حين يصار إلى الحديث عن ضعف التخطيط وتهالك الأداء لعدد من المشاريع التنموية في المملكة فهو حديث لا ينم من فراغ، بل من واقع ملموس مؤداه أن كثيراً من تلك المشاريع التي يمكن وبالعين المجردة ملاحظة التهاون في تنفيذها، بل وسوق المبررات من كل حدب وصوب لتفنيد ذلك التهاون. وحين تحدثت في رؤى سابقة عن ضعف إستراتيجيات التخطيط في الكثير من الإدارات الحكومية التي أفرزت ترهلاً في أدائها الأمر الذي يقودنا إلى القول: إن خطط التنمية التي تنفذها وتبرمجها وزارة الاقتصاد والتخطيط تفرز خللاً لا يمكن تجاهله. فعديد من الأهداف المرسومة ذهب أدراج الرياح، ومن هذا المنطلق تتجدد دعوتي لإعادة النظر في المستوى والكيفية التي تدار بها هذه الوزارة، بل وإعادة النظر في برمجة مهامها وأهدافها لتكون حقيقة «اسماً على مسمى». العمل فوراً ودون تأخير في بناء منهج عملي قائم على أداء الأمانات وتحت مظلة من الرقابة الشديدة وتفعيل مبدأ المحاسبة يشكل حجر زاوية لضمان الحفاظ على مقدرات الوطنهذا الأسبوع اطلعت على فحوى دراسة متخصصة كشفت أن 65 بالمائة من المشاريع داخل المملكة لا تلتزم بجدول زمني محدد، وهذه الدراسة التي قام بها المعهد العالمي لإدارة المشاريع تضعنا أمام واقع مؤسف، مع دعوة مفادها عدم اعتماد أي مشروع دون الارتكاز على آلية ومنهجية إدارية احترافية في العمل تحدد فيها الأهداف لكل جهة وإدارة، بل ولكل موظف ومن ثم تتم المتابعة والمحاسب من خلال إقرار عمل جدول زمني للمشروع يحدد بوضوح الأوقات الزمنية المقدرة لبدء أعمال المشروع وانتهائها. وخلاصة الحديث أن معظم المشاريع كما تبين الدراسة تنفذ ب «البركة» فلا جداول زمنية ولا مواعيد تنفيذ أو جهاز محاسبة يقضي يحد من التأخر والتراخي في تنفيذ الالتزامات ولنا في فاجعة جدة خير شاهد على هذه المفاهيم السلبية وما خلفته من فساد لا يمكن نسيانه. إن العمل فوراً ودون تأخير في بناء منهج عملي قائم على أداء الأمانات وتحت مظلة من الرقابة الشديدة وتفعيل مبدأ المحاسبة يشكل حجر زاوية لضمان الحفاظ على مقدرات الوطن، بل وتهيئة البنية الاجتماعية الأساسية من خلال جهود القيادة في هذا الصدد. إن المتتبع لمناشدة مجلس الشورى أمس الأول الثلاثاء لجميع الأجهزة الحكومية المعنية بسرعة تنفيذ الأوامر الملكية التي صدرت مؤخراً لهو دلالة على الحاجة الفعلية لإعادة النظر في أداء هذه الأجهزة أصلاً ..فهي بالاساس ليست في حاجة لمناشدة بل إن أداءها مهامها بكفاءة واقتدار لهو ضرورة، بل إن مجلس الشورى مطالب بأن يلعب دوره الحقيقي في الرقابة والمساءلة بدلاً من المناشدة. [email protected]