«يقول أحد الأدباء: سألت أحد رفاقي عن سرعة إنجازه معاملاته الشخصية في مختلف الدوائر الحكومية، فقال: ما كان ذلك إلا لأنني أدرك أن سكرتير أي مسؤول أراجعه هو في أغلب الأحيان حجر الأساس في تعقيد أو تسهيل المعاملات، لذا فإنني أتعامل معه وأحاوره كمدير لمكتب ذلك المسؤول لا بواباً عند بابه». احترام المقابل هو وسيلة مهمة من وسائل النجاح، ودليل على حسن التربية وسمو الذات، ولذلك يجب أن نكون محترمين ونعكس قيمنا وتربيتنا حتى في نقدنا. النقد حق مشروع بل هو دليل رقي واهتمام، ولكن كيف يحقق أهدافه؟! هناك أسس وأصول: أن يكون النقد لمصلحة عامة، ووفق الوسيلة المناسبة، وباحترام وتقدير. فالمدح لمصلحة شخصية، والنقد في حال غيابها، لا يدل على خير حتى ولو أُلبس ألف لبوس ولبوس. والنقد في المجالس والمحافل ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي لن يحقق الهدف المرجو إلا إذا لم تستجب الجهة بدون عذر مقنع للوسيلة الأهم والأنجح وعلامة التقدير والرقي، والتي ذكرها الإمام الشافعي رحمه الله بقوله: تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي وجنِّبني النصيحة َ في الجماعة فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعه وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَه أما الاحترام والتقدير في النقد، فلا بد منه، من أجلنا قبل غيرنا، ففي التوجيه النبوي عن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم «أنزلوا الناس منازلهم»، فلكل مقام مقال، ولكل شخص ما يناسبه، وقد قال الإمام عبدالله بن المبارك، رحمه الله: إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه لم تذكر المساوئ وإذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن. فهناك من نُعرض عن نقده سعياً لمصلحة أكبر وهدف أعظم، ما سبق للنقاد بهدف المصلحة أما من يتلذذ بالسعي لإسقاط الناجحين من خلال البحث عن زلاتهم -ومن منا بلا زلة- فهذا يعيش في وحل، ولن يخرج منه حتى ولو برر وسعى وأراد. فالله جل جلاله لا تخفى عليه خافيه، يعلم سبحانه خائنة الأعين وما تخفي الصدور.