تزامنا مع طبيعة العمل خلال الفترة الماضية وتقلب المزاجات لدى الموظفين، حاولت الابتعاد قليلا حتى لا أتأثر بالواقع، والتفاؤل بقراءة عدد من قصص النجاح لبعض المشاهير والعلماء الذين أصبحوا روادا في المجتمع. تعلمت أننا كمجتمع لو استطعنا أن نغير مفهومنا للنجاح فسنستطيع أن نغير مفهومنا للفشل كذلك، وأن نتقدم إلى الأمام بكل ثقة، فالنجاح ليس له عنوان محدد، فقد يكون النجار في نجاحه منافسا للمهندس الناجح، وقد يكون نجاح التاجر متحققا بنجاح صغار موظفيه، وقد يكون نجاح الرئيس في العمل من نجاح موظفيه مهما كانت النتيجة ومهما تعددت الخبرات. من إحدى القصص التي قرأتها قصة جميلة عن مزارع هولندي هاجر إلى جنوب إفريقيا للبحث عن حياة أفضل، وكان قد باع كل ما يملك في هولندا على أمل شراء أرض إفريقية خصبة يحولها إلى مزرعة ضخمة، وبسبب جهله -وصغر سنه- دفع كل ماله في أرض جدباء غير صالحة للزراعة! ليس هذا فحسب، بل اكتشف أنها مليئة بالعقارب والأفاعي والكوبرا القاذفة للسم. وبينما هو جالس يندب حظه خطرت بباله فكرة رائعة وغير متوقعة: لماذا لا ينسى مسألة الزراعة برمتها ويستفيد من كثرة الأفاعي حوله لإنتاج مضادات السموم الطبيعية؟ ولأن الأفاعي موجودة في كل مكان -ولأن ما من أحد غيره متخصص بهذا المجال- حقق نجاحا سريعا وخارقا بحيث تحولت مزرعته (اليوم) إلى أكبر منتج للقاحات السموم في العالم. عندما سأل أحد الصحفيين توماس أديسون عن شعوره حيال ألف محاولة فاشلة قبل النجاح في اختراع بطارية تخزين بسيطة، أجاب: "لست أفهم لم تسمّيها محاولات فاشلة؟ أنا أعرف الآن ألف طريقة لا يمكنك بها صنع بطارية، ماذا تعرف أنت"؟ كنت أتمنى ولو سمح لي صاحب الخبرة والنجاح في كل شيء -والذي أعتبره مرجعا لي في كل سؤال أجهله- أن أسرد بعض قصصه، لكن تعلمت منه قاعدة في الحياة أنه ليس من العيب أن تكون جاهلا وتسأل الآخرين عما تجهله، لكن العيب أن تتعالى. عرفت من هذه القاعدة سبب نجاحه وخبرته، فجعلته قدوة لي أسير على خطاه. ورغم ما تعلمته من صاحب الخبرة إلا أنني تعلمت من رئيسي في العمل التفاؤل والابتسامة في وجه الموظف مهما كانت ضغوط العمل، ومع ذلك يبتسم وهو غير سعيد، لكنه مسالم في طبعه وسرعان ما يتحكم في غضبه ليكسب رضا موظفيه ويحقق النجاح في العمل. رسالتي لكل بيئة عمل: ابدؤوا مع رأس العام الميلادي الجديد قصة نجاح جديدة وانسوا الماضي وتفاءلوا بالقادم، يجب نسيان تلك الأيام والساعات الطويلة وما تخللها من بعض الفشل في آلية العمل، واعلموا أن هناك مرحلة قادمة ناجحة بإذن الله. فالفشل خطوة أولى نحو النجاح وليس نهاية الطريق. أخيرا وليس آخِرا في حال واجهتك "الأفاعي" فكر بكيفية ترويضها لصالحك!.