في خضم الأحداث والاضطرابات الدامية في العالم العربي ، يتعيّن علينا في المملكة أن نحسب بدقة وتعقل كل خطوة نقدم عليها، خاصة أن بلادنا ليست بلداً هامشياً بل هي أكبر منتج للنفط وتتمتع بإمكانات اقتصادية بارزة، ويطمع بها كثيرون، ويتطلع كثيرون إلى زرع الفتن في ربوعها. وقد شهدنا محاولات فاشلة لزرع الفتن في بلادنا الحبيبة، سواء باستهدافها بالهجمات الإجرامية الدموية من مجموعات القاعدة الإرهابية أو من قطعان الحوثيين الذين شنوا عدواناً على حدود المملكة الجنوبية لحساب محيكي المؤامرات ومدبري الفتنة. ومن الخطوات الحكيمة العاقلة هو مبادرة هيئة كبار العلماء لإعلان رأيها في التظاهرات والاعتصامات بعد أن بدأت أصوات مجهولة لا يعرف مصدرها ولا من أين جاءت تروّج وتحرّض المواطنين في المملكة إلى الخروج والتظاهر وتعطيل الحياة. وبينت هيئة العلماء ما تجرّه المظاهرات على البلدان من مشاحنات وفتن وعداوات وربما خراب. وهذه ليبيا، بغض النظر عن السبب والمسبب، تدخل نفقاً مظلماً وتسفك دماء الأبرياء في الشوارع من الطرفين. ولا يعلم سوى الله ماذا ستؤول إليه الأحداث مستقبلاً. ولكن المؤكد أن ثمناً باهظاً قد دفعه الليبيون جميعهم. وقد أعلنت وزارة الداخلية في المملكة أنه لا يمكن التسامح لأي إخلال بالأمن. نظراً لأن المظاهرات وتجييش الناس وتوتيرهم واستغلال عواطفهم يؤدي إلى إثارة النعرات وتعطيل مصالح الناس والتغرير بالشباب اليافعين الذين لا يدركون ما ستؤول إليه تصرفاتهم. والتجمهرات والمظاهرات تؤدي أيضاً إلى التأثير على الاقتصاد والحركة التجارية. وفي المملكة مشروعات ضخمة تكلف في كل دقيقة رؤوس أموال باهظة، وأي محاولات لإثارة الشارع ستؤثر على الحركة الاقتصادية. وقد تكبدت البلدان التي اندلعت فيها المظاهرات، ارتفاعا في معدلات البطالة وخسائر اقتصادية باهظة لا يمكن تعويضها سوى في سنوات عديدة، إذا ما سمحت لها الظروف بالاستقرار في المستقبل، علاوة على الأعداد الكثيرة من القتلى والجرحى واليتامى والمعوقين وحرائق أكلت الأخضر واليابس. وقد بينت هيئة العلماء الطريق الأسلم للإصلاح، فبدلاً من التظاهرات وتعطيل الحياة وإثارة الفتن والأخطار، يمكن اللجوء إلى النصح بلقاء المسئولين أو الكتابة إليهم أو الكتابة في الصحف ووسائل الإعلام، ففي ذلك حوار بين العقل والعقل، أما مظاهرات الشوارع فهي استعراضات عاطفية وتوظيف قوة الناس والخطب الحماسية لخدمة الأهداف الحزبية والشخصية للمحرضين والأصابع الخفية التي ستجد لها في الشارع ألف باب وباب كي تنال من استقرار البلاد وتصفية الحسابات معها. ثم إن المملكة تسير على طريق ثابت ومتصاعد للإصلاح والتحديث وتعمل الحكومة الرشيدة على تطوير أعمالها وخدماتها بما يحقق للمملكة، مواطناً، ووطناً، التقدم والازدهار.