يجيء تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الأمر الملكي الكريم حول فاجعة جدة وما خلفته من دمار على أن "العقيدة والوطن والمواطن أثمن وأعز ما نحافظ عليه ونرعاه" ليؤكد على ثوابته يحفظه الله في ادارة دفة شئون البلاد والعباد.. وجاء الامر الملكي الكريم بإحالة جميع المتهمين في الكارثة إلى «الرقابة والتحقيق» و«التحقيق والادعاء العام» ليؤسس لورشة إصلاح كبرى يكون المواطن والمسؤول فيها هما حجرا الزاوية في مكافحة الفساد وكشفه والقضاء عليه اينما وجد.. التشهير عقاب رادع وتقول الدكتورة نورة اليوسف استاذ الاقتصاد المشارك في جامعة الملك سعود ان هذا القرار الملكي الكريم فتح ابوابا كثيرة لمكافحة الفساد والقضاء عليه وقالت ان اهم ركائز مكافحة الفساد تكمن في تحديد المسئولية والمسئول عنها بشكل مباشر ودقيق ثم معاقبة المتسبب والتشهير به لان انتفاء العقاب يعزز انتشار الفساد وقديما قالوا من أمن العقوبة اساء الادب لذا فان تحديد تشريعات واجراءات رقابة صارمة من شأنه الحد كثيرا من تفشي الفساد وانتشاره.. واردفت الدكتورة نورة: كلنا يعرف ان ثمة فسادا ظاهرا وآخر مستترا يوجد في كثير من الجهات نلمسه في خدمات متدنية او مرافق منقوصة او مصالح معطلة ونعلم كذلك ان المصالح الشخصية لها اليد الطولى في كثير من الجهات، لذا فان تفعيل دور هيئة الرقابة والتحقيق من شأنه ان يكون صمام امان في مواجهة انتشار الفساد. المتابعة والتقييم وبدورها تمنت الدكتورة فوزية اخضر مدير عام التربية الخاصة سابقا وعضو مجلس ادارة الجمعية الوطنية للمتقاعدين لو كانت على رأس العمل حين صدور هذا الامر الملكي والذي يشكل انطلاقة مجتمعية لمكافحة الفساد في كل القطاعات وليس في حادثة سيول جدة فقط.. وقالت الدكتورة فوزية: لقد اثلج هذا القرار صدورنا وفتح آفاقا من الاصلاح والشفافية امام عيوننا فاننا نعرف الفساد ونشعر به لكننا لا نملك الوقوف بوجهه بشكل مباشر وعام ولعل في كارثة جدة جانب ايجابي اذا كانت السبب في فتح النار على كل من يستهين بممتلكات الوطن وحقوق المواطنين.. ودعت الدكتورة اخضر الى متابعة وتقييم العمل في كل قطاع مع كف يد المسئول و الحد من سلطته المطلقة التي تكاد ان تكون بلا رقابة في معظم القطاعات و دعت كذلك الى وجود جهة رقابة و تفتيش مستقلة في كل قطاع لها صلاحية الكشف و الاطلاع و اتخاذ القرارات الضبطية و تقديم التقارير الوافية اولا بأول عن سير و اداء كل جهة و مدى رضا المتعاملين معها عن الاداء وفق المعايير الدولية لتقييم الاداء و بهذه الطريقة فان هامش الفساد سيقل كثيرا و تتسع مساحات الانجاز الوطني. دعوة إلى متابعة وتقييم العمل والحد من سلطة المسؤول المطلقة في معظم القطاعات إصلاحات كبيرة وتقول الكاتبة الاقتصادية عالية الشلهوب : لا شك أن مبادرة الملك عبدالله في ارساء مبادئ مكافحة الفساد واجتثاث جذوره أتت ضمن مجموعة من الاصلاحات الكبيرة التي تعيشها المملكة ويكفي مقولته الشهيره حفظه الله "من حقكم علي أن أضرب بالعدل هامة الجور والظلم" التي ترسخ وتجسد حرصه على مكافحة هذا الفساد وهذا الداء الذي اتضح بعد كارثة جدة الشهيرة ، واعتقد أن المواطن في المقام الأول والمسئول ثانياً يعتبران الوسيلة الأولى لكشف بواطن الفساد واظهارها للرأي العام بكل جرأة وشفافية. ونحتاج بعد ذلك لنظام صارم للمساءلة لأي مسئول أو مواطن تثبت عليه ادانته بالفساد. وأعتقد أن هذه الورشة الاصلاحية للوطن لكبح جماح