نتابع أخبار التطورات التكنولوجية واستخداماتها وأثرها في مراحل التنمية على الإنسان والمكان، ومن تلك الأخبار ما نشر صحفياً الأسبوع الماضي أن شركة «بوينغ» الأمريكية لصناعة الطائرات قد أكملت أول رحلة تجريبية لسيارتها الطائرة ذاتية القيادة بنجاح، وأن هذه الخطوة تقدم نظرة خاطفة إلى مستقبل النقل الحضري الذي تحاول شركات الطيران وغيرها تحديد مصيره بطريقتها الخاصة. وقد أوضحت «بوينغ» أن هذا الطراز ذاتي القيادة مصمم ليعمل بواسطة الكهرباء، ويمكنه الطيران لمسافة قد يصل مداها إلى 50 ميلاً. وأشارت إلى أن هذه السيارة الطائرة هدفها نقل الركاب فوق شوارع المدن المزدحمة، ويمكنها أيضاً المرور بين الأبنية المرتفعة وناطحات السحاب. وأكدت الشركة أيضاً أنها ستواصل إجراء الاختبارات لتعزيز سلامة وموثوقية هذه المركبة. وقبل ذلك في دبي، نشرت وسائل الإعلام خبر إطلاق رحلة تجريبية لأول تاكسي جوي من دون سائق في العالم. وجاء ذلك ترجمة لإستراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة، والتي تهدف إلى تحويل 25 بالمائة من إجمالي رحلات التنقل في دبي إلى رحلات ذاتية القيادة من خلال وسائل المواصلات المختلفة بحلول عام 2030؛ ذلك إلى جانب تحقيق التكامل بين وسائل النقل الجماعي وبين تحقيق السعادة لدى السكان من خلال توفير قنوات سهلة وسريعة ومبتكرة للنقل والمواصلات. وقال ولي عهد دبي: «يسعدنا أن تنطلق أول رحلة تجريبية للتاكسي الطائر، وهو إنجاز جديد سيكون له أثره العميق في تغيير مفاهيم انتقال الأفراد». هذا التطور التكنولوجي الكبير سيكون له أثر بالغ في تخطيط وتنمية المدن وتفاعل الإنسان مع مكوناتها. وهنا تبرز ضرورة دراسة الأثر المستقبلي، الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والأمني، بالمدن لاستخدام تلك المركبات الطائرة، كونها ستساهم في تغيير نطاق الخدمة للخدمات القائمة ومنها: التعليمية، الترفيهية، والصناعية، وبتغيير نطاق الخدمة للخدمات سيكون هناك تغير في استعمالات الأراضي وأسعارها وارتفاعات مبانيها. وأخيراً وليس بآخر؛ فإن التطور التكنولوجي المستقبلي المتوقع سيكون له أثر كبير على المدن والقرى ومخططاتها العمرانية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأمنية واستعمالات أراضيها ورؤيتها وإستراتيجياتها التطويرية؛ وهو ما يتطلب سرعة التحرك من الآن لرصد هذه التطورات التكنولوجية وآثارها المستقبلية، وكيفية التعامل مع هذه الآثار.