اتسم أداؤها بالبساطة والهدوء والرقة معا في معظم الأعمال الفنية التي قدمتها وبلغت ما يقارب 80 فيلما على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان ، جمعت بين رقة القطة وشراستها مع خفة ظل البنت المصرية، ما جعل الجمهور يطلق عليها «قطة السينما المصرية» . الفنانة بوسي التي تم تكريمها مؤخرا في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي في دورته ال «28» كان لجريدة «اليوم» هذا اللقاء معها الذي تحدثت من خلاله عن الكثير من الأمور الفنية الخاصة بها : ما شعورك بعد تكريمك في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي؟ التكريم هو تقدير لمشواري واعتراف من النقاد والمتخصصين بما قدمته خلال تاريخي التمثيلي، وأنا سعيدة جدا بتكريمي في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، وهو يعد من أهم المهرجانات الدولية الذي يسعد أي فنان بالتكريم فيه، ولقد حصلت على تكريمات عديدة سواء داخل مصر أو خارجها، لكن هذا التكريم يعني أنني شاركت ولو بشئ بسيط في تقديم أعمال فنية أسعدت الجمهور المصري والعربي، وأسهمت ولو بجزء بسيط في تشكيل وجدان الجمهور، وأكثر شئ يسعد الفنان هو تقدير واهتمام الآخرين به، ورسالة الفنان الحقيقية أن يضيف شيئا ايجابيا للآخرين.
ماذا عن البدايات في السينما أو التليفزيون؟ أرجعتني سنوات طويلة للوراء، البداية كانت في الإذاعة في برنامج "أبلة فضيلة" وكان عمري وقتها ست سنوات، ثم برنامج "ماما سميحة" في التليفزيون وبرنامج "لوزة وبندق" مع الفنان الراحل عبد المنعم إبراهيم، لكن عندما سنحت لي الفرصة شاركت في مسرحية "لوكاندة الفردوس"، ودخلت السينما وكان عمري وقتها تسع سنوات عام 1962 من خلال فيلم "الليالي الدافئة" مع الفنانة صباح والراحل عماد حمدي، وفي الطفولة قدمت تسعة أفلام حتى عام 1968 ، وأول دور ترك علامة عند الجمهور في مسلسل "القاهرة والناس" عام 1970، وكنت أول مرة أتعرف على نور الشريف الذي تقدم لخطبتي عقب الانتهاء من المسلسل، وكنت مازلت صغيرة علشان كده تم تأجيل الزواج حتى عام 1972. لماذا تمت تسميتك قطة السينما المصرية ؟ لأني دائما كنت أقدم أدوار الفتاة الرومانسية المغلوبة على أمرها التي تجلس في سكينة كالقطة، في انتظار النتيجة ولا تحاول الدفاع عن حقوقها. كما أني قدمت فيلمين بعنوان "ألو أنا القطة" وهو يتحدث عن عالم الجن، والفيلم الثاني "قطة على نار" والفيلمان كانا مع نور الشريف. 80 بالمائة من أعمالك السينمائية مع الفنان نورالشريف .. هل لأنه كان زوجك؟ تمثيلي مع نور الشريف كان نوعا من التحدي الحقيقي للموهبة والقدرة على الإقناع، ويتطلب مني مجهودا مضاعفا في الأداء حتى نخرج من ذهن المشاهد فكرة أننا متزوجان في الواقع، لكن المخرج كان يرى أننا دويتو رائع والمشاعر الصادقة التي تجمعنا في المشاهد كانت حقيقية، وهذا دافع لصالح المخرج، حيث كان يستخدمها في العمل. كما أن كلا منا يفهم أدواته ويبدع أمام الآخر ، والدليل أن جميع الأعمال مع نور نجحت والحمد لله. ألا ترين أن المخرجين حصروا "بوسي" في الأدوار الرومانسية؟ أنا قدمت أدوار الشر في "وحوش الميناء" و "طريق الشر"، وقدمت كذلك أعمالا تختلف عن طبيعتي وشخصيتي وهما "فتوات بولاق" و "فتوة الجبل" وهذه الأعمال تخرج كل طاقات الفنان. كما قدمت أفلام أكشن مثل "العمالقة" و "الكماشة" و "العميلة 42"، وأنا لست ضد الأكشن أو غيره من الالوان السينمائية المختلفة، لكنني ضد توجيه هذه الصناعة إلى مشاهد عنف ودماء دون النظر إلى التأثير السلبي على المجتمع ككل.
هل الرومانسية اختفت من السينما المصرية؟ الرومانسية لن تختفي نهائيا بمرور السنوات، لكن مفردات الرومانسية تختلف من جيل إلى آخر، حيث تمثل العصر الذي يعيشه الشباب، فمثلا الرومانسية في فيلم "بين الأطلال" تعبر عن زمن معين ولا يمكن تكرارها مثل فيلم "حبيبي دائما"، ومع تغير وجهات النظر، فالرومانسية الآن تواجه أزمات اقتصادية لم تكن موجودة في الماضي، ومعظم المشاهد التي تقدم في الأعمال السينمائية في مصر تحمل مشاعر جافة بمعنى أنها خالية من الأحاسيس الشرقية، وهذا عكس الأحاسيس التي قدمتها سعاد حسني في السينما. ما أقرب الأعمال إلى قلبك ؟ فيلم "حبيبي دائما" وهو تم اختياره كرمز من رموز الرومانسية في السينما المصرية ثم "العاشقان" وهو تمثيل وإخراج نور الشريف. أين أعمالك من قضايا المرأة ؟ المجتمع رجل وامراة وكل منهما عنصر فعال ومكمل للآخر ولا أعتقد أن هناك أعمالا بالكامل تتناول مشاكل المرأة ومناقشة ما تتعرض له من عنف وإحباط دورها في الحياة السياسية والمهنية والعائلية ، وقدمت أعمالا ناقشت قضايا المرأة، منها فيلم "النساء" وفيلم "بلاغ ضد امرأة " و "نساء خلف القضبان" و "بلاغ للرأي العام" و "حقد امرأة" وغيرها.
متى نرى بوسي على الشاشة الفضية ؟ السينما وحشتني جدا والغياب عنها ليس مقصودا ، لكنني لن أعود إليها إلا إذا وجدت نصا محترما يناسبني ويضيف لرصيدي الفني ولا يأخذ مني ، فأنا أغلق ملف السينما، بل لم أجد دورا يشدني بعد فيلم "العاشقان"، الآن أبحث عن دور مختلف وليس مجرد التواجد على الساحة، وهناك مشروعات سينمائية مؤجلة وعروض تحتاج الى دراسة فلن أعتزل الفن أبدا.
كيف ترين الفن بعد وصول الاخوان المسلمين للرئاسة ؟ الأوضاع السياسية والاقتصادية تدهورت عقب الثورة، والثورة إنجاز عظيم لجميع المصريين وليس للشباب فقط، وعلينا أن ندعمها حتى تحقق أهدافها، وعن نفسي متفائلة بالمستقبل ومصر ستصبح أفضل في جميع المجالات ومنها الفن. هل تشعرين بالرضا عن مشوارك الفني؟ الحمد لله أنا راضية عن معظم الأعمال في السينما والتليفزيون والمسرح، ولدي رصيد فني معقول يجعلني أدرس أي ورق يقدم لي قبل قبول الدور، وهل هذا الدور يتناسب مع تاريخي الفني أم لا. دخلت السينما وكان عمري وقتها تسع سنوات عام 1962 من خلال فيلم «الليالي الدافئة» مع الفنانة صباح والراحل عماد حمدي ما مقومات الفنان الناجح ؟ العمل الجيد هو مقياس نجاح الفنان سواء في التليفزيون أو المسرح أو السينما، وهناك فنانون أثبتوا وجودهم في المجالات الثلاثة، وآخرون فضلوا التركيز في وسيلة واحدة كانوا الأنجح فيها، والأهم هو الإجادة والصدق في التعبير، فهناك عامل مهم جدا هو ألا يكون التمثيل بهدف الانتشار والوجود فقط لأن فنانا كهذا مستحيل أن يترك بصمة في مشواره الفني. هل فكرت "بوسي" في الاعتزال أسوة بأختها نورا ؟ لا لم أفكر أبدا في الاعتزال لأن السينما دائما أمام عيني ولا يمكن أن أنساها رغم اتجاهي للعمل في المسلسلات التليفزيونية مؤخرا، كبار النجوم يعودون للعمل في السينما بجانب الشباب وهذا شئ طبيعي ومنطقي لتستمر عجلة الإبداع ، والتغيير سنة الحياة وإنني أرحب بالتعاون مع نجوم الشباب في أفلامهم الجديدة على أن يكون مناسبا لي، ويحترم تاريخي و اسمي وأن يضيف الدور لي. كما أرحب كثيرا بالعمل مع نور الشريف باعتباره فنانا كبيرا وقيمة فنية بصرف النظر عن الطلاق، فهو صديق وسند حقيقي لي في الحياة ووالد ابنتي مي وسارة، وبيننا احترام متبادل. أما عن الحجاب فأنا لن أرتدي الحجاب، وأتمنى تقديم فيلم عن العشوائيات في مصر على أن يبرز معاناة أهلها ويطرح بعض الحلول للمهمشين. ما أخر أخبار الفنانة بوسي؟ أقوم الآن بتصوير مسلسل "طيري يا طيارة" مع المخرج ضياء فهمي ويشاركني البطولة مصطفى فهمي ، جيهان فاضل ، ميمي جمال، يوسف فوزي ، مادلين طبر ، منى هلا .. والمسلسل يتناول الفروق بين جيل الآباء وجيل الأبناء، من خلال أبناء السفير الذي يجسد دوره الفنان مصطفى فهمي ، الذي يعاني عدة مشاكل أثناء مواجهته بناته بسبب اختلاف الأفكار. كما انتهيت من تصوير ثلاثية للتلفزيون بعنوان "شهر حبس" إخراج أحمد النحاس وبطولة هشام عبد الله، وتم التصوير بين الإسكندريةوالقاهرة ، وركزنا في الاسكندرية على منطقة بحري "الأنفوشي".