بعد أكثر من شهر تقريباً ، سوف يُسدل الستار عن الموازنة العامة للدولة للعام القادم ، وبغض النظر عما سيصاحب إعلان الموازنة من فائض أو عجز أو زيادة في بعض البنود أو نقص ، فهذا أمر محتمل ومتوقع عند إعداد أي موازنة ليس للدولة فقط ولكن عادة ما تكون هذه الاحتمالات عند إعداد الموازنة بشكل عام ، وإن كنا قد تحدثنا مراراً وتكراراً عن أهمية أن تقوم الدولة بتبني منهجية مالية مختلفة في إعداد موازنتها العامة ، وذلك بما يساعد على تحقيق أهدافها وخططها التنموية ، وكذلك الرقابة على المصروفات بشكل مترابط وميسر ، وأكثر فاعلية . قد يتم تنفيذ هذه المشاريع بطريقة غير مقبولة وبدلاً من أن يكون أصلاً داعماً لأصول الدولة ، أصبح يمثّل عبئاً حيث مصاريف الصيانة المطلوبة سنوية نتيجة سوء التنفيذإننا أكثر من أي وقت مضى ، في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في أسلوب إعداد الموازنة ، وذلك بما يصاحب التطلعات الدائمة لكافة فئات المجتمع من تفاؤل عند إعلان الموازنة ، كذلك لا نغفل أن اقتصادنا يعتمد بشكل أساسي وكبير على ما تنفقه الدولة خلال السنة المالية ، وبالتالي إعادة ترتيب هذه المنظومة أصبح أمراً أساسياً ، ولكن الشيء الجديد هو أن متطلبات المجتمع وكثرة تنوعها وتعددها ، وأحياناً السمات الخاصة التي تحملها بعض المتطلبات، جعل هذا الموضوع أكثر إلحاحاً في التفكير ومطلباً أساسياً باعتماد أسلوب مالي مختلف يحافظ على التركيز على أهداف خطط الدولة ، ويعمل على دعم تركيزها في تحقيق المشاريع المطلوبة ومن خلال الكفاءة والفاعلية المطلوبة . تنوع المشاريع التنموية المطلوب تنفيذها يمثل بنداً أساسياً من بنود الموازنة ، وقد يعتبر العبء الأثقل وذلك لما يصاحب هذا البند من إجراءات طويلة وعديدة ، عادة ما تمتد الى عدة سنوات ، ومع ذلك قد يتم تنفيذ هذه المشاريع بطريقة غير مقبولة وبدلا من أن يكون أصلاً داعماً لأصول الدولة ، أصبح يمثل عبئاً حيث مصاريف الصيانة المطلوبة سنوية نتيجة سوء التنفيذ ، وفي هذا الخصوص تحدثنا في وقت سابق عن أهمية التفكير جدياً بإنشاء كيان مستقل لمشاريع الدولة والتخطيط لها واعتماد مواصفات ذات جودة عالية ، وجهاز من الكفاءات العالية للرقابة على الإجراءات وعلى الجودة وكذلك آلية تأهيل المقاولين ، ونحن بانتظار مبادرة تدعم هذا التوجه من حكومتنا الغالية قريباً بإذن الله . نتطلع من خلال الموازنة القادمة الى منهجية مختلفة في اعتماد المشاريع وترتيب اولوياتها ، والابتعاد قدر الإمكان عن المركزية ، معتمدة في ذلك على تبني نمط حقيقي في دراسة الاحتياجات بشكل دقيق ، وكذلك تحديد الجهات المسئولة عن متابعة تنفيذ المشاريع بأسلوب مختلف ، كما أن تخصيص بنود الموازنة يتطلب أن يكون معمولاً بشكل يحقق مصفوفة متكاملة الجوانب وليس الجانب الواحد، وفي حقيقة الأمر علينا أن نستفيد من الدول التي سبقتنا في هذا المجال وأن نستخلص الإيجابيات وتبتعد عن السلبيات في سبيل بناء منظومة متكاملة تحقق استراتيجية الدولة وأهدافها . [email protected]