بدأت الانتفاضة في إيران تتوسع بانضمام مدن جديدة للاحتجاجات، وآخرها احتجاجات ساخنة في كردستان إيران، مع تصعيد سلطات نظام «ولاية الفقيه» من لهجتها المتوعدة للشعب الإيراني المنتفض على سياستها الخارجية وسوء الإدارة والفساد، بأن المحتجين «سيدفعون الثمن»؛ في وقت اعترف فيه الحرس الثوري بتوسع رقعة الاحتجاجات، زاعما أن الاحتجاجات سياسية ولا علاقة لها بالأوضاع الاقتصادية. وبدأ نظام الملالي حصارا إعلاميا للشعب الإيراني بتعطيل شبكات تواصل اجتماعي قليلة في إيران مثل شبكة تلجرام. وسبق أن حظر النظام ولسنين طويلة استخدام شبكة تويتر وفيسبوك. وفي اليوم الرابع للانتفاضة الإيرانية في وجه المرشد خامنئي ونظامه، تداول ناشطون عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس الأحد، مقاطع مصورة تظهر محتجين في مدينة «بانة» بإقليم كردستان غرب إيران، يرمون الحجارة تجاه مبانٍ للأمن ويشعلون إطارات السيارات مرددين شعارات مناهضة للنظام. وفي تضارب للمعلومات بسبب الانغلاق الذي تعيشه دولة الملالي، خاصة بعد اجرائها الذي اتخذته أمس، بفرض قيود جديدة على شبكات التواصل الاجتماعي عبر الهواتف النقالة، ذكرت مواقع لناشطين سقوط أربعة قتلى بمنطقة دورود في إقليم لورستان، فيما ذكرت اخرى حكومية أن عددهم اثنان. قيود ومزاعم وتحدثت وكالات اخبارية ايرانية، عن تعذر الدخول بعد ظهر الاحد؛ الى تطبيقي انستغرام للصور وتلغرام للرسائل النصية على الهواتف المحمولة، وذلك في اليوم الرابع من التظاهرات، وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة «تلغرام»، بافل دوروف؛ فإن إيران حظرت خدمة استخدام التطبيق، ردا على رفض الشركة غلق قنوات الاحتجاج السلمية. وتزعم السلطات الإيرانية، وجود مجموعات «معادية للثورة» في الخارج تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي ولا سيما تطبيق تلغرام للتحريض على العنف أثناء التظاهرات، حسب ادعائها. تهديد للشعب وطالب المتظاهرون يوم أمس، المرشد علي خامنئي بالتنحي عن السلطة، حيث قام متظاهرون في بندر عباس وشيراز وأصفهان بتمزيق صوره، من جهته، توعد أمس، وزير الداخلية الإيراني، المحتجين بقوله «ستدفعون الثمن». وصرح وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي للتلفزيون الرسمي قائلا «الذين يخربون الأملاك العامة ويثيرون الفوضى ويتصرفون بشكل مخالف للقانون سيحاسبون على أفعالهم ويدفعون الثمن، سنتصدى للعنف وللذين يثيرون الخوف والرعب»، حسب تعبيره. في المقابل، نشرت صحيفة محلية على صفحتها بتويتر خبرا عاجلا تقول فيه «إن الرئيس الإيراني حسن روحاني سيلقي كلمة، يخاطب فيها لأول مرة المتظاهرين، ومن المرجح أن يطالب من خلالها المحتجين بإنهاء المظاهرات»، إلا أن المواقع الرسمية أفادت بأن روحاني سيحضر اجتماعا فقط، وربما يتطرق إلى الاحتجاجات. ويهدف نظام الملالي إلى استثمار فكرة «المؤامرة الخارجية» من اجل إسكات معارضيه في الداخل، ومنعهم من الخروج عليه بعد سياسة التقشف التي اقرها النظام، تزامنا مع توظيف امواله