رعب دائم من المستقبل، يعيش قلقاً دائماً على رزقه، فالمستقبل مظلم على المستوى الداخلي والعالمي، والموظفون سيطردون من الكثير من الوظائف التي ستنتهي الحاجة لها، والأبناء لن يجدوا وظائف تعينهم على مصاعب الحياة، وستكثر الأمراض الخطيرة والانهيارات في كل مجال، ولذلك هو مريض ويسبب المرض لكل من يقترب منه! علاقات متوترة مع من حوله خصوصاً في العمل، فهو يرى أن زملاءه سيأخذون منصبه أو مكانته أو بدلاً معيناً يُصرف له، فيعيش في صراع مع كل من حوله، يفسر كل كلمة، وكل فعل تفسيراً سيئاً، فهو يرى أنه إن لم يكن ذئباً ستأكله الذئاب التي حوله، فيعيش في غابة يأكل قويها ضعيفة بدلاً من أن يجعل نفسه في بيئة عمل تريحه وتوصله إلى رزقه الذي كُتب له. طموح غير واقعي يزيد الضغوط فيوقع في دواهٍ ومصائب، بعض الطموح يؤدي إلى دمار داخلي، ومن ثم خارجي عندما تكون الغاية تبرر الوسيلة وبالتالي لا يتهيب أي باب من الأبواب حتى ولو كان ملوثاً بالفساد، فهذه هي بوابات النجاح حسب ظنه عندما أعماه طموحه غير المنضبط. يتنازل عن كرامته ظنا بأن بشراً من البشر بيده رزقه، ولذلك يريق ماء وجهه أمام من يستحق ومن لا يستحق! مثل هؤلاء ليسوا مخططين حذرين وأناسا واعين وأهل طموح قوي ومسوقين بارعين كما يظنون أو يظن غيرهم عندما تختل موازين القيم لديهم، بل هم -حسب أقرب وصف- تائهون يسيرون في طريق مرهق مخالف لدينهم وقيمهم، والمصيبة أنه لن يوصلهم -مع أنهم يبذلون ويضحون من أجله بالكثير- إلا إلى ما كتبه الله لهم. كمسلمين نؤمن -ولله الحمد- أن أرزاقنا كُتبت ونحن في بطون أمهاتنا، وهذا ما يؤيده الدليل والفطرة، ففي الحديث الشريف يقول المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-: «أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم». هي قاعدة بسيطة من أتقنها ارتاح ونجح ولذلك ينجح كثيراً البسطاء: الرزق مطلوب والسعي مطلوب، ولكن لن تنال إلا المكتوب. فابذل ثم ارتح وأرح!