في أحد الأيام زرت صديقة لي من الجزائر، أجدها مختلفة ليس فقط في لهجتها الممزوجة باللغة الفرنسية، فهي تحب الاكتشاف، تعشق حياة الأدغال وتستلطف حتى الحشرات. بينما كنت أسهب معها في الحديث، دخل علينا دون «احم أو دستور» قط أبيض ذو عينين زرقاوين فِي عنقه سلسلة يتدلى منها جرس صغير! بدم بارد لوحت له بيديها (مرحبًا ميشو) أما انا فتحنطت في مكاني، وكأن ذلك الميشو-الكيوت- الشكل سيلتهمني في أي لحظة، لتنفجر هي الأخرى ضاحكة على حالي، بالنسبة لميشو دون اكتراث اقترب أكثر تجاهي لأتحول بسببه راقصة باليه تصرخ ال (لاااا) مثل طرزان، أبعدته صديقتي عني ثم هدهدتني، متفاجئة من خوفي غيرالعقلاني الذي كاد يصيبني بإغماء محقق لا محالة. حسنًا.. لا أحد على هذه الكرة الارضيّة لا يخاف من شيء ما، لا ننكر أن الخوف أحيانا - صحي - خاصة أنه يجعلنا لا نقدم على مخاطرة غير محسوبة، لكن إذا زاد إلى حد الرعب فهو«رهاب» أو فوبيا، الذي صنف على انه اضطراب نفسي يسبب الخوف من أخطار لا تُهدد سلامة الإنسان. المثير للدهشة أن أنواعه متباينة في مسبباتها وفي الغالب تعود جذوره إلى الطفولة نتيجة التعرض إلى تجارب سيكولوجية بشعة وربما تكون عادة متأصلة غرسها الأب والأم، أو قد يكون السبب كيميائية المخ. وله علاقة بحاجات معينة، أجسام، أماكن، أفعال، مثل الخوف من الظلام أو الأماكن الضيِّقة والمرتفعة، وطبعا الحيوانات هي الأكثر تسببًا للرُّهاب. أحيانا يرتبط تجاه أمورغريبة، حتى ان الكثير منّا لم يتخيل أن تكون موجودة. ك «رهاب المرآة» يخافون منها أو من سطوحها العاكسة وحتى العبور أمام أي مرآة بشكل عام. ومن أبرز المصابين الممثلة الأمريكيَّة باميلا أندرسون، فهي تكره رؤية نفسها في المرآة ولا تحبُّ أن تشاهد نفسها حتى على شاشات التلفزيون. «رهاب الجبن» نعم نعم الخوف من الجبنة، فالأشخاص الذين يعانون منه يشعرون بالقشعريرة لمجرد سماع لفظة جبن أو «cheese» ويلجأون للهرب عند رؤيته. «الله يشفيهم ولا يبلانا» أيضا «رهاب الفراشات».. المصابون به يشعرون بالهلع لمجرد رؤية فراشة، والممثلة نيكول كيدمان تعاني من هذه الفوبيا. «رهاب الاستحمام» ويحدث بسبب تجربة صادمة في الطفولة ترتبط بالمياه. وبسبب هذه الفوبيا، لقي شاب بريطاني مصرعه بعدما استخدم كمية كبيرة من مزيل العرق؛ ليعوض عن عدم استحمامه بسبب خوفه، فأدى استنشاق غاز البوتان الزائد الموجود بالمزيل لقتله. وهناك الكثير ك «رهاب النساء الجميلات، رهاب الدمى، الخضراوات، الملابس الضيقة.... والقائمة تطول». بعض الحالات يمكن التعايش معها من خلال تجنب المحفزات وبعضها يمكن الشفاء منها عن طريق العلاج النفسي. [email protected]