لم يعد الشعب الإيراني الحر يحتمل تجاوزات حكام طهران وتبديد الثروات على مغامرات طائشة وخاسرة من خلال تصدير الثورة الإيرانية الدموية ودعم الإرهابيين في كل مكان والتدخل السافر في شؤون الغير، وتلك ممارسات أدت - بطريقة مباشرة - إلى هز مفاصل الاقتصاد الإيراني، فجاءت المظاهرات العارمة التي شملت طهران وغيرها من المدن؛ للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية المتردية، فقد طالب المتظاهرون في شعاراتهم المحمولة وهتافاتهم بتنحي المرشد الأعلى للنظام عن الحكم وتسليم السلطة للشعب. وكالعادة في مثل هذه المظاهرات، فإن جنود السلطة اعتقلت مئات المتظاهرين، وداهمت المحلات التجارية وسط العاصمة، وقد اتسعت الاحتجاجات بعد تلك الإجراءات التعسفية، وعم الإضراب المدينة، وتعالت الأصوات محتجة على انهيار العملة وارتفاع الأسعار بشكل مضاعف، ومحتجة أيضا على التواجد الإيراني في سوريا، حيث أدى ذلك إلى إطالة أمد الحرب وادخال الأزمة السورية في نفق مظلم، ومن المعروف أن تدخل النظام في شؤون سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول أدى الى أزمات صعبة ما زالت تلك الدول تعاني منها. اتساع الاضراب في العاصمة الإيرانية وفي مدن أخرى يدل دلالة واضحة على أن الكيل طفح بأبناء الشعب الإيراني، وأن دعوتهم لتنحي المرشد عن الحكم هي السبيل الوحيد لإنهاء معاناة إيران وخروجها من الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها الأمرين، وهي ذات علاقة بمختلف الممارسات السياسية الغارقة في الأخطاء المتبعة من قبل النظام في الداخل والخارج، وتلك ممارسات عانى منها الشعب الإيراني طويلا، وما زالت تعاني منها العديد من الدول في المنطقة جراء تدخل النظام في شؤونها الداخلية وفرض سيطرته عليها. ويبدو واضحا للعيان في ظل تصاعد العقوبات الدولية المفروضة على النظام أن البلاد سوف تغرق في أزمات سياسية واقتصادية صعبة وأن الشعب الإيراني ليس بمقدوره تحمل تبعات تلك الأزمات التي تورط فيها نظامه الدموي مع كافة شعوب العالم، وأن المجتمع الدولي لا بد أن يتحرك بفعالية أكبر لوضع حدود قاطعة لممارسات النظام القمعية ضد شعبه وضد شعوب المنطقة، فتلك أزمات أحدثها النظام الإيراني لبسط سيطرته على الشعب الإيراني في الداخل وبسط نفوذه وسيطرته على دول المنطقة. الحراك الشعبي المتجدد في المدن الإيرانية ضد النظام الحاكم أسبابه معلنة ومعروفة ومنها تدخله السافر في شؤون دول المنطقة ومحاولته اليائسة للهيمنة على مقدراتها وإرادة شعوبها لقيام إمبراطوريته الفارسية المزعومة على أنقاض استقرار وسيادة وحرية تلك الدول، فالتكلفة السياسية والمالية لمغامرات طهران الطائشة في العالم العربي وخارجه أضحت باهظة للغاية، واحتجاجات الشعب الإيراني لها صلة مباشرة بممارسة تلك المغامرات التي لا بد من توقف تداعياتها السلبية على الشعب الإيراني وعلى شعوب المنطقة.