بعض الناس ينهار عندما تصيبه «صدمة عاطفية»، والبعض يستطيع أن يتحكم بمشاعره العاطفية، ويدير الموقف بقوة وإرادة، فالثاني أفضل من الأول في التعامل مع المشاكل العاطفية؛ لأنه استطاع أن يتحكم بذاته ومشاعره ويتعامل مع الموقف بثبات وحكمة، وحتى نستطيع أن نعيش بصحة عاطفية، ونحمى أنفسنا من آثار الصدمات العاطفية لابد أن تتوافر فينا ست صفات. الأولى أن نكون متفائلين دائمًا؛ لأن المتشائم يعيش بحسرة وقلق حتى لو عالج مشكلته العاطفية، بينما المتفائل عندما يُصاب بصدمة عاطفية يقف على قدمه بثبات ويتوقع نتائج طيبة ومستقبلًا جميلًا حتى لو كانت الصدمة العاطفية عنيفة، ولا أتكلم من فراغ أو تنظير وإنما أتحدث من واقع ووقائع عشتها من خلال علاج المشكلات الأسرية، خاصة في الجانب العاطفي، فمن يتفاءل بالخير يجده أمامه، سواء وجده قريبًا أم بعد وقت طويل. المهم أنه سيجده؛ لأنه متفائل، والأمر الثاني هو أن يكون للإنسان أمل حتى يستطيع أن يتغلب على الصدمة العاطفية، فقد رأيت انهيارات كثيرة من أشخاص سقطوا من أول حدث عاطفي مؤلم يمر عليهم، مثل وفاة عزيز أو فشل في الدراسة أو إصابة بمرض مزمن أو خيانة زوجية أو عقوق ابن أو قطيعة رحم أو غيرها من أحداث الحياة المؤلمة، فالأمل يبعث في النفس راحة ويجعل الإنسان منطلقا بحياته، وفي الغالب يكون التفاؤل والأمل رفيقين. الأمر الثالث أن تتقبل نفسك وتثق بقدراتك فلا تضعف ولا تشكّك في نفسك وقدراتك، فكثير من مشاكل قطع العلاقات الاجتماعية الصداقات أو الخيانة الزوجية، يعتقد الشخص أنه سبب المشكلة ولكن بعد التأمل ودراسة الحالة نكتشف أن المشكلة ليست في الشخص وإنما المشكلة في الآخر، سواء كان زوجًا أم أختًا أم صديقًا، فتقبل النفس والثقة بها يجعل الإنسان الذي يتعرض لصدمة عاطفية قويًا، ويتعامل مع المشكلة بأنها خارجة عنه وليست فيه، وهذه النفسية تساعده في علاج المشكلة واستيعابها، ومن ثم تجاوزها. والأمر الرابع أن يمارس الإنسان الرياضة بانتظام حتى ولو كانت ثلاث مرات أو مرتين بالأسبوع، فالرياضة تقوي الإرادة وتفرغ الشحنات السلبية، فنفس الرياضى، دائمًا، حيوية ومرحة وقوية، وهذا يساعده على تحمّل الصدمات العاطفية، كما أن الرياضة تساعد في تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالإنجاز. والأمر الخامس هو أن يكون للإنسان عدة أهداف في الحياة يسعى لتحقيقها، فلو جاءته الصدمة من هدف واحد فإن لديه عدة أهداف أخرى يركّز عليها، فتنوّع الأهداف مهم جدًا للشعور بالسعادة وعدم الإحباط من الفشل في هدف واحد، مثل أن يكون للإنسان هدف صحي، وآخر تربوي، وثالث وظيفي، ورابع في العلاقات والصداقات، وخامس للأسرة، وسادس في تنمية المهارات والفكر وهكذا. والأمر السابع والأخير أن يكون الاتصال بالله قويًا، فالله خير مُعين ومثبّت، ومعوض للإنسان عندما يصاب بصدمة عاطفية، فدعاء المصيبة والوضوء، وصلاة ركعتين تنزل مثل الماء البارد على المصاب، خاصة إذا فوّض أمره لله وتوكل عليه، فالله يساعده في تجاوز هذه المحنة، ومَن يقرأ قصص الأنبياء، عليهم السلام، يلاحظ كيف أن الله ساعدهم في الخروج من مشاكلهم العاطفية. ولو تأملنا موقف أم موسى «عليه السلام»، وكيف كانت إرادتها قوية أمام الصدمة العاطفية عندما أمرها الله بإلقائه في البحر حتى أصبح فؤادها فارغًا، كما وصفه الله تعالى «وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين»، فلم تنهر عاطفيًا، على الرغم من أن المصيبة كبيرة، وهي فقد الولد، وصار فؤادها فارغًا من كل شيء من أمور الدنيا إلا من موسى، فكانت من شدة حزنها أن تكشف السر وتظهر أنه ذهب لها ولد لولا أن صبّرها الله تعالى وثبّتها في هذه المصيبة، فكلما قويت العلاقة بالله تعالى صار مَن يمر بصدمة عاطفية قويًا وثابتًا؛ لأن الله معه.