في مناسبات عديدة، كتبت عن مبعوثي الاممالمتحدة وتباريحهم، لكن ممارساتهم المريبة الملتوية وتحذقلاتهم تجبر المرء على العودة إلى حياضهم المترعة بالتماهيات والتلونات. تبدأ الحكاية منذ اختيار المبعوث، فالأمين العام للأمم المتحدة يختار شخصية مائية، بلا لون ولا طعم، لكن لها رائحة، ومرنة تتلوى مع كل موقف، وقابلة للضغط والتمدد والأنكماش والاستطراق. والأهم مرضية لدى واشنطن. ولسوء حظ العرب أن إدارة سيء الذكر، المولي الأدبار، باراك أوباما كومت في البيت الأبيض وفي إدارات الخارجية الأمريكية وبالتالي الأممالمتحدة، خبراء وموظفين من طينة «شعوبية» خاصة معادية كلياً للعرب، واستخدمت فولتات فكرية شديدة التأثير لزرع «الوله» بآيات الله في شغاف قلوب المبعوثيين، وشحنت مخيخاتهم بأنهم إذا يمموا مرشد إيران وأرضوه، فسوف تحاز لهم الدنيا، ويوم القيامة يأخذون كتبهم بأَيامينهم ويبلغون سدرة المنتهى بلا حساب. وإذا لم تكن واشنطن راضية عن المبعوث الأممي، فسوف يفني عمره بين الموائد، دون أن يحقق أي نتيجة، بل سيصاب بكآبات متنوعة. في سوريا قضى مبعوثان نحبهم في تقلبات أوباما. وفي عهد المبعوث الثالث ستيفان دي ميستورا، توصلت إدارة أوباما إلى فكرة جهنمية لخدمة الخامنئي وخطط حرس إيران، لهذا أهدت واشنطن دي ميستوريا لبوتين، «منحة» لا ترد لا تباع ولا تستبدل. وأبلى بلاء حسناً في خدمة إيران ومخططاتها. في اليمن أرسلت إدارة أوباما أغلى الهدايا لمرشد إيران، وهي المبعوث الأممي السيء الذكر جمال بن عمرو الذي منح الحوثيين كل الوسائل للسيطرة على اليمن، ثم جاء ولد الشيخ، ولأنه عربي لم يتمكن الحوثيين من سحره، فأقالته الأممالمتحدة بضغط من إيران. ثم جاء مارتن غريفيث. المريب أن المبعوثين الأممين إلى اليمن يرمون بالقرارات الوطنية اليمنية والإقليمية الخليجية والقرارات الأممية، ويبدأون من الصفر، وأيضاً يخدمون آيات الله، بمعاملة الحوثيين ليس على أنهم مليشيا خارجة على القوانين ومؤجرة لدى بلد أجنبي هو إيران، وإنما يعاملونهم على أنهم «طرف» و«ند» للحكومة الشرعية اليمنية، وند لدول التحالف. وأعطى مبعوثو الأمم للحوثيين شرعية الوجود والعمل والتمكن، بعقد محادثات معهم والاستماع إليهم واعتماد مطالبهم. ولاحظنا أن الأممالمتحدة، وحواشيها والمنظمات التي ترقص على أصداء مواقفها، تتحدث عن أوضاع اليمن وتصفها بالكارثية، فقط منذ بداية عمليات التحالف العربي وعاصفة الحزم، ولا يذكرون أبداً المدن اليمنية التي دمرها الحوثيون وآلاف القتلى الذين قضوا بأسلحتهم. وكلما كانت قوات التحالف على وشك توجيه ضربة قاضية للحوثيين، يسرع الأمميون لوقف إطلاق النار، كي يعطوا للحوثيين وقتاً لإعادة ترتيب صفوفهم، بل، لنيل بركات خامنئي، قالت الأمم أنها مستعدة لإدارة الحديدة، وكان هذا اقتراح الحكومة اليمنية قبل سنة ورفضته الأمم، لأن الحوثيين، آنذاك، يسيطرون على الحديدة وتودهم الأمم يستفيدون من الميناء باستقبال المهربات الإيرانية. ولا تزال الأمم تقدم خدمات ال«خمس نجوم» للحوثيين. والمحادثات في جنيف ليست سوى انقاذ للحوثيين لأن التحالف العربي، بقيادة المملكة، بدأ بتضييق الخناق على الحوثيين من كل الجهات. واضح أن الأممالمتحدة وفية للحوثيين «وديعة كيري» ووصية أوباما. *وتر في مسرح المتاجر والسماسرة يرخص الإنسان.. وتكيل الميليشيات الدماء بالليتر.. ونواح المؤودات هباء.. [email protected]