كشف القيادي المنشق عن جماعة «الإخوان» الإرهابية في مصر، إبراهيم ربيع، أن عناصر من الحرس الثوري الإيراني دربت شبابا من الجماعة على استخدام السلاح، وتنفيذ عمليات قتل وترويع من أجل أن تصبح حرسا ثوريا، للرئيس المصري المعزول محمد مرسي ضمن مخطط «الإخوان» لإحكام قبضتها على البلاد. وأكد ربيع في حديثه ل«اليوم» أن قطر من أبرز الداعمين للجماعة، وهي شريكة مع التنظيم في تنفيذ مخطط إثارة الفوضى والخراب في الوطن العربي، لافتا إلى أن مؤسس الإخوان حسن البنا، هو صنيعة لأجهزة المخابرات البريطانية، وتحدث القيادي ربيع، عن كواليس علاقته بقيادات الجماعة، قبل قراره بالانشقاق عنها، فإلى الحوار.. كيف أسست الجماعة؟ - تنظيم الإخوان انطلق في بداية القرن العشرين، وسبقه تمهيد من خلال الجمعية الشرعية، وجمعية أنصار السنة المحمدية، ولم يكن الهدف مجرد تكوين جماعة فكرية اجتماعية، ولكن كان التخطيط هو بناء دولة موازية، واستطاع الاحتلال البريطاني لمصر صناعة شخصية مجهولة تدعى حسن البنا على الرغم من أنه مجهول الهوية، إذ لم يتأكد من كونه مصريا، وأشارت بعض الأبحاث إلى أنه قد يكون من جذور مغربية واسم والده أحمد عبدالرحمن الساعاتي، ما يؤكد أنه ليس له صلة بلقب «البنا»، ومَنْ يذهب إلى مدينة المحمودية التابعة لمحافظة البحيرة، لن يجد أعماما أو أولاد عم حسن البنا، ما يؤكد أنه صنيعة المخابرات البريطانية. أرجو تفصيل ذلك؟ - خلال فترة وجيزة بزغت نجومية معلم المرحلة الابتدائية الريفي البسيط حسن البنا، خريج مدرسة المعلمين، وصار على علاقة جيدة بقيادات في الجيش البريطاني بمدينة الإسماعيلية، وسهلوا له مهمة تكوين تنظيم الإخوان، وكان من ستة أشخاص فقط ومعظمهم حرفيون، واتفقوا على اسم «الإخوان المسلمين»، واستولوا على قطعة أرض لبناء مسجد ومقر لهم والتقوا البارون دي بنوا مدير شركة قناة السويس وطلبوا منه دعما ماليا، وذهب البنا ومحمد الزملوط أمين الصندوق وحصلوا على 500 جنيه من أجل البدء في دعم أنشطة الجماعة. لينتقل التنظيم الإخواني إلى القاهرة في العام 1934، ثم عقد المؤتمر الخامس 1936 في الحلمية الجديدة، وبدأ تغلغلهم بشكل موسع، وصار للجماعة خمسة آلاف شعبة في كافة المحافظات، وساعد البنا ورفاقه على تأسيس دولة موازية وانسحاب كيانات ومؤسسات الدولة المصرية من دوريها الاجتماعي والثقافي. كيف كانت مواقفهم وقتها؟ - ظلت مواقف الجماعة انتهازية وفقا للمصلحة، إذ أيدوا الملك فؤاد الأول في موقفه ضد القوى الوطنية، وعندما حل رئيس الوزراء إسماعيل صدقي الأحزاب، خرجوا في مظاهرات يحملون لافتات كتبوا عليها «واذكر في الكتاب إسماعيل»، وذلك في خلط واضح للدين مع السياسة، ما يؤكد أنها ليست جماعة دعوية كما زعم البنا في بداية تأسيسه للجماعة. متى بدأت المرحلة الدموية للتنظيم الإخواني؟ - تلطخت أيادي مسؤولي الجماعة بالدماء، عبر تورطهم في عدد من الجرائم بقتل القاضي أحمد الخازندار عام 1948، بعد أن حكم بسجن أحدهم سبعة أعوام، ونفذ الجريمة عبدالرحمن السندي أحد قياديي الجماعة بعد أن اعتبر رغبة البنا في الخلاص من القاضي بمثابة تكليف. وفي العام ذاته، قتلوا رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي بعد إقدامه على حل جماعة الإخوان، وتبين أن وراء الجريمة «عبدالمجيد أحمد حسن»، الذي اعترف بوجود شركاء له في الجريمة من التنظيم. أيضا فشلوا في اغتيال الرئيس الراحل عبدالناصر، ثم دفع