قد لا يختلف اثنان من المسرحيين الخليجيين على أهمية مهرجان المسرح الخليجي الذي ينطلق في عمان بعد أيام لما يمثله لهم من فرصة وحيدة للتنافس الخليجي ولتبادل الخبرات .. ولكنهم يختلفون بالتأكيد في النظر بإيجابية أو سلبية إلى الطريقة التي يدار بها على أرض الواقع. حول تكرار الوجوه والأفكار، ومدى قوة حضور المملكة في المهرجان، وإمكانية استضافتها له في المستقبل، حاورنا عدداً من المسرحيين السعوديين، فكانت تلك الرؤي والافكار.. مهرجان تاريخي قي البدايه قال مدير عام جمعية الثقافة والفنون عبدالعزيز السماعيل : «المهرجان أصبح تاريخياً، وقد حقق الكثير على مستوى التعارف والتواصل والتعاون بين المسرحيين الخليجيين، ونتمنى أن يستمر بوصفه حلقة الوصل الوحيدة القائمة بين فنون الخليج، فلا يوجد ملتقى بين فناني الخليج في الفنون الاخرى سوى المسرح بفضل جهود أمانته التي اسسته، والمسرحيين المخلصين في الخليج. أخص بالذكر من يعود لهم الفضل في تأسيسه واستمراره وقدموا ولا يزالون للمسرح الخليجي والعمل في اللجنة الدائمة بلا مقابل سوى حبهم لمسرح الخليج : الدكتور ابراهيم غلوم وعبد العزيز السريع وابراهيم بحر، وجميع من مروا في عضوية اللجنة الدائمة لمسرح الخليج». وحول التكرار في الأعمال والوجوه أكّد السماعيل أنّ المهرجان لا ينتج الاعمال «وانما هو مرآة لمستوى الانتاج المسرحي في الدول الأعضاء بصورة مثل أي مهرجان يقوم بدوره في التقارب وتقديم فرصة للتنافس الشريف، وانا تابعت المهرجان منذ دورته الثانية حتى الآن وشاهدت الكثير من الاسماء الجديدة التي برزت من المهرجان في التأليف والاخراج والتمثيل .. واصبحوا نجوما الآن .. وتكرار بعض الاسماء هو الذي سمح بالتعارف بين الاجيال المسرحية في الخليج وليس غير هذا المهرجان». وأكّد السماعيل أنّ مشاركة المملكة بدأت «منذ الدورة الاولى والمملكة شريك فاعل ومساهم في المهرجان بجدية واهتمام، وحصد المسرحيون في المملكة عددا من جوائزه فيه، وما لم يتحقق حتى الآن سيحققه الشباب المسرحي السعودي ان شاء الله». وختم السماعيل معربا عن تمنيه أن تستضيف المملكة المهرجان في الدورات القادمة فهي قادرة ولها الحق في ذلك، ولكن استضافة المهرجان مسألة يجب تحديدها من قبل المسئولين في وزارة الثقافة والإعلام. مشاركة المملكة بدأت «منذ الدورة الاولى والمملكة شريك فاعل ومساهم في المهرجان بجدية واهتمام، وحصد المسرحيون في المملكة عددا من جوائزه فيه، وما لم يتحقق حتى الآن سيحققه الشباب المسرحي السعودي روتين لا يتجدد الكاتب المسرحي عباس الحايك بدا مختلفاً مع بقية المشاركين إذ قال : تكمنُ أهمية مهرجان المسرح الخليجي للفرق الأهلية الذي تقام دورته الثانية عشرة في صلالة العمانية هذا الشهر، في أنه التجمع الوحيد للفرق الأهلية المسرحية الخليجية، والتجمع الذي تسعى أكثر الفرق للحصول على تذكرة المشاركة فيه، سعياً يصل أحيانا لاثارة اسئلة متكررة في كل دولة خليجية حول