أصبح واضحا للعيان، في أعقاب تفاصيل المسرحية الهزلية التي يمارسها الحوثيون بمحافظة الحديدة حيال تسليم مينائها الشكلي لا الفعلي للأمم المتحدة رغم صراحة ما نصت عليه اتفاقية السويد، أن هذا التصرف من قبل الانقلابيين واجهة لاستهتار متعمد لنصوص الاتفاقية من جانب، واستخفاف بالقرارات الأممية ذات العلاقة بالتسوية السلمية في اليمن التي وقع وفد الانقلابيين على الاتفاقية الخاصة بها مع وفد الشرعية اليمنية ثم ضربوا بها عرض الحائط ولما يجف حبرها بعد. والاستهتار والاستخفاف معا يمثلان، بصراحة لا تخفى على أي مراقب سياسي، عدم جدية الحوثيين في الوصول إلى أي اتفاق قد ينهي الصراع الدائر في اليمن، فالمراوغات والألاعيب التي يمارسها الانقلابيون كلعبة تسليم ميناء الحديدة لقيادي حوثي تؤكد من جديد عدم جدية الميليشيات الحوثية في التعاطي مع مبادرات السلام لتسوية الأزمة العالقة بما فيها مبادرة السويد الأخيرة، وتؤكد في الوقت ذاته الرغبة المعلنة من قبل تلك الفئة الإرهابية في إطالة أمد الحرب وإبقاء فتائل التوتر مشتعلة. والنصوص التي جاءت تفاصيلها واضحة في مباحثات السويد بين الشرعية والانقلابيين برعاية أممية لم تتطرق إلى التساهل مع الاستهتار الحوثي الذي لا يمكن تفسيره إلا بأنه أسدل غطاء على تلك الخروقات الحوثية لما تم الاتفاق عليه، فتسليم أحد القياديين الحوثيين الميناء إلى مشرف حوثي آخر تحت أنظار المراقبين الدوليين لا يتناغم مع روح الاتفاق ومعطياته، فنصوصه واضحة حيال آليات التسليم وإعادة الانتشار التي كان من المفترض أن تتم بإشراف مباشر من لجان تتكون من الشرعية والانقلابيين وليس عبر الطريقة الهزلية التي تم بها التسليم. وفصول تلك المسرحية التي مارسها الحوثيون تعطي دليلا قاطعا على أنهم لا يجيدون إلا لغة القوة والتحدث بمفرداتها، ولا يميلون إلى التسوية السلمية، وتعطي دليلا آخر على أنهم غير معنيين بأي اتفاق سلمي ينهي الحرب القائمة في اليمن، وكما أجبرتهم الشرعية على الخروج رغم أنوفهم من مناطق تهامة الساحلية ومن الخوخة وغيرها من المناطق فإن القوة الشرعية ريما تكون هي الحل المناسب لإخراجهم من الحديدة. غير أن ذلك لا يمنع من القول إن الأممالمتحدة لابد من وقوفها بحزم أمام الاستهتار الحوثي، لاسيما أن الخروقات الأخيرة لمباحثات السويد لم تكن الوحيدة التي تمارس من قبل الحوثيين، فقد استمرأوا منذ بداية الأزمة ممارسة السخرية والاستهزاء والاستهتار بكل القرارات الأممية ذات الصلة، وهو أمر يستدعي بالضرورة ممارسة ضغوط دولية معينة ومناسبة تدفع أولئك الإرهابيين للإصغاء لصوت العقل واحترام المواثيق الدولية. وليس من سبيل للوصول إلى اتفاق شامل لإنهاء الوضع المتوتر في اليمن إلا بمثول الانقلابيين لمنطوق مباحثات السويد التي ركزت على أهمية إنفاذ خطط إعادة التوزيع والانتشار ورصد عملية وقف إطلاق النار لضمان تحقيق ما جاء في تلك المباحثات من بنود.