تقضي الحكومة الأردنية، التي يرأسها فايز الطراونة، ساعاتها الأخيرة ,وسط ترقب الأوساط السياسية لاسم الشخصية التي سيمنحها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ثقته لقيادة بلاد تمر بمرحلة حرجة. وسيجد الساكن الجديد ل «الدور الرابع» في مقر رئاسة الوزراء عشرات الملفات الساخنة، التي تستدعي «قرارات جريئة»، وفق مراقبين. حكومة الطراونة، التي واجهتها مصاعب جمة،ستغادر «الرئاسة» مجبرة بحكم الاستحقاق الدستوري، الذي فرضه العاهل الأردني بحله البرلمان الخميس المنقضي. يقول وزير الدولة للشؤون البرلمانية شراري الشخانبة إن «نهاية المهلة الدستورية لتقديم الحكومة استقالتها هو يوم الأربعاء، ويفترض أن تكون الاستقالة بين يدي الملك قبل ذلك». وتزخر «صالونات عمان» السياسية بأسماء خلفاء مفترضين للطراونة، بعضهم خبر الرئاسة كالسياسي المخضرم طاهر المصري ورئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز، وبعضهم الآخر لم يخبرها سابقا، فيما يتفق الجميع على ضرورة أن يكون رئيسا «يحظى بتوافق شعبي». يؤكد محللون محليون أن «الحراك الشعبي الاحتجاجي لن يحفل بحكومة الرابع الجديدة، فهو الآن يستعد لمسيرات ضخمة، تضاهي تلك التي شهدتها عمان الجمعة الماضية». ولم يصدر حتى اللحظة إيماءات من القصر الأردني حول خيارات الملك، الذي سيلقي بملفات كبيرة وشائكة على عاتق الرئيس الجديد، توصف بأنها بحجم «حالة الاستعصاء السياسي والاقتصادي والأمني» في المملكة. ويتصدر الملفات الوطنية اشتراطات البنك الدولي وصندوق النقد على الأردن لتقديم تسهيلات مالية له، وهي اشتراطات تبدأ ب «برفع الدعم الحكومي عن الكهرباء والمشتقات النفطية»، وهو الشرط الذي استجابت له حكومة الطراونة وتراجعت عن قراره في اقل من 24 ساعة، بعد تظاهرات عارمة شهدتها مختلف أنحاء المملكة. يقول فهد الخيطان، الخبير في الشأن المحلي، إن «خليفة الطراونة سيجد على طاولة الرئاسة قرارات لا ينقصها سوى التوقيع، حيث يستهل عهده برفع الأسعار، ما يعني أن الحكومة ستواجه الفشل من أول يوم، وستخوض مواجهة مع الشارع». الأزمة الاقتصادية الخانقة تترافق مع استعصاء سياسي عميق، إذ يخوض النظام مواجهة شرسة مع الحركة الإسلامية والحراكات الشعبية الاحتجاجية، التي ترفض الإجراءات الإصلاحية المتخذة، وتقاطع الانتخابات المزمعة، التي يفترض أن تكون جوهر عمل حكومة الرابع المرتقبة. فالإسلاميون لا زالوا متوقفين عند مشروعهم السياسي، المتمثل في «تعديلات دستورية تحد من صلاحية الملك في حل البرلمان وإقالة الحكومات»، و»قانون انتخاب تمثيلي، قادر على التعبير عن إرادة الأردنيين بمختلف تنويعاتهم»، إلا أن في الأفق بوادر مشروع سياسي، يقايض واحدة بالأخرى، وفق تسريبات ل «اليوم» من قيادات في الحركة الإسلامية الأردنية. ويؤكد محللون محليون أن «الحراك الشعبي الاحتجاجي لن يحفل بحكومة الرابع الجديدة، فهو الآن يستعد لمسيرات ضخمة، تضاهي تلك التي شهدتها عمان الجمعة الماضية». ويرى هؤلاء، الذين استطلعتهم «اليوم»، أن «تظاهرة إنقاذ الوطن فتحت شهية الإصلاحيين على أنماط احتجاجية مشابهة، ستتكرر في الأسابيع المقبلة». أمنيا، يلقي الملف السوري بظلال ثقيلة على الأردن، الحكومة الجديدة مضطرة إلى التعامل معها، سواء لجهة «معلومات رسمية» حول نية نظام بشار الأسد إثارة «قلاقل أمنية» في الأردن، وهو ما توج بضبط خلايا مسلحة موالية للأسد في الأردن، أو لجهة «أعباء اللاجئين»، التي باتت مثار شكوى أردنية في المحافل الدولية. وتؤكد مصادر أمنية رفيعة، في تصريحات متطابقة ل «اليوم»، أن «خلايا مسلحة، تابعة لنظام الأسد، استوطنت مناطق متعددة في دول المحيط السوري، وستكون جزءا من الصراع الدائر».