معايير اختيار الفرق المشاركة، وهذا ما حدث في المملكة بعد الجدل الذي أثير حول اختيار مسرحية (الأجساد) لتمثيل المسرح السعودي في المهرجان. وأكّد الحايك أنّ المتتبع لدورات المهرجان الأخيرة يجد أنه تحول الى مناسبة تجمع المسرحيين من الخليج بضيوفهم العرب لمشاهدة عروض مسرحيات ومناقشة مواضيع بشكل روتيني لا يتجدد، فتلك الدورات لم تعد كونها نسخا مكررة عن بعضها البعض لدرجة تكرار المواضيع التي تطرقها الندوات الفكرية المصاحبة، ولدرجة تكرار وجوه المشاركين والضيوف، ولم يعد كما يراد له أن يكون مختبراً مسرحيا حقيقيا وكشافا لمستوى التجارب المسرحية الخليجية بما تقدمه الفرق من عروض وما يقدمه المهرجان من قراءات نقدية تحلل وتقيّم هذه العروض لتكون دافعا للتطوير والدفع نحو الأفضل. وأضاف : المهرجان يحتاج أن يتحرر من بروتوكولات مثل هذه المناسبات الخليجية، ويخرج من إطار التقاليد المهرجانية، ليقترب من نماذج المهرجانات المسرحية الدولية المعتبرة، والتي تكون القيمة هي كلمتها العليا، لا المشاركة والتشريف فقط. وختم الحايك قائلاً : أتمنى كمسرحي سعودي لممثلنا عرض (الأجساد) أن يقدم صورة تعبر عن مستوى ما وصل له المسرح في المملكة. أمنية واعتبارات المخرج المسرحي علي الغوينم رأى أن المهرجان من أقوى المهرجانات العربية بالنسبة للفرق السعودية «بسبب قلة الفرق المنافسة واختيار العروض الأفضل من كل دولة لتقديمها، وهو مهرجان عريق فيه فرصة كبيرة للاحتكاك وتبادل التجارب، وهناك فرصة كبيرة للاستفادة بسبب الجلسات النقدية». وبخصوص التكرار للوجوه والأفكار قال الغوينم انه يعود إلى الدول المشاركة ذاتها، وبالنسبة للمملكة لا يوجد تكرار في مشاركتها وفي كل مرة تشارك منطقة، وتوجد فرص متعددة لأكثر من مجال. وتمنى الغوينم للفرقة المشاركة بمسرحية «الأجساد» التوفيق، مؤكداً أن المملكة أصبحت في الآونة الأخيرة منافساً كبيراً وحققت جوائز عديدة وليس من الغريب أن تحظى بالفوز هذه السنة. وحول إقامة المهرجان في المملكة قال الغوينم انّ هذه أمنية ولكن قد يكون هناك اعتبارات معينة تحول دون ذلك بالرغم من قدرة المملكة على تنظيم مثل هذا المهرجان وما هو أكبر وافضل منه. ضبابية المعايير وأكّد المسرحي ياسر الحسن أنّ المهرجان يمثل فرصة كبيرة للمسرحيين السعوديين للاجتماع مع المسرحيين الخليجيين مشدداً على ضرورة استمراره مبيناً أنه «أظهر أجيالاً من الشباب والنجوم المعروفين، على مستوى الخليج» معتبراً الأمر مؤشراً على تصاعد مسيرة المهرجان. ونفى الحسن وجود التكرار في الوجوه والأفكار في المهرجان، وإن أقر بالتركيز على الهوية التراثية الخليجية وأنه يتسبب في التكرار، «ولكنه يتضمن اشتغالاً على أمور أخرى كثيرة، وأدواته آخذة في التطوّر». وتمنى الحسن أن تكون «أجساد» ممثلة المملكة على قدر المسؤولية المناطة بها، لكنه تساءل عما سماه «الضبابية» التي اكتنفت عملية اختيار هذه المسرحية وإن لم يبد اعتراضه عليها.