كنت قررت ألا أكتب شيئا بعد عن مهرجان الدمام للعروض القصيرة الذي أقيم مؤخراً، فالمهرجان انتهى وفاز من فاز وخسر من خسر، لكن ما دعاني لأن أواصل الكتابة هنا عن هذا المهرجان هي تداعيات قرارات لجنة التحكيم، وما يثار من جدل على صفحات الانترنت وخاصة الصفحة الرئيسة للمهرجان على «فيس بوك»، فالجدل أخذ منحى لم نكن نتصوره، ولم يكن يحدث في دورات المهرجان السابقة رغم عدم رضا البعض عن قرارت لجان التحكيم السابقة، وابتعادها عن توقعات جمهور المهرجان، ولم تظهر الإشكالات إلا في الدورة الماضية ولكنها حصرت في اجتماع اللجان والفرق ولم تصل إلى صفحات الجرائد ولم تتلقفها المنتديات لتتوسع دائرتها وتكبر لتصل إلى حد الخلاف. ففي السنوات الماضية كان ثمة نوع من الحب والتراضي والروح الرياضية، لأن الهدف الذي كانت تسعى له الفرق هو التنافس الشريف وإثبات الحضور واختبار الموهبة. هذا الجيل يبدو مختلفا عن سابقه، فالمسرحيون في بداية الدورة كان يجمعهم الحب، والآن صار لا شيء يجمعهم سوى التنافس على الجائزة.. صفحة المهرجان امتلأت بالتراشق الذي وصل إلى نوع من الشتائم بين أطراف معترضين على القرارات وآخرين منتشين بفوزهم، وهو ما لم نعهده من مسرحيين كان يفترض بهم أن يكونوا أكثر وعيا ونضجا في التعاطي مع هذه الظروف والخروج منها دون خسارات، ولا أعني الخسارة المادية بل الخسارة المعنوية، والخسارات على المستوى الانساني التي تحدث هوة وشقاقا فيما بينهم. ويبدو أن المبالغ المالية الكبيرة التي رصدت للجوائز هي التي أخرجت مارد الكراهية والحسد من قمقمه، مع أن الجوائز كانت لتحفيز الفرق على الإبداع وليس تحفيزهم على الصراع وتبادل الاتهامات. كنا نتفاءل بتجدد الدماء في دورة هذا العام، من اللجان العاملة إلى الفرق المشاركة، ودخول مسرحيين من جيل جديد وقودهم الحماس للمسرح، ولكن هذا الجيل يبدو مختلفا عن سابقه، فالمسرحيون في بداية الدورة كان يجمعهم الحب، والآن صار لا شيء يجمعهم سوى التنافس على الجائزة والصعود على منصة التتويج. ولأن المسرح وكما يدعي منظروه معلم للفضيلة، فإن الأجدر بالمسرحيين الشباب أن يتعلموا اولا دروسا في السلوك والتعامل مع الآخرين، وأن يخمدوا الطواويس التي تعيش فيهم -فبعضهم يظن بأنه بعرض واحد حاز المجد وصار يمشي في الأرض مرحا- قبل أن يقفوا على خشبة المسرح. [email protected]