دعما لميليشيات تعيث ارهابا وزعزعة لاستقرار دول الجوار والمنطقة. وتبلغ ديون نظام خامنئي الخارجية، نحو 18 مليار دولار أمريكي، مع وصول ما تستورده ايران إلى 24 مليارا، في حين تصل أرصدتها في البنوك الأجنبية أكثر من 50 مليار دولار، وهو ما يثبت أن اقتصادها يعاني رغم عائد الاتفاق النووي الذي ابرم مع الدول الكبرى (5+1) بضغوط من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. والاحتجاجات الراهنة هي الأقوى منذ موجة الاحتجاجات التي عرفت ب«الثورة الخضراء» واستمرت شهورًا في 2009، بعد إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد؛ آنذاك. أنشطة إرهابية وكان نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، قد أبدى أمس، تأييده للاحتجاجات في إيران، مطالبًا في الوقت ذاته طهران بالتوقف عن أنشطتها الإرهابية. وفي ظل سياسة القمع الدموي الذي لا يعد غريبا على نظام انتهج سفك أرواح مواطنيه، وملأ سجونه بحوالي 600 ألف معارض، غرد بنس، على «تويتر» قائلا «أقف مع المحتجين السلميين في إيران الذين يدعون للحرية، وندين القبض على الأبرياء.. حان الوقت لأن ينهي النظام في طهران أنشطته الإرهابية والفساد وتجاهله لحقوق الإنسان». تأهب للقمع يأتي ذلك فيما تأهبت القوات البرية والبحرية للجيش والحرس الثوري الإيرانيين، وتم تشكيل مقر مشترك لقوى الأمن الإيرانية لقمع المظاهرات، إلى جانب استدعاء كافة القادة العسكريين إلى المقرات المشتركة للجيش والشرطة والحرس في العاصمة. وأوردت وكالة «إيلنا» القريبة من الاصلاحيين «أن 80 شخصا أوقفوا في اراك (وسط) بينما أصيب 3 أو 4 أشخاص بجروح في الصدامات التي شهدتها المدينة مساء السبت». وفي السياق، أظهر مقطع فيديو، بثه نشطاء إيرانيون، الأحد، حرق محطة بترول بمدينة كرج، التي تقع على بعد 20 كيلومترا غرب طهران. من جهتها كتبت وكالة أنباء تسنيم التابعة لميليشيا القدس الارهابية المنتسبة للحرس «هذه الاحتجاجات وشعاراتها سياسية، وتشبه تلك التي كانت تطلق في 2009». وانطلقت المظاهرات في البداية يوم الخميس في 3 مدن احتجاجا على ارتفاع الأسعار والفساد وسياسات الحكومة التعسفية ضد الفقراء والمهمشين، وسياستها الخارجية، ازاء التدخل في شؤون عدة دول، ثم امتدت خلال اليوم الثاني لحوالي 15 مدينة وبلدة. سقوط المرشد في اليوم الثالث الموافق السبت، خرجت مظاهرات كبرى في أكثر من 30 مدينة بحسب ما أحصت حسابات إيرانية عبر مواقع التواصل. وتوسعت الاحتجاجات التي بدأت في مشهد، خلال اليوم الثالث إلى مختلف مدن البلاد بما فيها طهران العاصمة؛ وكرمانشاه وشهركورد وبندر عباس، وإيذج وأراك وزنجان وأبهر ودرود؛ وخرم آباد والأهواز وكرج وتنكابن وعدة مدن أخرى. وفي ساحة «انقلاب» بالعاصمة، رفع المواطنون شعار «الموت لولاية الفقيه»، والموت ل«خامنئي»، ومزّقوا صوره المعلقة على جدران مؤسسات حكومية، وهي المرة الأولى التي تدعو فيها المظاهرات الى الإطاحة بالمرشد. كما أفادت أنباء عن خروج مظاهرة في مدينة كرمانشاه التي اشتهرت منذ اليومين