها".