دائما هنالك مسافة بين ما يحدث لنا وبين استجابتنا لتلك الأحداث، ومفتاح تطورنا وسعادتنا يكمن في كيفية استخدام تلك المسافة. وبالرغم من أننا لا نستطيع التحكم في الأحداث لكننا نستطيع التحكم في استجابتنا لها. هذه هي الفكرة التي غيرت حياة ستيفن كوفي مؤلف كتاب «العادات السبع للناس الأكثر فعالية» والذي يعتبر من أشهر الكتب وأكثرها مبيعاً في العالم. ولأن النجاح ليس مجرد صدفة وإنما هو سلسلة من العادات والسلوكيات التي تعودها الإنسان الذكي والإيجابي حتى حقق النجاح، لذلك وجب التحدث والإسهاب في تلك العادات وأولها عادة المبادرة والاستباقية. يتعرض الكثيرون منا من وقت لآخر لظروف قاسية أو يواجهون أناسا سلبيين يحاولون كسر هممهم بوضع العقبات أمامهم بسبب غيرة أو حسد يتملكهم. وتتباين ردات فعل من يواجه تلك الصعوبات بين لوم الغير، الاستسلام، النياح، ندب الحظ أو التعلم، العمل وشحذ الهمة لمحاولة تذليل تلك الصعوبات بأي طريقة. فالنوع الأول يستنزف وقته ومجهوده للبحث عن شماعة يعلق عليها أسباب فشله. فتارة السبب هو الوراثة وتارة أخرى الأهل أو المجتمع أو الناس أو الأنظمة أو الحظ، وهكذا حتى يجد الشماعة المناسبة ويكون مقتنعاً أنه ضحية تلك الشماعة فيركن للتذمر ويحترف الفشل. أما النوع الثاني فهو من يتبى عادة المبادرة ويجعلها جزءا من روتينه بأن يسيطرعلى حياته وأن يقرر ويتحمل مسؤولية قراراته ويتحكم في مجريات الأحداث بالترتيب والإعداد المسبق الجيد وأن لا يتشاءم أو يستسلم مهما كانت الظروف معاكسة له. فالشخص المتميز هو الذي يستطيع تحويل الخردة لتحفة فنية وسوء الحظ لفرصة وهو الذي يستطيع إنتاج أجود المنتجات بأبسط الموارد. ولا ننسى قصة المزارع الهولندي فان كلويفرت الذي باع كل ما يملك وهاجر لجنوب أفريقيا للبحث عن حياة أفضل، فاشترى أرضا أملاً في تحويلها إلى مزرعة ضخمة تدر عليه الذهب ليكتشف لاحقاً أنها ليست سوى أرض جدباء لا تصلح للزراعة ومليئة بالعقارب والأفاعي السامة أيضاً! وبينما هو جالس يندب حظه خطرت له فكرة عبقرية بأن ينسى الزراعة ويستفيد من كثرة الأفاعي لإنتاج مضادات السموم الطبيعية وسرعان ما أصبح من أكبر المنتجين للقاح السموم في العالم! تميز الإنسان عن باقي الكائنات بقدرات منها إدراك الذات، الحلم، الخيال والقدرة على التمييز بين الصح والخطأ وأخيراً الإرادة والتي تقودها المبادئ التي يؤمن بها وبذلك تكون الحرية الشخصية التي كفلها لنا ديننا الحنيف هي تصرف الإنسان بكامل إرادته المبنية على قناعاته ومبادئه وليست ما يمليه عليه أهله، تربيته، المجتمع أو الناس ولو تأثر بها مما يعني قدرته على اختيار النجاح أو الفشل بكامل إرادته أيضاً. فالمبادر هو إنسان إيجابي لدية إيمان راسخ بقوة إرادته وبتأثير أفعاله على حياته وإمكانية تغيير الواقع الذي يعيشه مهما كان سيئا أو صعبا. هو إنسان يبحث دائما عن حلول للمشاكل حتى وإن لم يكن هو سببها وهو إنسان لديه قناعة بأنه يستطيع تعلم وإتقان أي مهارة أو حرفة بغض النظر عن وجود الموهبة الفطرية للنجاح. المبادر هو من يخلق فضولا للتعلم ثم شغفا ثم إتقانا يدفعه للتميز. وهو عكس الإنسان السلبي الذي يعتقد أن أي مجهود يبذله لن يغير شيئاً في محيطه وبذلك فهو يفضل أن لا يغير ساكناً ويلوم الظروف والمجتمع والناس والأنظمة والحظ وحتى الطقس!