الثاني والثالث من الانتفاضة بخروج محتجين بمظاهرات عارمة، مرددين شعارات ضد المرشد علي خامنئي ونظام ولاية الفقيه. وفي بعض المناطق، حدثت مواجهات مع الأمن كما تعرض المحتجون للضرب بالعصي والهراوات وبعضهم للرصاص الحي حيث قتل 4 أشخاص بمدينة دورود في محافظة لورستان، فيما ذكرت مواقع موالية أن القتلى اثنان. استقراء خبراء وفي شأن الاحتجاجات، قال سياسيون وخبراء مصريون في الشأن الإيراني «إن الثورة الشعبية التي تشهدها إيران نتيجة طبيعية للقهر والذل والقمع الذي يعيشه الشعب هناك»، مشيرين إلى انها بدأت بمطالب اجتماعية وارتفعت لطموحات سياسية، بسبب دعم نظامهم للميليشيات في لبنان واليمن والعراق وسوريا. ويقول الخبير السياسي، محمد محسن أبو النور «إن الخبراء الاقتصاديين المقربين من الرئيس حسن روحاني حذروه من أن خطة التقشف الجديدة ستؤدي إلى انفجار اجتماعي واسع، لكن روحاني لم يبال بتلك النصائح وقرر المضي قدما فيها»، لافتا إلى تحول الاحتجاجات إلى سياسية، بسبب تزامنها مع زيادة ميزانية التسليح العسكري الذي يذهب لمؤسسة الحرس الثوري الراعية للحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وبقية الميليشيات في سوريا والعراق. وأوضح أبو النور، أن ثورة الغضب في إيران نتيجة منطقية بعد ارتفاع عدد الفقراء في ايران بموجب رفع الدعم من 20 مليون نسمة، إلى 54 مليون نسمة، وأشار إلى أن ما زاد الثورة اشتعالا، انضمام الشباب المتعلم والجامعيين إلى المظاهرات التي طورت المطالب إلى حقوق سياسية، خاصة فيما يتعلق بسياسة نظامهم الخارجية، وهو ما وضح من خلال شعار «الموت لحزب الله»، و«لا غزة ولا لبنان.. روحي فداء إيران». عداء الجوار من جهته، لفت خبير العلاقات الدولية، أيمن سمير، إلى أن الشعب الإيراني ضاق بتورط نظامه في دعم وتمويل الجماعات الإرهابية في عدد من الدول العربية، ما أكسب بلادهم عداء جوارها. وأكد سمير، على أن الإيرانيين غضبوا من السياسات الداخلية لنظام الملالي الذي فرض تقشفا اقتصاديا ما أدى إلى موجة من الغلاء غير المسبوق خصوصا في معايشهم، في وقت توجه فيه معظم الميزانية إلى التسليح العسكري لدعم الجماعات الإرهابية. وبدوره، قال الخبير الأمني، عبدالله الوتيدي «إن بيان الحرس الثوري الإيراني المستفز الذي وصف الثورة الإيرانية بأنها مؤامرة من تخطيط أعداء، سيزيد الثورة اشتعالا، خاصة أن المواطنين الثائرين لن يقبلوا وصفهم بالخونة والعملاء؛ في وقت يطالبون فيه باستعادة حقوقهم المغتصبة من نظام ديكتاتوري فاشي». ولفت الوتيدي؛ إلى أن من حق أي مواطن أن يخرج في ثورة سلمية ضد الظلم الذي يتعرض له، وهو ما حدث في إيران، مشددا على أن المواجهة الأمنية العنيفة ستؤدي حتما إلى زيادة الاحتقان وهو الأسلوب الوحيد الذي يعرفه النظام الإيراني؛ الذي ينتهج سياسات القمع والتنكيل ضد كل من يخالفه الرأي. اشتباكات بين طلاب وأفراد الأمن أمام باب الجامعة احتجاجات تدعو لسقوط خامنئي والنظام في طهران (أ ف ب) الأمن يرفض خروج الطلاب خوفًا من زيادة الاحتجاج بشوارع طهران