من أجمل القصائد المغناة قصيدة ( متى ستعرف ) لنزار قباني التي تغنت بها صاحبة الصوت العذب نجاة الصغيرة.. كتبها الشاعر على لسان امرأة عاشقة لم تجد لعشقها صدى يرجع إليها بفعل من ذلك الرجل الذي بادلها العشق بالصدود وتمادى تاركاً إياها لتجدد له الاعتراف وتستجديه العودة، وليس أسوأ حالاً من امرأة تعشق من لا يرى ذلك في عينيها ولا يسمعه في صوتها ولا يشعر به في ارتباكها فرحاً بقربه أو خوفاً من بعده.. هل سمع الشاعر كل تلك التفاصيل الصغيرة والكبيرة من امرأة عاشقة حكت له همها وألمها ؟ أم أنه عاش تلك التجربة القاسية واستبدل مواقع الألم من قلب رجل لقلب امرأة .. كل الأسئلة متاحة لكن لا إجابة. متى ستعرف كم أهواك يا أملاً أبيع من أجله الدنيا وما فيها لو تطلب البحر في عينيك أسكبه أو تطلب الشمس في كفيك أرميها أنا أحبك.. حاول أن تساعدني فإن من بدأ المأساة ينهيها وإن من فتح الأبواب يغلقها وإن من أشعل النيران يطفيها دائماً هناك بداية ما .. شرارة ما يشعلها أحد الأطراف من حيث لا يدري ، لكنه قد ينسى تلك الشرارة، بل ولا يدري عما خلفته في الآخر في الوقت الذي تتمدد فيه بسرية لتباغت من استقرت في قلبه وعقله حين تتحول إلى نار تطوقه فلا يبحث عن النجاة منها إلا عند من أشعلها!! ودائماً هناك طرف يتجاهل تلك النار أو يتصنع تجاهلها، لأنها لم تمس شغاف قلبه فلا يبالي وإن فسرت ايماءاته واهتماماته وكلماته بأنه يواجه النار بالنار. يا لعالم الأحلام الدافىء الذي يحتضن اخفاقات العشق والعشاق عندما لا يتحقق المراد، وعندما تفرحهم كلمة وتسحرهم نظرة، لكنهم يكتشفون أنها مجرد كلمة جميلة لم تلتقط بالأذن، وإنما بقلب متسرع أخطأ الاستماع، فالكلمة ليست له، بل للأذن فقط..كفاك تلعب دور العاشقين معي وتنتقي كلمات لست تعنيها كم اخترعت مكاتيباً سترسلها وأسعدتني وروداً سوف تهديها وكم ذهبت لوعد لا وجود له وكم حلمت بأثواب سأشتريها وكم تمنيت لو للرقص تطلبني وحيرتني ذراعي أين ألقيها يا لعالم الأحلام الدافىء الذي يحتضن اخفاقات العشق والعشاق عندما لا يتحقق المراد، وعندما تفرحهم كلمة وتسحرهم نظرة، لكنهم يكتشفون أنها مجرد كلمة جميلة لم تلتقط بالأذن، وإنما بقلب متسرع أخطأ الاستماع، فالكلمة ليست له، بل للأذن فقط.. تلك كلمات لا يعنيها من يقولها قد تنحر المشاعر وتصلب العواطف، فلا خيار آخر غير الأحلام تحقق لهم ما يريدون .. الرسائل والورود والوعود والمواعيد التي لا تأتي فلا أثواب ملونة تشترى لها ولا لحظة حب مرتبكة ذات رقصة يرتبك على إيقاعها الشعور ويختلف القلب والعقل في موضع الذراع.. أتتمنع وتركن إلى الكتف بهدوء ؟ أم تصرح وتلتف لتعانقه؟!! تفاصيل صغيرة لأحاسيس متعاظمة تميز الشاعر بقدرة باهرة على اصطيادها وتسخيرها لنقرأها نحن أو نسمعها مغناة فنرى شريطاً سينيمائياً يدور في عقولنا لحالة تلك العاشقة، لكن الأحلام تضيق بمن يطول تدثرهم بها فترفضهم ويتململون من رفضها فينسحبون بيأس مرات وبإصرار على تحقيق تلك الأحلام مرات أخرى. وفي القصيدة كانت تلك العاشقة غير قادرة إلا على طلبه مجدداً ارجع إلي فإن الأرض واقفة كأنما الأرض فرت من ثوابتها ارجع فبعدك لا عقد أعلقه ولا لمست عطوري في أوانيها لمن صباي لمن شال الحرير لمن ضفائري منذ أعوام أربيها ارجع كما أنت صحواً كنت أم مطراً فما حياتي أنا إن لم تكن فيها هي لا تريده حلماً يقف على الأهداب، بل واقعاً يتحقق في وعيها حاضراً لانتشالها من غرق فقده ليلقي بها على شاطىء حضوره.. في عالم يزهو بحب كحبها.. (ودائماً مع القصيدة تخذلني المساحة، لكن أكملوها أنتم في خيالكم وصوروا لحظة اللقاء). تويتر: @amalaltoaimi