** كتبت ذات مرة عن قصة تلك الفتاة التي كانت تقطن العاصمة .. وتجوب المدن والقرى .. وكل البلدان .. والتي اختفت عمن يحاول ركلها .. يقال إن أحدهم كان يلمحها عند غروب الشمس نهاية كل شهر .. تنتظر حبيبها لتسافر معه إلى مكان مجهول...!! ** ويقول آخر انه شاهدها تضحك في ليل هادئ مع ضوء القمر .. ولم يتأكد بعد هل كان معها حبيبها أم لا..!! ** ويزعم ثالث .. أنه شاهدها وهي تغرق في البحر .. لكنها بدل أن تصرخ كانت تضحك بصوت عالٍ .. وكأنها لا ترغب في الخروج من البحر كالأسماك تماما ..!! ** بينما يظن آخرون أنها هربت مع حبيبها منذ أن طل هلال الشهر بعد الغروب .. ولم يعرف المتربصون بها مكانها .. لكنهم يعرفون عشيقها تمام المعرفة ..!! ** فاح عطر حبها وعشقها .. وبقيت الفتاة صامتة غارقة في التفكير لا تأمن جانب أحد سوى طلة عشيقها عند غروب شمس آخر يوم من كل شهر .. تبسمت بوجه طفولي عندما أعلنت أسرتها والمحيطون بها تبرؤهم منها .. وحينها فقط نطقت بكلام غير مفهوم .. كأنه طلاسم .. فيه اسقاطات كثيرة لحبيبها .. ولكن المفهوم من تلك الترانيم أن محبوبها «مختلف." ** كتبت تلك الفتاة على جدار منزلها المرصع بالذهب .. ان مهرها سهل جدا .. لا علاقة له بالغنى والفقر .. ولا حتى الجمال والقبح .. ولكنه صندوق مهارة وفن لا أكثر ..!! ** انتشر خبر الفتاة في كل مكان .. في المدارس والجامعات والأزقة والأحياء والأسواق والمقاهي .. حتى قيل ان مدرسا كان يشرح لتلاميذه الصغار علاقة الإنسان بالبحر والسماء لكنه توقف فجأة لأنه تذكر مروره ذات يوم على بيت الفتاة المحاذي لشقته وقرأ من يريد أن يعرف سر عشقي .. فلينظر إلى البحر والسماء ..!! ** أتذكر أنني كتبت كل ذلك .. وبعد الإخفاق الآسيوي الأخير انتابني شعور يصل حد اليقين أن الفتاة ستترك زرقة السماء والبحر .. وربما تبحث عن عاشق جديد لها في جزيرة العرب .. لكن ظني خاب وحدسي خانني .. فمازالت " المجنونة " تعشق وتسبح في اللون الأزرق محليا .. مع وقف التنفيذ " قاريا " ..!!** تركوا الفتاة وشأنها برهة من الوقت .. وانغمسوا في حرب شعواء على حبيبها .. أمطروه بوابل من الهجاءات العاجزة .. عادوا من جديد ليلصقوا به كلمات قذرة بأفواه ساقطة .. وأفكار مرتزقة معششة في عقول من عجز عن الوصول لقلب الفتاة .. لا سيما أن هذا العاشق فشل غير مرة في اجتياز صور الصين وتوابعه من شرق القارة الآسيوية رغم أنه زعيمها .. إلا أنه في كل موسم منذ ما يقارب العشر سنوات يمرض عندما يشد الرحيل إليها ..!! ** ضاقوا من الفتاة وعشيقها .. فقد رسموا الخرائط للوصول إلى قلبها لكنهم فشلوا .. وعندما دلهم رجل وقور على عالم يخبرهم سبب عشقها لفارس أحلامها .. رغم كل ما قدموه لها ليحظوا ولو بالقليل مما حظي به محبوبها .. وجدوا ذلك العالم قد سافر لبلاد الضباب.. مسقط رأس تلك الفتاة الفاتنة ..!! ** وفي ليلة اشتد مرضاهم بعضال الحسد والغيرة .. قرروا السفر لذلك العالم في بلاد الضباب .. وعندما وطأت أقدامهم هناك والتقوا به .. وأخبروه بقصة الفتاة وقصتهم وقصة الفارس الذي تعشق فيه الفتاة بحره وسماءه .. ضحك العالم وقال «ألم تكتب لكم ذات يوم على جدار منزلها أن مهرها صندوق مهارة وفن» واسترسل في حديثه قائلا «أتعلمون لماذا هجرت الفتاة مسقط رأسها بلاد الضباب وسافرت تارة لبلاد البن .. وأخرى لبلاد البيتزا .. ولبلاد «المكن» أكثر من مرة .. ولحضارة العرب في الأندلس في السنوات الماضية .. فكروا وإذا وجدتم الجواب ستعرفون لماذا فتاتكم أحبت الفارس الذي يظهر مع إطلالة كل شهر ..!! ** أتذكر أنني كتبت كل ذلك .. وبعد الإخفاق الآسيوي الأخير انتابني شعور يصل حد اليقين أن الفتاة ستترك زرقة السماء والبحر .. وربما تبحث عن عاشق جديد لها في جزيرة العرب .. لكن ظني خاب وحدسي خانني .. فمازالت " المجنونة " تعشق وتسبح في اللون الأزرق محليا .. مع وقف التنفيذ " قاريا " ..!!