الرئيس الراحل أنور السادات حياته ثمنا لقراره بخروجهم من السجون، ولم يستفد الرئيس السابق حسني مبارك من الدروس السابقة، حيث تركهم يكونون إمبراطوريات اقتصادية وتعليمية، ومنحهم مقاعد في البرلمان، ولأنهم دوما يعضون اليد التي تمتد لهم، بدأوا في التخطيط ضد مبارك وأسسوا التنظيم الدولي للإخوان وأسندوا لمهدي عاكف مسؤول الاتصال الخارجي البدء بنشر أفكار التنظيم في أوروبا، وكانت البداية من المراكز الإسلامية في ألمانيا. هل صحيح أن الحرس الثوري درب «الإخوان» في سيناء؟ - تفاوض «الإخوان» مع الأمريكان لإسقاط نظام مبارك بعد اندلاع أحداث يناير 2011، وعقدوا خلال هذه الفترة 38 اجتماعا مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية والسفيرة بالقاهرة وكان من ضمن الصفقة تسليمهم حكم مصر، مع تقديم تنازلات بشأن القضية الفلسطينية أبرزها توطين الفلسطينيين في سيناء لتكون وطنا بديلا. وبعد أن جاء محمد مرسي إلى الحكم، لهث التنظيم للتحكم في مفاصل الدولة المصرية، وتزامن ذلك مع إرسال الجماعة لعدد من شبابها إلى غزة لتلقي تدريبات من ميليشيا «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني وكتائب عز الدين القسام، من أجل تأسيس الحرس الثوري لمرسي، وهو ما كان ينذر بحرب أهلية كبرى بمصر، ومخاطر من أن تقع في فخ الفوضى والخراب، الذي وقعت فيه دول عربية شقيقة، لولا دور الجيش والشرطة، ويقظة المواطن المصري للحفاظ على أرضه وهويته. لماذا قررت الانشقاق والخروج من الجماعة؟ - عقيدة الإخوان «باطنية»، قائمة على الانتهازية والاستغلال لكل شيء، خاصة استغلال الإيمان الفطري لدى الجماهير في سبيل تمكين التنظيم من السلطة، بزعم إقامة دولة الوهم «الخلافة». لقد بدأت تدور في رأسي أسئلة فكرية عميقة حول علاقة العنف بالإسلام والحركات الإسلامية، خاصة الجماعة التي أنتمي إليها، إلى جانب قلقي من الحريات المحرمة تنظيميا (حرية الضمير وحرية التفكير وحرية التعبير)، ومعنى الردة والإكراه في الدين وتوسيع دائرة الحرام للتضييق على الناس، والفتاوى التي تنظم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفساد المالي داخل التنظيم، وكانت الأعذار المعلنة لتبرير الفساد المالي والتجاوز الأخلاقي أننا نواجه ملاحقة أمنية وغير مستقرين لكي نواجه تلك المشاكل. في العام 2006 قبض عليّ، وسجنت في قضية «تمويل أجنبي» مع الرئيس المعزول محمد مرسي في سجن مزرعة طرة، وكنا نلتقي يوميا ولم أتخيل مطلقا أن يصبح رئيسا لمصر، وبعد خروجي من الحبس بدأت بطرح الأسئلة. ما موقفك بعد أحداث يناير 2011؟ - بعد الانفلات الأمني وجدت «سعارا» من التنظيم في العمل على تمكين التنظيم من مفاصل الدولة والمجتمع، فطرحت عليهم إعادة بناء هياكل الجماعة على أسس ديمقراطية ودعوة المجتمع إلى المشاركة في بناء الدولة المنهارة، فكانت الإجابة صادمة، بأننا لن نضيع انتظار 80 عاما من أجل مراهقة أفلاطونية من أمثالك، وقالوا الفرصة الآن مواتية للتمكين ولن نضيعها، فأعلنت المواجهة لهذا التنظيم الخبيث فأعلنوا عليّ حملة من الاغتيال المعنوي والتشويه وإثارة الأكاذيب وترويج الشائعات، ولكن بفضل الله لأن سيرتي المالية والاجتماعية ليس بهما ما يستفيدون منه تكسرت كافة محاولاتهم على صخرة الحقائق الثابتة. على ماذا تعتمد إستراتيجية جماعة الإخوان المسلمين؟ - تعتمد إستراتيجية الجماعة أساسا على تجنب النقاش العام حول نواياها الحقيقية الشمولية، وتبرمج منتسبيها على أنهم ضحايا المؤامرة الكونية المعادية للمسلمين، وأن الأنظمة السياسية المحلية تناصبهم العداء كجزء من تلك المؤامرة، وتسوق هذا المفهوم خارج التنظيم في الإعلام والدوائر المحيطة إلى أن تبلغ مرحلة الإمساك بدواليب الحكم وإقامة مشروع التمكين المتعارض كلية مع القيم الوطنية والقومية للمجتمعات والدول. وتصر جماعة الإخوان على توظيف أماكن العبادة والتجمعات البشرية كالنقابات ومراكز الشباب ومؤسسات الدولة الثقافية لأغراض سياسية، وتجنيد أفراد بالتنظيم وتغييبها لكل القضايا الفكرية والفلسفية والثقافية والمجتمعية. ربيع يجيب على اسئلة المحرر (اليوم) ما سر التقارب بين جماعة «الإخوان» والنظام القطري؟ - بما أن تنظيم الإخوان وقطر ومنصتها الإعلامية «قناة الجزيرة» جميعهم صناعة «أنجلو- أمريكية»، فقد تمت توأمة بينهم وتكليفهم من قبل دول الشر (أمريكا - إنجلترا - إيران - تركيا - إسرائيل) بإدارة ما يسمى الربيع العربي في بداية 2011، وتم تكليف النظام القطري برعاية توأمه تنظيم الإخوان تمويلا وإيواء وترويجا إعلاميا ودعما سياسيا. ثم أسقطت ثورة 30 يونيو 2013 هذا المخطط وأبعدته عن مصر أولا، ثم لاحقا دول الخليج، فعادت قطر ومنصتها الإعلامية الجزيرة لاحتضان توأمها تنظيم الإخوان على أمل الرهان على موقف دولي أو حراك شعبي للعودة إلى دورهم القذر المرسوم لهم. هل ترى أن الدوحة حين تفعل ما ذكرت تمثل خطرا على دول المنطقة؟ - تمثل سياسات الدوحة خطر أكيدا على دول الخليج، لأنها ترعى وتأوي وتتحالف مع تنظيم يعمل على تفكيك الدولة الوطنية وإشاعة الفوضى وإفقاد الثقة بين المواطن ودولته لكي يسلك طريق الانتحار القومي. جرى البدء في وضع خطة إعادة تشكيل المنطقة على أجندة أجهزة الدول الاستعمارية، فكان لا بد من البحث عن دولة يمكن السيطرة عليها وإدارتها والتحكم فيها، فوقع الاختيار على دويلة قطر التي لا يخفى على أي متابع، أنها شبه دولة، وهي تعاني من مركبات نقص وعقد نفسية وتتطلع إلى لعب دور أكبر من إمكاناتها من حيث الحجم والتاريخ والثقافة والنفوذ. وفي اتجاه موازٍ، تم التفكير في منصة إعلامية احترافية تتوافر لها كل وسائل الإغراء البصري والاختراق والهيمنة على العقول، فتم إنشاء قناة الجزيرة بخبرات هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، وبأموال قطر التي وجدتها فرصة للتواجد في منطقة مثيرة للانتباه والجدل. هل توجد وثائق تؤكد علاقة الإخوان بأجهزة الاستخبارات الأجنبية؟ - تنظيم الإخوان أحد فصائل أجهزة المخابرات «الأنجلو - أمريكية»، وهذا التنظيم تم تأسيسه برعاية المخابرات البريطانية عام 1928، وفي كتابه «التعليم والقضاء في مصر»، وعقب تركه للجماعة، بعدما تكشفت له نواياها التآمرية، قال أحمد شاكر وهو من الرعيل الأول للتنظيم: «إن حركة حسن البنا وإخوانه الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدَّامة، ينفق عليها البريطانيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين لاستهداف المنطقة». وكذلك كشف «مارك كيرتس» مؤلف كتاب «الشؤون السرية» تمويل بريطانيا لجماعة الإخوان سرا منذ تأسسيها، وبدوره أشار الكاتب الأمريكي «روبرت داريفوس» في كتاب «لعبة الشيطان» إلى أن بريطانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، عقدت عدة صفقات مع أبرز رؤوس الإخوان مثل حسن البنا وغيره منذ أوائل ثلاثينيات القرن الماضي.