الفساد المستشري وللاسف الشديد ينسجم مع قرار مجلس الوزراء الأخير الذي يقضي بإشاء هيئة مكافحة الفساد ، واستراتيجية تحقيق حماية النزاهة وتحصين المجتمع السعودي من الفساد ويجب على الجميع المساهمة في انجاح هذه الرؤية وهذا التوجه الذي يصب في مصلحة المجتمع من خلال الابلاغ عن أي شكوك قد تكشف امورا تخص نوعا من انواع الفساد. العدالة مطلب عام من جانبها قالت مديرة القسم النسوي بالتقاعد فاطمة بنت محمد العلي: الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد هي تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع, فالفساد الإداري وما نتج عنه من هلاك للبلاد والعباد في سيول جدة وتلاه ما حدث في الرياض والذي نتج عنه صرخات الأرامل والأيتام والمتضررين والتي وصل صداها لمسامع مليكنا المحبوب فاستجاب لنداءات شعبه وتكلم بعباراته الخالية من الفلسفة والتصنع ووقف مع المتضررين وكأنه منهم وطالب بأقصى عقوبة للمتسببين في ذلك كائن من كان. أعانه الله على أن ينظف هذه البلاد الطاهرة من شراذم الأشرار وندعو الله أن يسدد خطاه ويرزقه البطانة الصالحة وبناءً على توجيهاته أطال الله في عمره صدرت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد جاء موقف الملك عبدالله متماشياً مع ما يمليه ضميره وأمانته ومسؤوليته، وهو المعنى الكبير لسياسة جذ الفساد من جذوره أياً كانت دواعيه وأهدافه والملاحقة الشرعية والقانونية لحالات التجاوزات والفساد الإداري والمالي والتهاون بالمصالح الوطنية التي أدت إلى إزهاق الأرواح وإلحاق الضرر بشريحة مهمة من المواطنين تعتبر أمانة في عنق الدولة ولعل ما أدرجته وزارة الداخلية من وضع جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو الوارد في ضوء التعليمات والأوامر والتنظيمات بمكافحة الفساد خطوة رائدة، بل وشجاعة، لأن استشراء هذا المرض سوف يؤسس لفساد آخر، وعندما تتراكم هذه الحالات يصعب علاجها. تتركز الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد على الدين الإسلامي الحنيف -عقيدة وشريعة ومنهج حياة- وهو الركيزة الأساسية التي تحكم هذه الإستراتيجية: منطلقات وأهدافاً ووسائل وآليات, إن مكافحة الفساد تتحقق بشكل أفضل بتعزيز التعاون بين الأجهزة المختصة في المملكة بشكل مستمر ولا نغفل أن الفساد يعوق التطوير والتنمية والاستثمارات. إن ظهور مفاهيم وصور ووسائل حديثة للفساد وانتشارها تستلزم مراجعة وتقويماً مستمراً للسياسات والخطط والأنظمة والإجراءات والبرامج لمكافحة هذا الوباء الخطر. والذي يرتكز في البداية على قيام المسؤولين في جميع الادارات بالمراقبة والمتابعة؛ للتأكد من سلامة إجراءات العمل ومطابقتها للأنظمة. والعمل بمبدا العمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه، وفقاً للأنظمة. صدور الإستراتيجية خطوة رائدة في التصدي لما يواجه مجتمعنا من مشاكل يكون المتسبب فيها ضعاف النفوس ومن كان ضعيف الوازع الديني. ختاما نتساءل أين نتائج التحقيقات حول فاجعة سيول جدة؟ ماذا تم بشأنها ونتمنى أن يشهر بهم ليكونوا عبرة لغيرهم. وكان أمر خادم الحرمين الشريفين بإحالة جميع المتهمين إلى هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام مع تنظيم جديد يراعي العديد مما خلفته تلك الفاجعة، وعدم تكرارها في مواقع أخرى، بسن تشريعات لها.. أتمنى من كل مسؤول أن يطلع على الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد وعلى مرتكزاتها وأهدافها التي وضعت من اجلها وتهيئة الوسائل المناسبة لتطبيقها. ارتباط وثيق وقالت مساعد الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وفاء حمد التويجري: هناك ارتباط وثيق بين المساءلة والمحاسبة وبين التنمية الشاملة، فالأول طريق الثاني والأرض الخصبة لنموه واتساع رقعته، وإذا غاب الأول ظهر الفساد بوسائله وآلياته التي تغذي الجمود والهدر على كافة المستويات. وإذا كان خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- قد أعلن تصدي الدولة للفساد ومحاربتها لكل أشكال هدر الحقوق وضياع مكتسبات الوطن وعوائده، فإن الأوامر الملكية حول كارثة جدة بمثابة البنية التحتية والدعامة الأساسية لسياسة هذه الدولة للنهوض بالوطن ونشر الوعي بثقافة العمل المتقن وأداء حق الأمانة. وقد وصلت رسالته لكل مواطن واستقبلها الناس بثقة واطمئنان فنحن اليوم نعيش عصر الانفتاح، ومن المناسب أن يدرك المسؤول أهمية الشفافية في ردم فجوات الأداء وأن يعي الناس أساليب الإعلان عن عدم الرضا عن البطء في تنفيذ المشاريع أو تعثرها في ظل قيادة تطرح الحلول وتستشرف آفاق العمل الطموح لتضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة. فليس من المقبول أن ننجح في مبادرات عالمية ونخفق في معالجة مشاريع محلية، ولن يتحقق ما نصبو إليه بعد توفيق الله تعالى ثم دعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين إلا بتضافر الجهود وإدراك المواطن والمسؤول لدوره في عملية الإصلاح حينما يقوم سلوكياته من خلال تعزيز القيم، وتطبيق الأنظمة، والمحافظة على مقدرات الوطن، وعدم رضوخه للمغريات، وأداء الأمانة، ومراقبة الله، والتفعيل لأنظمة المراقبة والمحاسبة الذاتية، وغرس كل ذلك في نفوس الناشئة بدءاً من الأسرة حيث يُنشّأ أفرادها على احترام تلك القيم النابعة من شريعتنا، وتقوية الوازع الديني حيال ما يوكل لهم من مهام ومسؤوليات وتقوية روح الانتماء الأكيد لهذا الوطن المعطاء، فقد أكد خادم الحرمين الشريفين بأنه سيقال للمحسن أحسنت وللمسيء قف للمحاسبة، ولن تعطى الجزرة دون وزن كفتي الميزان لحل المعادلة. لذا لابد أن نكون يداً واحدة بانية وفاعلة في ورشة الإصلاح الكبرى والتي دعا لها راعي نهضتنا وقائد مسيرتنا كي ندفع بعجلة التنمية إلى الأمام. وعلى مؤسسات المجتمع أن تكثف جهودها من أجل زيادة الوعي بمخاطر الفساد من خلال المؤسسات التربوية وكافة أجهزة الإعلام. الحوار الحوار من جانبها قالت وكيلة عمادة الدراسات العليا لشؤون الطالبات للبرامج الانسانية بجامعة الملك سعود د. هيفاء بنت منصور الدخيل: نشكر خادم الحرمين الشريفين على هذه المبادرة الضرورية حيث إن عقيدتنا وأخلاقياتنا وقيمنا ترفض أي نوع من الفساد والمنهجية المتبعة من قائد الدولة في مجال مكافحة الفساد هي بداية أسلوب إصلاح وتوجيه للقيادات العاملة في الدولة، ويتطلب شراكة وطنية وقناعة ذاتية لدعمها وإنجاحها، يقترح البدء في إعداد ورش للقياديين في الدولة لرسم إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد مصحوبة ببرامج وحملة وطنية بشراكة جميع الجهات العاملة الحكومية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني، كما نتطلع إلى شراكة الجامعات والمدارس للإعداد للترويج لهذه الحملة بعد تأهيلهم في أساليب إدارة الحوار وطرح الفكر المعتدل وتحديد المفاهيم، ولا نغفل دور الإعلام المهم في المساهمة الفاعلة لدعم الجهود في مجال مكافحة الفساد.