شدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى، د. صالح الخثلان، على أهمية توحيد المواقف الخليجية للحد من خطورة التدخل الإيراني في شؤون دول المنطقة والبلدان العربية بشكل عام، باعتبار أن ذلك يمثل دفعا لنجاح الجهود الدولية للضغط على إيران للتخلي عن نشاطها التخريبي وسلوكها العدواني. وقال د. الخثلان ل«اليوم»: إن عقد القمة الخليجية الأخيرة بالرياض، رغم التحديات والضغوط، واستمرار انعقاد هذه القمم لما يقارب من أربعة عقود، لهو دليل على إيمان قادة ومواطني المجلس بأهمية التكامل، والعمل المشترك، لافتا إلى أنه مهما بلغت الخلافات، فإنه لا يمكن السماح لها بهدم ما تحقق من إنجازات في كافة المجالات.. فإلى مضابط الحوار.. * كيف تنظرون إلى نتائج القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت بالعاصمة الرياض؟ لا شك أن انعقاد القمة الخليجية الأخيرة في المملكة خلال الفترة الماضية بالعاصمة الرياض، والتي خرجت بحزمة من التوصيات الرامية لوحدة الصف والعمل المشترك وتطويره والتصدي للخطر الإيراني، كما برهن قادة مجلس التعاون الخليجي على أهمية التعاون والتنسيق المشترك في مختلف القضايا التي تهم المنطقة. * القمم الخليجية تنعقد منذ عقود، هل يمكنها أن تساعد بشكل واضح في بناء لحمة دولنا؟ يمثل تواصل انعقاد القمة الخليجية، وقبل ذلك بقاء المجلس واستمراريته بعد ما يقارب أربعة عقود منذ تأسيسه، رغم التحديات والضغوط، دليلا لا يقبل الشك على إيمان قادة ومواطني دول مجلس التعاون بأهمية التكامل بينهم والسعي إلى مزيد من العمل المشترك الذي يخدم المصلحة الخليجية، كما يدل على درجة عالية من عقلانية القرار، فمهما بلغت الخلافات لا يمكن السماح لها بهدم ما تحقق من إنجازات في كافة المجالات. لقد تحقق الكثير في بناء اللحمة الخليجية ومن المهم المحافظة عليه، ويتوجب الحذر الشديد من تأثير ما يطرح في وسائل الإعلام التقليدية والجديدة من شحن وإذكاء للمشاعر السلبية بوعي وبدون وعي. * هل تعني أن هذه الخلافات مصيرها إلى زوال؟ إن ما يجمع بين أبناء الخليج أكثر مما يفرقهم، وبالإضافة لذلك فإن مصيرهم واحد، والخلافات السياسية تحدث بين الحكومات في جميع أنحاء العالم، ولكنها ما تلبث أن تزول، لكن الخطورة تكمن عندما تتجذر هذه الخلافات في النفوس وتفرق الشعوب. أنا مطمئن بلا شك أن هذا لن يحدث رغم ما نسمع ونقرأ ونشاهد من محاولات لإحداث شرخ في العلاقات بين أبناء الخليج، فمصيرها الفشل بسبب وعيهم وإدراكهم، بأن ما يجمعهم أكبر وأعمق مما يفرقهم. * ما وسائل دول الخليج في التعاطي مع الأزمات السياسية والاقتصادية في المنطقة؟ يتميز التحرك الخليجي بالعقلانية والحرص الدائم على المصالح العربية، والتصدي للتهديدات وتقديم المساعدات للأشقاء، من منطلق تضامني والمساهمة في المحافظة على الأمن والسلم الدوليين في هذه المنطقة التي يهم العالم أجمع استقرارها لانعكاسات ذلك على الاستقرار الدولي، بالنظر للإمكانات الإستراتيجية المتنوعة التي تتمتع بها دولها. * لدول الخليج ثقل في المنطقة، ما مدى تأثير ذلك على استقرارها؟ هذا الثقل لدول الخليج ليس بالجديد، ولكنه زاد في السنوات الأخيرة، نتيجة ما شهدته المنطقة من تحولات بعد ما يسمى الربيع العربى، مما غير في موازين القوة وانعكس على توجهاتها وزاد من قناعتها بضرورة التحرك السريع وتولي مسؤولية القيادة بالاشتراك والتنسيق بالطبع مع بقية الدول العربية. إن مؤشرات الثقل الذي تتمتع به دول المجلس كثيرة، ولعل أهمها ما يصدر عن عواصم الدول الكبرى رغم ما بينها من خلافات من تأكيد دائم على حرصها على استمرار الشراكة مع دول الخليج وتعزيزها وأهمية ذلك للعلاقات الثنائية والمصالح الإقليمية والدولية. رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى (اليوم) * إلى أين تسير قضيتا سوريا واليمن؟ هناك تحولات مهمة في مسرح العمليات العسكرية في سوريا واليمن باتجاه تغليب فرص الحل السلمي، وهو ما يظهر من تكثيف التحركات لجمع الأطراف المتنازعة والانتقال إلى أجندات عمل محددة، ويبدو أن تكلفة الصراعات دفعت كافة الأطراف إلى الاقتناع بأنه لا بديل عن تسويات سلمية تستوجب مرونة من الجميع. ويبقى الإشكال في دور القوى الإقليمية مثل إيران التي توظف هذه الصراعات لتحقيق مكاسب، لذلك تحرص على استمرار ساحات الحرب مشتعلة لجعلها أوراقا تفاوضية في مواجهتها مع المجتمع الدولي. * ما مدى أهمية توحيد القرار الخليجي ضد إيران وتدخلاتها بالمنطقة؟ الاتفاق على موقف موحد تجاه إيران أمر في غاية الأهمية، وهو الضمانة الوحيدة لنجاح الجهود الدولية للضغط عليها، للتخلي عن نشاطها التخريبي في أكثر من دولة عربية. أيضا تزداد الحاجة للموقف الموحد اليوم، بالنظر إلى وجود إرادة دولية لتغيير سلوك إيران، وكف تدخلاتها. دول المجلس شريك مهم في التحرك الدولي، لذلك لابد من الالتزام بموقف موحد وبدونه يصعب ضمان نجاح هذا التحرك ضد النظام الإيراني. * المملكة أصبحت عاصمة القرار العربي.. ما مدى تأثير ذلك مستقبلا؟ لا شك أن للمملكة ثقلا واضحا ليس في الخليج أو الإقليم فقط بل على مستوى العالم، ويكفي هنا أن نشير إلى شهادات زعماء العالم قبل أيام لهذا الدور الإيجابي للسعودية، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين صرح بأن نجاح دول أوبك وبقية الدول المنتجة للنفط في ضبط مستوى الإنتاج لم يتحقق دون الرياض ودورها الفاعل الذي ينطلق من مبدأ ثابت في السياسة النفطية، يتمثل ذلك في استقرار أسواق الطاقة. وبالإضافة لذلك، يتأكد الثقل السعودي مرة أخرى من خلال الشهادات التي أدلى بها وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان عن دور المملكة الحيوي في استقرار المنطقة سياسيا واقتصاديا، وأثر ذلك على الاستقرار الدولي. إذن ثقل السعودية حقيقة لا جدال حولها، وهي تستثمر هذا الأمر لتعزيز مصالح دول مجلس التعاون، وكذلك حماية المصالح العربية والإسلامية انطلاقا من مسؤولياتها تجاه الأشقاء.