يرى عدد من المسرحيين أن للمسرح المدرسي دورا كبيرا في بناء جيل مثقف وواعٍ يساهم في تعزيز الساحة الفنية في المملكة، مشيرين في حديثهم ل«اليوم» إلى أن المنهج الدراسي لا يزال يفتقد لتدريس المسرح على يد متخصصين بإمكانهم المساهمة في اكتشاف وتعزيز مواهب الطلاب، إضافة لقدرتهم على مسرحة المناهج لتسهيل فهمها لدى الطلاب. » منهج دراسي في البداية، أكد الناقد المسرحي علي الخبراني أن المسرح المدرسي لن يكون واقعا ملموسا إلا بعد أن يتم تضمين المناهج الدراسية بمادة متخصصة في مجال المسرح، يقوم بتدريسها متخصصون يستطيعون إحداث نقلة نوعية لدى الطلاب ليكتشفوا ما يمتلكونه من مواهب عديدة قد تضيع بسبب تهميش الفن المسرحي. وقال: كلنا يعلم كيف يستطيع مشهد تربوي بسيط هادف يؤدى على خشبة المسرح تعديل سلوك تعجز عنه المحاضرات والدروس المطولة، وأكاد أجزم بأن مسرحية أو جزءا منها ما زالت عالقة في ذاكرة أربعيني رآها على مسرح المدرسة في الصف الأول ابتدائي. وأضاف: رغم الجهود المشكورة التي تقوم بها وزارة التعليم لدعم الحراك المسرحي من خلال تنظيمها مسابقة على مستوى الوزارة، إلا أن ملاحظتي بما شاهدته من عروض هو استنساخ أو إعادة مسرحيات لتجارب موغلة في الرمزية، أكاد أجزم بأن الطالب الممثل يقول ويؤدي ما لا يفقه، والسبب أن معلمه أو المشرف على العمل يريد أن يسوق لعرض كتبه أو يعتقد أن الاسم الفلاني لكاتب مرموق كفيل بنجاح عمله، متناسين المرحلة العمرية للمؤدي والمتلقي، إضافة لتناسيهم أن المنهج المدرسي غني بالكثير من الأفكار، لذا أعيد وأكرر بوجوب أن يكون هناك منهج مسرحي يتم تدريسه بمدارسنا. » مسرحة المناهج من جانبه، قال الممثل والكاتب المسرحي عبدالعزيز السماعيل: تكمن أهمية المسرح المدرسي لقدرتها الكبيرة في تقديم رسالة تربوية للطلاب، وهي تجارب أثبتت نجاحها في الكثير من دول العالم، سواء عبر النشاط الطلابي أو من خلال مسرحة المناهج، أو غير ذلك من جهود مسرحية متطورة في مجال التعليم. » التثقيف المبكر فيما أوضح المخرج المسرحي سالم باحميش أن المسرح المدرسي يعتبر خطابا تربويا مهما بإمكانه تعليم الطلاب كيفية اكتشاف ذواتهم وتثقيفهم مبكرا، مؤكدا أنه من خلاله يتم اكتشاف المواهب الطلابية وتوجيهها بشكل سليم. وأضاف: لا ننسى الدور المهم للمسرح المدرسي في حماية الأمن الفكري ومحاربة التطرف من خلال طرحه التوعوي، ومن هنا تبدو أهمية الأنشطة المسرحية في المدارس. وكشف باحميش وجود ضعف بأبجديات المسرح المقدم في أنشطة إدارة التعليم. وقال: من خلال مشاركاتي في مهرجان المسرح المدرسي في دوراته السابقة، يلاحظ أن هناك ضعفا لدى رواد التعليم ومشرفي النشاطات، حيث أخذ المسرح المدرسي الاعتماد على العروض الغارقة في الرمزية والتجريبية واستخدام التقنيات الحديثة، التي تفوق قدرات الطالب في مراحل التعليم العام، حيث يسعى الجميع للمنافسة على جوائز المهرجان وتقديم نصوص ذات طابع رمزي بدون التركيز على أهمية التدرج للمراحل العمرية للطالب، لذلك أتمنى توجيه دفة المهرجانات المدرسية لتقديم عروض تناسب الطفل من خلال الحكايا البسيطة بدون تعقيد. » الذائقة المسرحية وانتقد الكاتب والمخرج المسرحي عبدالله الجفال غياب المسرح من ضروب اللغة العربية، التي تدرس للناشئة والكبار على حد سواء. وقال الجفال: من الضروري أن تتضافر الجهود بين التربية والتعليم والبلديات والأمانات لبناء مدارس ضمن تخطيط محكم لتصاميم مخصصة، تشدد على عدم السماح ببناء المدارس، خصوصا للمراحل الابتدائية بدون تضمنها لصالة مسرحية وأخرى لمكتبة وثالثة للفنون التشكيلية، فتربية الذائقة المسرحية منذ الصغر يمهد لبروز وعي مسرحي عالي المستوى، بحيث يحاصر هذا الوعي الفني كل ما يشذ عن القاعدة من عروض سطحية وتافهة وغير عميقة في تناولها للقضايا الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.