قال رئيس الجمهورية السابق ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس أمين الجميّل إن «هناك فئات خارجة عن سلطة الدولة وتشوه صورة لبنان وتجعل منه بلداً لا يحترم بالكامل دساتيره ولا قوانينه ولا مؤسساته، ولا القرارات الدولية، وبلداً هشاً على الصعيد الأمني ما يشكل قلاقل دائما على سلامة مواطنيه وزعزعة لثقة العالم العربي والدولي به»، لافتاً إلى أن «موقفنا واضح لجهة ضرورة أن تبسط الدولة سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية بقواها الشرعية دون سواها وضرورة كف أي فئة أو تنظيم أو حزب عن القيام بأي عمل يخل بالقانون ويعرض أمن المواطنين ومصلحة وسمعة البلد إلى خطر». وشدد في حديث خاص ل "اليوم"، على ان "قانون الانتخابات الذي تقدمت به الحكومة والقائم على النسبية جاء على قياس بعض قواها السياسية ونتائجه محسومة سلفاً"، مؤكداً رفضه هذا القانون "من منطلق المحافظة على المستلزمات الديموقراطية والمصلحة العامة". ولفت إلى "أننا سنسعى جاهدين لاعتماد مشروع القانون الذي تقدمنا به مع قوى 14 آذار والقائم على الدوائر الصغرى". وجدد الرئيس الجميّل التأكيد على "أننا بجانب المعارضة السورية التي تطالب بالحرية والديمقراطية من دون أن يؤدي ذلك الى اقحامنا بالمعارك العسكرية والدموية الدائرة على الساحة السورية لأنها أكبر من قدراتنا في تحمّل ذلك". وعلق على احتمال تشريع اتفاق طائف جديد لحل الأزمة السورية، موضحاً انه "لا يمكن تصدير تجربة "الطائف" إلى سوريا، لأننا نحتاج إلى اتفاق ينسجم أكثر مع الواقع السوري". وأعرب عن أسفه ل"تورط "حزب الله" في الصراع الدائر في سوريا وما حصل مؤخراً هو بمثابة اعتراف الحزب بهذا التورط، بينما موقف الدولة والحكومة التي هو عضو فيها، تطالب بالنأي بالنفس وعدم التورّط"، مشدداً على ان "هذا أمر غريب وخطير". وأثنى على "الدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية للحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان وتحصينه في وجه تداعيات الأزمة في سوريا". وهنا نص الحوار: أولاً الوضع اللبناني، في ظل ما تشهده البلاد، هل تؤيد القانون الأكثري أم النسبي في انتخابات 2013؟ إن شيطان القانون الانتخابي يكمن في تفاصيله وليس في تسمية هذا القانون أو الشعار. من هنا شرّعنا أبوابنا لجميع القوانين الانتخابية إلا أن قانون النسبية الذي تقدمت به الحكومة جاء على قياس بعض قواها السياسية، ونتائجه محسومة سلفاً لصالح فريقها السياسي، واعترضنا من منطلق المحافظة على المستلزمات الديموقراطية والمصلحة العامة. فمن الضروري أن يأتي القانون الانتخابي معبراً تعبيراً صادقاً عن مشاعر اللبنانيين. ما حظوظ نجاح المشروع الذي تقدمت به مع قوى 14 آذار والقائم على الدوائر الصغرى؟ تقدمنا بقانون انتخابي عادل وديموقراطي بامتياز تتمثل فيه كل القوى السياسية على حدّ سواء ونتائجه غير محسومة سلفاً لصالح أحد. ونستغرب الاعتراض عليه، إلا أننا سنسعى جاهدين لاعتماد هذا المشروع. والاتصالات جارية مع الجميع، لا سيما وليد جنبلاط للوصول الى حل يرضي الجميع. تلعب السعودية منذ البدء، دوراً ايجابياً وفعالاً لمساعدة لبنان سياسياً ودولياً واقتصادياً وانمائياً، كما لدرء المخاطر عن لبنان والحفاظ على مصالح العرب بصورة عامة. إننا نقدّر تماماً لكل الجهود التي بذلتها المملكة على الصعيد السياسي لا سيما رعايتها اتفاق الطائف. وعلى صعيد أشمل هناك مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت في العام 2002 من أجل السلام في الشرق الأوسط. كما مبادرته في إطلاق حوار الأديان، وكذلك الأمر، الدعوة في مكة المكرّمة الى حوار المذاهب. إن المملكة تسعى الآن للحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان وتحصينه أمام تداعيات الأزمة في سوريا. إذا لم ينل هذا المشروع فرصة النجاح، هل من المرجح العودة إلى قانون الستين مع تعديل الدوائر؟ اعتبر أن قانون الستين مر عليه الزمن ولا يصلح لاعتماده في القرن الواحد والعشرين لعدم قدرته على تحقيق التمثيل الديموقراطي الصحيح. بصفتك رئيس جمهورية سابقاً، ما رأيك بصلاحيات رئاسة الجمهورية بعد الطائف؟ الاعتراض على "الطائف" ليس كونه خفف من صلاحيات رئيس الجمهورية بل لأنه أوجد فراغاً في السلطة العليا وخلق سلطة جماعية لا يمكن أن تحل أية مشكلة. فتتعطّل السلطة ويقع البلد في مأزق... هذا ما حصل وفرض على المسؤولين اللجوء في الحقبة السابقة الى وساطة سورية التي تحوّلت الى وصاية سورية على لبنان. إنه خلط بين صلاحيات الرئاسات الثلاث في البلد، ولم تعد الحدود بين صلاحيات السلطات الدستورية واضحة وهذا ما دفعنا ثمنه غالياً. من هنا مناداتي لتطوير هذا الاتفاق بشكل يوضّح أكثر الصلاحيات كي لا تتعطل سلطة الدولة. أثبت الطائف أنه أفضل اتفاق عكس العيش المشترك لدى جميع اللبنانيين، كيف تقيّم هذه التجرية، وهل من الممكن تطبيقها على عدد من الدول الساخنة كسوريا؟ لقد حصل "الطائف" في ظروف معينة ومعروفة وكان الاتفاق المتاح للبلد في ذلك الوقت، أما بالنسبة الى الوضع السوري فالأمر يختلف من حيث المبدأ. مما لا شك فيه أن الاتفاق والحل السياسي هو الأفضل لسوريا، أما تفاصيل هذا الحل فهي مختلفة عن لبنان لأن وضع سوريا أكان لجهة انطلاق منطلقات الثورة السورية أو تكوين المجتمع السوري أو التقاليد السورية مختلفة. لا يمكن تصدير تجربة "الطائف" إلى سوريا، لأننا نحتاج إلى اتفاق ينسجم أكثر مع الواقع السوري. هل أنت مرشح لرئاسة الجمهورية؟ الهاجس في الوقت الحاضر يتجلى في المحافظة على الجمهورية التي تمر في فترة صعبة وخطيرة يجعلها على المحك. مرة جديدة نشهد انفجارا لأحد مراكز "حزب الله"، إنما هذه المرة انفجار مخزن أسلحة في النبي شيت، ما تعليقك؟ هذه الانفجارات ومقتل عناصر ل"حزب الله" في سوريا، وصولاً إلى تفجيرات غامضة للحزب في الضاحية والجنوب، كل هذا يدلنا على وجود فلتان معين ونشاطات خطيرة مضرّة بمصلحة البلد والمواطنين. هناك فئات خارجة عن سلطة الدولة وتشّوه صورة لبنان وتجعل منه بلداً لا يحترم بالكامل لا دساتيره ولا قوانينه ولا مؤسساته، ولا القرارات الدولية، بلداً هشاً على الصعيد الأمني ما يشكل قلقا دائما على سلامة مواطنيه وزعزعة لثقة العالم العربي والدولي به ما يؤثر على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي وتكون المحصلة نتائج خطيرة ضد مصلحة البلد. لا أمن ولا استقرار بالداخل، ولا سياحة ولا مستثمرين. ما رأيك بالموقف الأخير لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان عندما أعلن "أننا سننزع كل السلاح الخارج عن سلطة الدولة"؟ هذه أمنية نتمنى أن تتحقق. موقفنا واضح لجهة ضرورة أن تبسط الدولة سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية بقواها الشرعية دون سواها وضرورة كف أي فئة أو تنظيم أو حزب عن القيام بأي عمل يخل بالقانون ويعرض أمن المواطنين ومصلحة وسمعة البلد إلى الخطر. وهذه من بديهيات الأمور وأبسط مستلزمات السيادة الوطنية. لا سيما أنه من المسلّم به لبنانياً ودولياً أن لهذا السلاح بعدا خارجيا أكثر مما هو للحفاظ على لبنان والدفاع عنه. ثانياً، الوضع السوري، إلى أي مدى تأثر لبنان بالوضع في سوريا؟ طبعاً، يتأثر لبنان بالوضع في سوريا لأن الساحة اللبنانية منقسمة ما بين متعاطف مع النظام ومعادٍ له. ولو لم يتخذ القرار الذي كنت أنادي به وناضلت من أجله ألا وهو الحياد الإيجابي، لكنا تورطنا بمضاعفات خطيرة جداً وانطلق الصراع الدموي الدائر في سوريا إلى لبنان، لأن الأرض اللبنانية خصبة ومن السهل أن تتأثر من تداعيات الأزمة السورية. إننا بالطبع وبحماسة بجانب المعارضة السورية التي تطالب بالحرية والديمقراطية من دون أن يؤدي ذلك الى اقحامنا بالمعارك العسكرية والدموية الدائرة على الساحة السورية لأنها أكبر من قدراتنا في تحمّل ذلك، وكون الساحة اللبنانية منقسمة ما بين مناصر للنظام ومعادٍ للنظام، وأي تورّط في العمليات العسكرية بأي شكل من الأشكال، يجرّ حتماً الأطراف المحلية للاقتتال في شوارع المدن والقرى اللبنانية. وهذا ما نحن بغنى عنه. يورّط لبنان ولا يفيد الثورة في سوريا. لا بل بالعكس، يحوّل الأنظار من سوريا الى لبنان. هل مقولة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية، استطاعت تطبيقها كما يجب؟ مبدأنا الحيّاد الإيجابي وليس النأي بالنفس، لأن النأي بالنفس يترجم على انه نأي عن مسؤوليات الدولة تجاه المصلحة العليّا اللبنانية. هناك بلبلة في موقف وزارة الخارجية اللبنانية لدى المحافل العربية والدولية، وكذلك الأمر في موقف الحكومة من التعديات السورية على بعض القرى اللبنانية الحدودية، فمرة جديدة نأت الحكومة بنفسها عن مسؤولياتها الوطنية، بينما كان من أبسط واجبها أن تدافع عن مصلحة وحدود بلدها. ماذا تفسر ضلوع "حزب الله" في أحداث سوريا، وهو جزء من "حكومة النأي" إذا صحّ التعبير؟ هذا مؤسف جداً، كنا على يقين بأن "حزب الله" يتدخل في الصراع الدائر في سوريا وما حصل مؤخراً هو بمثابة اعتراف الحزب بهذا التورط، بينما موقف الدولة والحكومة التي هو عضو فيها، يطالب بالنأي بالنفس وعدم التورّط. هذا أمر غريب وخطير. هل النأي بالنفس، يعني التباطؤ في حل قضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا؟ نعتبر أن الحياد الإيجابي هو الأصح أي لا يبقى لبنان منعزلاً عما يحصل من حوله وأن يلعب دورا فعّالا وإيجابيا، ويتوجب عليه الدفاع عن أرضه ومواطنيه، وعليه أن يؤدي الدور الإيجابي في المحافل الدولية لجهة الإسراع لوضع حدّ للأزمة السورية وإيجاد الحلول الناجعة. كما من واجب الدولة أن تعمل كل ما بوسعها لتحرير المخطوفين اللبنانيين بأي ثمن. أما تورّط حزب الله في النزاع السوري، وهو عضو في الحكومة، لا يسهّل مهمة الحكومة في هذا الشأن. هل ثمة من تخطيط كقوى 14 آذار الى مرحلة ما بعد الأسد؟ دولة لبنان كانت قبل الأسد وستبقى من بعده وهي دولة مستقلة ذات سيادة، ونحن نعمل على تحصين هذا البلد بمعزل مما يحصل من حولنا وننظر الى مصلحة لبنان دون التأثر بتطورات الدول المجاورة. ما تشهده سوريا ليس غريبا عما عانى منه لبنان. نعمل مع كل من على الساحة اللبنانية لدرء المخاطر عن بلدنا فيما خص هذه الأزمة لأن الأمر وطني ولا خيار لنا إلا أن نكون منفتحين ومتعاونين. لذلك طرحنا مع فريق 14 آذار الحياد الايجابي وهذا هو مشروعنا للبنان؛ بالإضافة الى السعي لتطوير النظام اللبناني لاسيما باتجاه المزيد من العلمنة واعتماد الدولة المدنية التي تحفظ حقوق كل الطوائف والناس وتطبيق اللامركزية الواردة في اتفاق الطائف والتي تعمل على تقريب المواطن من دولته. لذا نحن بصدد التقديم بمشروع متكامل حول هذه اللامركزية على ضوء ما ورد في الطائف. الدور السعودي مهم في لبنان، كيف تصف الدور السعودي الحامي والمانع لزحف تداعيات الوضع في سوريا إلى لبنان؟ تلعب السعودية منذ البدء، دوراً ايجابياً وفعالاً لمساعدة لبنان سياسياً ودولياً واقتصادياً وانمائياً، كما لدرء المخاطر عن لبنان والحفاظ على مصالح العرب بصورة عامة. إننا نقدّر تماماً لكل الجهود التي بذلتها المملكة على الصعيد السياسي لا سيما رعايتها اتفاق الطائف. وعلى صعيد أشمل هناك مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت في العام 2002 من أجل السلام في الشرق الأوسط. كما مبادرته في إطلاق حوار الأديان، وكذلك الأمر، الدعوة في مكة المكرّمة الى حوار المذاهب. إن المملكة تسعى الآن للحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان وتحصينه في وجه تداعيات الأزمة في سوريا. ثالثاً، الربيع العربي، من خلال الثورات العربية التي حصلت في العديد من الدول، هل تبلورت فكرة الربيع أم أننا لا نزال في المراحل الانتقالية؟ الربيع العربي شعور وطموح وأمل، ومن غير المتوقع أن ينتقل العالم العربي من مرحلة الديكتاتوريات إلى الديموقراطيات بشكل سريع ومن دون مرحلة انتقالية، وهذه المرحلة هي التي نمر بها الآن. لذا من الضروري جداً أن نتعاون مع بعضنا البعض ونستفيد من قدراتنا للتوجه نحو انجاز الربيع المنشود. وإذا رجعنا بالذاكرة إلى الوراء نجد أن الثورة الفرنسية أخذت سنوات عديدة قبل أن يستقر النظام في فرنسا. أما في مصر فلم يقر الدستور الجديد فيها وهذا يدل على ان هذه الثورات لم تنتج حتى تاريخه الحلول الناجزة، لذا يمكننا اعتبار هذه الثورات تأسيسية من أجل الوصول إلى أنظمة تخدم مصلحة هذه الدول على أساس الديموقراطية والمشاركة الحقيقية واحترام حقوق الإنسان والجماعات الخ.. أجدد التأكيد على ضرورة العمل من أجل الوصول الى هذه الأهداف، لذا عقد في يناير الماضي مؤتمر في لبنان بدعوة من حزب "الكتائب" تقدمنا من خلاله بشرعة إطار اعتبرها مساهمة من أجل تعزيز الديموقراطية والاستقرار في تلك الدول العربية المعنية بالربيع العربي، حيث لاقت هذه الشرعة استحساناً لدى العديد من الدول لأنها تؤكد على حقوق الإنسان والديموقراطية وعلى الحكم الصالح والشفاف لتلك الدول التي هي بأمس الحاجة لهذا الحكم الصالح. رابعاً، سعودياً، ما هو تقييمك للاستثمارات السعودية في لبنان ومدى أهميتها في المحافظة على الازدهار الاقتصادي للبلد؟ منذ عشرات السنين قامت علاقات خاصة على الصعيد الإنمائي والاقتصادي بين لبنان والمملكة، نعرف تماماً أن المملكة فتحت أبوابها للعديد من المستثمرين اللبنانيين ورجال الأعمال كذلك الأمر قامت بتوظيفات كبيرة في بلدنا، وأشهد في عهدي على الأيادي البيضاء للسعودية والمساهمات الكبيرة في إعادة اعمار لبنان ولم يزل لبنان يعوّل جداً على الدعم والاستثمار السعودي وهو شكل مساهمة فعالة في إعادة إنماء البلد وحل العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وهذا الأمر غير مستغرب لأن السعودي يعتبر لبنان بلده الثاني. نصحت السعودية كما عدد من دول الخليج رعاياها بتجنب السفر إلى لبنان، إلا أننا شهدنا سياحا سعوديين خلال هذه الفترة، كيف تصف هذا التلاحم السعودي اللبناني؟ كانت غيمة صيف وتبددت ولقد حصلت بظروف استثنائية وللأسف هناك من سعى عن غير قصد أو عمداً لعرقلة العلاقة اللبنانية السعودية واللبنانية مع دول الخليج العربي كافة. أما الآن فأعتقد أن الأمور استقرت وعادت إلى طبيعتها بعودة الطلاب السعوديين إلى جامعاتهم في لبنان وكذلك الأمر بالنسبة الى الرعايا والزوار السعوديين. مرت البلاد في ظروف صعبة بسبب الأحداث في سوريا. أما الآن وبعد التدابير الحاسمة التي اتخذتها الحكومة ومع استيعاب الشعب اللبناني لخطورة هذه الأحداث عادت الأمور إلى طبيعتها.