من كبرى المشاكل التي يواجهها أرباب الأعمال في بلادنا تلك القرارات التي تخرج بين فينة وأخرى ظاهرها الرحمة وباطنها عرقلة العمل وإيجاد مشاكل أخرى لم تكن موجودة من قبل، ومن ذلك القرار الخاص بوضع حد أدنى لأجور الموظفين السعوديين بألا يقل عن 3000 ريال شهرياً في القطاع الخاص، وهو قرار صائب من وجهة نظر واضعيه والمستفيدين منه فقط، لكنه ليس كذلك على صعيد مواطني المملكة وحركة الاقتصاد والمعيشة في البلاد بشكل أعم، فقواعد السوق المعمول بها تؤكد أن القطاع الخاص ليس مدعوماً إلا من أصحابه، ولذا فإن أي زيادة أو خسارة غير متوقعة يتكبدونها فإنهم يحملونها على الطرف الأضعف في الحلقة المتشابكة وهو المستهلك، وبالتالي ترتفع الأعباء المعيشية، وتزداد السلع غلواً، وعندما تبحث عن المستفيد من ذلك كله فإن الإجابة: لا أحد . أحيانا يفوت على صناع القرار أن الاقتصاد وحدة متكاملة، وأن ما يؤثر في قمته يتأذى منه من في السفح، وأنه كلما فرضنا قيوداً متشددة على الاقتصاد وكثر التدخل الحكومي كلما منعنا السوق من الخضوع لآلية العرض والطلب والتي تحكم الأسواق الحرة، وسواء رضينا أم أبينا فإن تلك الآلية هي بالنهاية من يحدد نجاح الاقتصاد من عدمه، ولذا فإن التمرد على القواعد الحاكمة للعملية الاقتصادية . والغريب أن الشواهد اليومية على ذلك كثيرة لكن يبدو أن لا أحد يريد التعلم من الأخطاء، ومن ذلك القرار المشابه بوضع حد أدنى لمرتبات المعلمين السعوديين في مدارس القطاع الخاص، فكانت النتيجة أن تضرر قطاع كبير من الناس الذين لم تجد المدارس الاهلية غيرهم ليتحملوا تبعات القرار فقد رفعت مصاريف الدراسة في جميع المراحل التعليمية كي تعوض الزيادة التي ستدفعها للمعلمين، فازدادت الأوضاع المعيشية لكل من لديه طفل في المدارس سوءً، حتى بات كثيرون يكرهون موسم العودة إلى المدارس، ولولا الخوف من المستقبل لمنعوا أولادهم عن التعلم، وعندما تفتش عن المستفيد من كل ذلك فستجد أيضاً أنهم مجرد فئة من فئات المجتمع وليس كل أو أغلبية المجتمع .أحيانا يفوت على صناع القرار أن الاقتصاد وحدة متكاملة، وأن ما يؤثر في قمته يتأذى منه من في السفح، وأنه كلما فرضنا قيوداً متشددة على الاقتصاد وكثر التدخل الحكومي كلما منعنا السوق من الخضوع لآلية العرض والطلب والتي تحكم الأسواق الحرة، وسواء رضينا أم أبينا فإن تلك الآلية هي بالنهاية من يحدد نجاح الاقتصاد من عدمه، ولذا فإن التمرد على القواعد الحاكمة للعملية الاقتصادية لاسترضاء فئة ما يضر بالفئات الأخرى على طول الخط، فرفع الأجور كما أسلفنا يعني بشكل مباشر أو غير مباشر ارتفاع تكاليف المعيشة لأن التاجر لن يتنازل عن هامش ربحه من أجل أي أحد . بعض القرارات التي يعتقد الكثيرون أنها ستأتي بالحل الذي طال انتظاره ما إن يتم تطبيقها حتى تصبح بمثابة الورطة المفجعة للمسؤول والمواطن على حد سواء، وبرنامج حافز خير شاهد، فبعد أشهر معدودة سيتوقف عن دعم عدد كبير من المسجلين فيه لأنهم أمضوا عاماً في حالة استرخاء معتمدين على ما يحصلون عليه شهرياً دونما تعب، فلم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن عمل، فإذا توقف البرنامج عن الضخ عادوا للحديث عن البطالة والعمالة الوافدة وندرة الوظائف على أمل أن يصدر بشأنهم قرار آخر أكثر راحة.انتعاش الاقتصاد في بلادنا لا يمكن أن يُبنى على سياسة الاسترضاء؛ فهي إستراتيجية مخيبة للآمال، والاستفادة فيها من نصيب فئة محدودة، والأفضل أن يُبنى القرار على دراسة تكاملية ترى الخسائر قبل المكاسب، ولا تداعب الإعلام أو العواطف، وتضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الفرد، وبهذا فقط يمكن للحراك الاقتصادي أن يزداد نشاطاً وترتفع مكاسبه فتزداد أجور من يعملون فيه دون أن يؤثر ذلك سلباً على الآخرين.