في خضم التوجه الإصلاحي الجديد واسع النطاق، الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - يحفظهما الله -، جاء القرار الملكي الأخير بتوفير الحماية الكافية لكل موظف يتقدم ببلاغ ضد ممارسات الفساد المالي والإداري، بما يضمن عدم التعرض له وظيفيا أو المساس بميزاته أو حقوقه.. ليدشن عمق التوجه بإجراءات ذات مغزى هام، تعزز مبادئ الشفافية والنزاهة ضمن مرتكزات الدولة الجديدة، ووفق رؤية 2030 الإستراتيجية، التي غيرت وجه السعودية الحديث، ولاقت صدى وتقديرا دوليا هائلا، وكذلك تعزيزا شعبيا غير مسبوق وعلى كافة المستويات والمحاور. وإذا كان الفساد المالي والإداري هو آفة خطيرة تنتهك كل الأعراف الأخلاقية والسلوكية العامة لأي مجتمع، وتدمر كل مقومات البناء والتنمية والنهضة، فتعيق كل المشاريع النهضوية التي يطمح المواطن في جني ثمارها على الأرض، لذا كانت الحملات الأخيرة على الفساد والمفسدين خطوة جريئة لدولة «الحزم والعزم» تؤكد أن العهد السعودي الجديد لا يتسامح أبدا مع أي صورة من صور الفساد وأشكاله وشخوصه، ويتعدى ذلك لتوفير الحماية الكاملة للمبلغبن عن هذا الفساد وحفظ حقوقهم وتأمينهم قانونيا ومجتمعيا. ومن هنا يمكن اعتبار إجراءات نوفمبر الماضي حيال المتهمين والمشتبه بهم في قضايا فساد، جزءا من نهجٍ استثنائي لا يعفي أي متورط مهما كان شخصه أو موقعه، تعزز لاحقا بما أصدره خادم الحرمين في شهر مارس الماضي من قرار بإحداث دوائر متخصصة لقضايا الفساد في النيابة العام في إطار مكافحة الفساد بكافة صوره وأشكاله والمحافظة على المال العام، وكل هذا ضمن حزمة قرارات وإجراءات صدرت منذ العام الماضي، ترتبط بمراقبة أداء الوزارات والمؤسسات الحكومية، من أجل ضبط المال العام وحماية مكتسبات الدولة والمواطنين. إجراءات الحماية الجديدة، تعني بوضوح أن المملكة أمام مرحلة متغيرة، لا تهاون فيها أمام أي شبهة فساد، ولا تراجع عن اتخاذ كل ما يلزم بحق أي مشتبه به مهما كان، وأن لا أحد فوق قانون الدولة العام، وفي نفس الوقت ضمان الحماية الكاملة لكل من يبلغ عن بؤرة فساد بشكل وطني وعملي يرتفع فوق مستوى الكيد الشخصي، وفق أطر محددة، وكل هذا يعني في نفس الوقت بث روح الإيجابية في نفوس المواطنين ليتخلوا عن السلبية التقليدية في التعامل مع مثل هذه الوقائع. وهنا نكون أمام ملمحٍ قيادي يعزز روح التفاعل المجتمعي مع الرؤى والأهداف القيادية التي تحرص على صيانة المجتمع والدولة ومالها العام وكل مشاريعها التنموية، ليتأكد الجميع أن هذه الروح هي التي ينبغي أن تسود لصناعة مستقبل عزيز في وطن شفاف ونزيه.