الكثير من الناس يظن أن قيمة الإنسان بما يملك وما تفضل الله عليه من علم ومواهب وأموال ومكانة اجتماعية وشهادات علمية، ويتم التعامل معه وفقا لهذه المعايير. وهذه المعايير لا يمكن أن يحتذى بها ومن الخطأ أن تجعل قيمتك هى الثناء والمدح وسماع الآراء الإيجابية في شخصك؛ لأن الناس يختلفون لحكمة الله في الاختلاف بين الناس، نجد قيمة الإنسان تختلف من شخص لآخر ولنفس الفرد بناءً على معيار كل واحد منهم، فنجد مثلا أن أحد الأفراد يثني على شخص اسمه محمد ونجد شخصا آخر يذم محمدا، نجد أن محمدا يثنى عليه ويذم في نفس الوقت ترى التناقض؛ لذلك مستحيل أن يكون الباب مفتوحا ومغلقا في نفس الوقت. ونجد أن الناس آراؤهم واحدة وتكون سليمة طالما أن الموضوع خارج نطاق الذوق مثل الأكل والألوان، لذلك ثبت أن لا يصح الاعتماد على آراء الناس في معرفة قيمة الإنسان، بالإضافة إلى الفرق بين الإنسان كمفهوم وبقدر تكامل العقل والإرادة تتحدد القيمة الحقيقية للإنسان (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) خلق الإنسان من أتقن كل شيء صنعه، جعله الله سبحانه وتعالى يمتلك العقل وهو القدرة على الفهم والاستيعاب والقدرة على التحليل وحرية الاختيار، والعقل ميزة حقيقية للإنسان تتعلق بالقدرات العقلية الفريدة، قيمة الإنسان تتحدد بمدى استخدامه لعقله وتصرفه بما يمتلك من إرادة طالما أن الله خلق البشر متساوين في امتلاك العقل والإرادة، قيمة الإنسان أن الجميع لا يستخدمون عقولهم بالشكل الصحيح ولا الإرادة بالطريقة الصحيحة. لا تنخدع بالكم التي توهمك أن قيمتك مرهونة بالناس أو ما تملكه من ممتلكات وأموال أو شهادات أو مناصب، ويجب أن تكون القيمة الحقيقية للإنسان تنبع من الداخل وليس من الخارج، وعندما ترسخ هذا المفهوم في ذاتك تتضح لك قيمتك وتسعى في تحقيق رحلتك في الحياة. تتجلى قيمة الإنسان في مقدار المنفعة التي يقدمها للناس وعدد المستفيدين من هذه المنفعة، وكذلك في مقدار الضرر الذى يرفعه عنهم وعددهم في ذلك. العالم سواء كان عالما دينيا أو في العلوم الأخرى ليس له أي قيمة مهما بلغ من العلم ما لم يوظف هذا العلم وهذه الموهبة في خدمة أبناء مجتمعه، وتكون القيمة أكبر كلما اتسعت دائرة الاستفادة إلى مجتمعات أخرى وأعداد أخرى. القيمة الحقيقية للإنسان بأخلاقه ودينه وسلوكه وعلمه وعمله وسمو أهدافه في الحياة، وطريقة تعامله مع الناس والتزامه بالقيم والمبادئ والأخلاقيات والفضائل. وكما قال توفيق الحكيم كل شيء في الوجود عندما يؤدي وظيفته جيدا فإنما يحقق الغاية من وجوده.