خلال الثلاثين عاماً الماضية، قام العلماء بإجراء أبحاث على عشرات الآلاف من الأشخاص، لمعرفة علاقة نجاحهم بشهاداتهم وتحصيلهم العلمي. وقد توصلت هذه الأبحاث إلى ما يلي: إن نجاح الإنسان وسعادته في الحياة يتوقفان على مهارات لا علاقة لها بشهاداته وتحصيله العلمي. ولا يعني هذا أنه لا دور للشهادات العلمية في تحقيق النجاح، لكنها لا يمكن أن تؤدي وحدها إلى النجاح، ولابد أن تتوافر معها بعض الصفات والمهارات المتعلقة بالذكاء العاطفي. والذكاء العاطفي هو قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الناس. ويعلمنا الذكاء العاطفي كيف نغير من تفكيرنا ومن نظرتنا إلى الحياة، بحيث نولد أكبر قدر من المشاعر الإيجابية. ولهذا فإن الإنسان الذكي عاطفياً هو إنسان اجتماعي يتميز بأنه يعرف نقاط قوته ونقاط ضعفه. كما أنه إنسان متعاطف يتفهم مشاعر الآخرين ويراعي هذه المشاعر، ولذلك فهو إنسان متفائل ينظر إلى الحياة نظرة إيجابية لا يخاف مصاعب الحياة وعقباتها بل تزيده قوة وحماساً. والإنسان الذكي عاطفياً هو الإنسان الذي يتقبل النقد برحابة صدر، ويغير نفسه دائماً نحو الأفضل. والإنسان الذكي عاطفياً هو إنسان متسامح لا يحمل في نفسه أو قلبه غلاً أو حقداً على أحد. وعندما ينشغل الإنسان بكراهية الآخرين أو الحقد عليهم، فإنه لا يستطيع أن يصلح نفسه أو يفهمها، أو حتى يتحكم في عواطفه ... ولا يمكن أن ينتصر أو ينجح القائد الكبير إلا إذا كان متسامحاً ومتعاطفاً مع جنوده. وللذكاء العاطفي دور في انتشار الدعوة الإسلامية، بالعفو والتسامح والمشورة. وقد وصف الله تعالى رسولنا الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز فقال : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (سورة آل عمران، الآية 159) .